وُلِد الناقد الإنجليزي وليام هازلِت ( 1778
_ 1830 ) في ميتري لين ، مايدستون . تلقى تعليمه في المنزل ، وفي مدرسة محلية .
بدأ الكتابة في سن الثالثة عشرة. وفي عام
1793 ، أرسله والده إلى مدرسة يوحنا في ضواحي لندن . يُشار إليها عادة باسم "
كلية هاكني " . ورغم أن التعليم المدرسي الذي تلقَّاه هناك كان قصيرًا
نسبيًّا ، ( تقريبًا سنتان ) ، إلا أنه تركَ انطباعًا عميقًا وثابتًا في حياته .
كان المنهج الدراسي في كلية هاكني واسعًا
جِدًّا ، ويتضمَّن الكلاسيكيات اللاتينية واليونانية والرياضيات والتاريخ والعلوم
، وبالطبع الدِّين .
تمتَّعَ هازلت بالفكر المستقل ، واحترمَ
حقائقَ الأشياء ، واستوعبَ تمامًا الاعتقاد في الحرية وحقوق الإنسان ، والثقة في
فكرة أن العقل قوة فاعلة . ومن خلال نشر المعرفة في كل العلوم والفنون ، يمكن أن
يَتعزَّز الاتجاه الطبيعي في الإنسانية نحو الخير . وقد أبدى إعجابه بأهمية قدرة
الفرد ، والعمل بمفرده وضمن مجتمع داعم ، على إحداث تغيير إيجابي مُفيد .
كان هدف هازلت أن يُصبح فيلسوفًا ، وقد
ركَّز دراساته المكثَّفة على الإنسان كحيوان اجتماعي وسياسي ، وعلى وجه الخصوص ،
على فلسفة العقل ، وهو نظام سَيُعْرَف فيما بعد بِعِلم النفس . وقام بإعداد أطروحة
_ بتفاصيل مُرهقة _ حول " المغالاة الطبيعية للعقل البشري " . وكان هدفه
دحض فكرة أن الإنسان أناني بطبعه . ونُشِرت الأطروحة عام 1805 . وفي هذه الأثناء ،
اتَّسَعَ نطاق قراءته ، وغيَّرت الظروف الجديدة مَسار حياته المهنية . ومع ذلك ،
حتى نهاية حياته ، كان يعتبر نفسه فيلسوفًا. وفي عام 1802 ، سافرَ هازلت إلى باريس
، واطَّلع على العديد من أعمال الفَنَّانين القُدامى المعلَّقة في متحف اللوفر.
وكانت هذه فرصة عظيمة في حياته ، حيث قضى ساعاتٍ طويلة على مدار ثلاثة أشهر ، في
دراسة مجموعات المعرض ، مع التفكيرِ العميق والتحليلِ الدقيق . وهذا ساعده في
تكوين منظومة النقد الفني لَدَيه .
بحث
هازلت عن عمل لكسب قُوت يَومه،وأدَّى غضبه من الأحداث التي وقعت في السياسة
الإنجليزية كردة فِعل على حروب نابليون إلى قيامه _ رغم أنه كان مُفْلِسًا _ بنشر
كُتَيِّب سياسي " أفكار حُرَّة في
الشؤون العامة " ( 1806 ) . وهذا الكُتَيِّب يُعَدُّ محاولة للمُوازَنة بين
المصالح الاقتصادية الخاصة والتطبيق الوطني للأطروحة التي تقول إن الدافع البشري
ليس بطبيعته أنانِيًّا .
في يناير 1812 ، بدأ هازلت مسيرته المهنية
كمُحاضِر ، وذلك مِن خلال تقديم سلسلة من المحاضرات حول الفلاسفة الإنجليز في معهد
راسل في لندن .
وبحلول عام 1814 ، أصبح هازلت يعمل كصحفي ،
وبدأت ظُروفه المالية في التحسُّن ، في ظل وجود دخل ثابت. ورغم أن هازلت استمر في
التفكير في نَفْسه على أنه" ميتافيزيقي" ، إلا أنه بدأ يشعر بالراحة في
دور الصَّحفي .
في 18 يونيو 1815 ، هُزِم نابليون في واترلو
. واعتبرَ هازلت هذه الهزيمة هَزَّةً شخصية . وبدا الحدث بالنسبة إليه بمثابة
نهاية الأمل، لأنه كان يَنظر إلى نابليون كقائد ومُناضِل ضِد الطغيان. وأُصيب
هازلت باكتئاب شديد .
استمرَّ هازلت في كتابة مقالات حول مواضيع
متنوعة في الدَّوريات . بما في ذلك الخطابات السياسية ضد أي شخص يُقلِّل مِن
احتياجات وحقوق الإنسان العادي . مع العِلم أن الأجواء السياسية في إنجلترا في ذلك
الوقت ، كانت قمعيةً وضاغطة على الفرد والجماعة .
يُعتبَر هازلت مِن أعظم كُتَّاب المقالات في
تاريخ اللغة الإنجليزية ، ومِن أهم النُّقاد مِن حيث قُدرته على التعمق في تحليل
مؤلفات معاصريه من الأدباء ، وكذلك مَن سَبَقه مِن كِبار الكُتَّاب .
نال قِسْطًا من التعليم في اللاهوت،
والفن، والفلسفة. ثم بدأ يكتب للصحف والمجلات. وامتاز أسلوب مقالاته فيها بالوضوح
والصفاء ، وجُمعت في كتب أشهرها : " شخصيات مسرحيات شكسبير " ( 1817
) ، و" محاضرات عن الشعراء الإنجليز " ( 1819 ) ، و" حديث المائدة
" ( 1821_ 1822 ) ، و " رُوح العصر " ( 1825 ) .
كان هازلت صورة لمعاصريه مِن الكُتَّاب
والأدباء . وكان صديقًا لوردزورث، وكولردج،
وسوثي، ولام . وأسهمَ
مع كولردج في تأكيد عَظَمَة شكسبير ومُؤلِّفي عصره .