الفيلسوف والعانس والوحدة الوطنية / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
لا تَقْلَقْ أيُّها الْمَوْجُ
/ سَيَخْرُجُ مِن جُثمانِ البَحْرِ ضَوْءٌ غَامِضٌ / يُرْشِدُ النِّسَاءَ إلى جُثَثِ
البَحَّارةِ الغَرْقى / دَمِي ضَوْءُ الْمَنَارِةِ التي تُرْشِدُ السُّفُنَ الغارقةَ
/ والغُروبُ يَدُلُّ دَمِي عَلى دَمِي / تَغْسِلُ الإِمَاءُ بِدِمَاءِ الْحَيْضِ
سُجُونَ العَبيدِ / وأنا المطرُ الذي يَحْفَظُ دَرْسَ الرِّياضياتِ/ كَي يُسَافِرَ
بَيْنَ أرقامِ السُّجونِ الكريستالِيَّةِ وأرقامِ الأضرحةِ الكِلْسِيَّةِ / اقْتَسَمَت العواصفُ التُّفاحةَ /
وصارَ نيوتُنُ عاطلاً عَنِ العَمَلِ / واكتشفَ القَتْلَى قَانونَ الجاذبِيَّةِ في
لَمَعَانِ حِبَالِ المشانقِ / وشَجَرُ الشِّتاءِ حَارِسٌ شَخْصِيٌّ للبَحْرِ في
لَيْلِ الرُّعْبِ /
أيُّها الرَّمْلُ الذي يَبْصُقُ
عَلى زَوْجَتِهِ قَبْلَ الجِمَاعِ/ أيْنَ هِيَ الصَّحراءُ كَي نَزْرَعَ رَاياتِ
القَبائلِ في آبارِ النِّفْطِ ؟ / أيْنَ هِيَ الذِّكرياتُ كَي نُوَزِّعَ الثِّيابَ
الْمُسْتَعْمَلَةَ عَلى الأيتامِ ؟ / أيْنَ تِلالُ الطفولةِ كَي نُوَزِّعَ ثِيَابَ
الحِدَادِ عَلى نِسَاءِ القَبائلِ ؟ / سَيَطْفُو النِّفْطُ عَلى دَمِ الْحَيْضِ / كُلُّنَا
نَنتظِرُ مَوْتَ الصَّحراءِ كَي نَرِثَهَا / كانَ المساءُ نَازِفاً / وكانَ الْحُلْمُ
نزيفاً / رَأى البَحْرُ الأطفالَ يَبْنُونَ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ في الهياكِلِ
العَظْمِيَّةِ / مَاتَ أبي عَلى أثاثِ بَيْتِنَا المهجورِ / وَأَكَلُ البَقُّ
بَراويزَ الذِّكرياتِ / وأنا غَريبُ الدِّماءِ وَغُرْبَةُ الأشلاءِ / وَدُمُوعُ
الخريفِ تَتساقطُ عَلى أزرارِ قَميصي /
أنا وأوراقُ الخريفِ
نَحْمِلُ نَفْسَ فَصيلةِ الدَّمِ / والوَطَنُ مَنْسِيٌّ بَيْنَ الرَّصاصِ الْحَيِّ
والرَّصاصِ المطاطِيِّ / والحضارةُ مَذْبُوحةٌ بَيْنَ حَبْلِ المِشْنقةِ وَحَبْلِ
الغسيلِ/ والأراملُ مَقتولاتٌ بَيْنَ أعوادِ الثِّقابِ وأعوادِ المشانقِ/ والعَوَانِسُ
تائهاتٌ بَيْنَ مَلاقِطِ الغسيلِ ومَلاقِطِ الحواجِبِ / والتاريخُ مَكْسُورٌ بَيْنَ
بَنَاتِ آوَى وَبَنَاتِ أفكاري / والطفولةُ ضَائعةٌ بَيْنَ أعقابِ البَنادقِ
وأعقابِ السَّجَائِرِ / والْمَنَافي مُتَوَهِّجَةٌ بَيْنَ الكَعْبِ العالي وكَعْبِ
البُنْدُقِيَّةِ/والرَّاهِبَاتٌ بَاكِيَاتٌ بَيْنَ خَشَبَةِ الْمَذْبَحِ وخَشَبَةِ
الصَّليبِ/
أنا وَأُمِّي نَنتظِرُ
استلامَ جُثمانِ أبي عِندَ الحاجِزِ العَسكرِيِّ / اقْتُلِيني يَا تِلالَ بِلادي /
لا تَتَذَكَّرْ وَجْهي أيُّها التاريخُ / يَكْفِيني أن أعيشَ في قَلْبِ شَرْكَسِيَّةٍ
تَبْكي في لَيْلِ الشِّتاءِ/ مَاتَ تاريخي بَيْنَ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ ودُستورِ
الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / وتاريخي سَيُولَدُ حِينَ تَزُورُ الشَّرْكَسِيَّاتُ
قَبْري في السَّحَرِ/ العِشْقُ اختراقٌ أَمْنِيٌّ / فَاخْتَرِقْ قَلْبي أيُّها
المطَرُ الوَرْدِيُّ / وَأَقِم الحواجِزَ العَسكرِيَّةَ بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمِي/سَيَظَلُّ
البيانو في لَيالي الشِّتاءِ وَحيداً/الرُّمُوشُ الصِّناعِيَّةُ للمَلِكَاتِ في لَيْلةِ
الانقلابِ العَسكريِّ/ وَضَحِكَاتُ الخريفِ في الْمَمَرَّاتِ الحزينةِ / وَدُمُوعُ
أبي تَتَرَسَّبُ في أَوْعِيَتِي الدَّمَوِيَّةِ / وَالكِلابُ البُوليسِيَّةُ تَفْصِلُ
بَيْنَ العَوَانِسِ والكَنَائِسِ .