وُلِدَ
الشاعر الروسي يُوسُف برودسكي(1940_ 1996) في لينينغراد ، وتُوُفِّيَ في نيويورك.
حصل على جائزة نوبل للآداب (1987)، وبذلك يكون واحدًا مِن أصغر الكُتَّاب الذين
فازوا بهذه الجائزة . وتَمَّ تعيينه مَلِك شُعراء الولايات المتحدة عام 1991.
وُلِدَ بُرودسكي
في عائلة يهودية في لينينغراد. كان أبوه ألكسندر برودسكي مُصَوِّرًا صحفيًّا
حربيًّا ، وقد تَسَرَّح من الجيش في عام 1950 . كانت أُمَّه ( ماريا ) تعمل
مُحاسِبة .
عانى برودسكي خلال طفولته من الحرب وحصار
لينينغراد ، والفقر في
الفترة بعد الحرب ، ولَم يكن يلتقي أباه إلا نادرًا .
في عام 1942 انتقل هو وأُمُّه من لينينغراد
، ثُمَّ عادا إليها بعد فك الحصار في عام 1944. ترك برودسكي المدرسة دون أن يتم
الصف الثامن ، وتَقَدَّم للمسابقة إلى معهد الملاحة ، لكنه لَم يُقْبَل فيه ، فبدأ
التَّدَرُّب للعمل على فارزة في أحد مصانع
لينينغراد ، وذلك نظرًا للمشاكل التي واجهته في المدرسة ، ولرغبته في دعم أسرته
مالِيًّا .
خلال الفترة القادمة عمل في عِدَّة مهن ،
منها ناظر منارة ، ومُشَرِّحًا في مشرحة
. ومُنذ 1957 في بعثات جيولوجية في البحر
الأبيض وشرق سيبيريا . وخلال
هذه الفترة كان يقرأ قراءة عشوائية وبكثرة، بالدرجة الأولى الأدب الشِّعري
والفلسفي والديني،ويحاول تعلُّم اللغتين الإنجليزية والبولونية .
بَدأت مُلاحقاته
في عام 1963، فاسْتُدْعِيَ للتحقيق أكثر مِن مَرَّة ، ووُضع في مصحة عقلية مرتين.
وفي عام 1964، تَمَّ اعتقالُه لأول مرة ، وحُكم عليه بالسجن والنفي مع الأشغال
الشَّاقة، بتهمة التَّطفل بِحُجَّة أنه لا يَعمل، والإساءة إلى الشِّعر الروسي ،
لأن ما يَكتبه مُجرَّد " خُرافات ".
وحُكم عليه بأقصى عقوبة، وهي العمل في منطقة
نائية مُدَّة خمس سنوات ، فَنُفِيَ إلى محافظة
أرخانغيلسك. وقد
ذَكر برودسكي لاحقًا في إحدى مُقابلاته
الصحفية أنَّ تلك الفترة كانت أجمل فترات حياته ، وخلالها كان يدرس الشعر
الإنجليزي .
لكنَّ كُتَّابًا وشُعراء وفَنَّانين وغَيرهم
، رَفعوا احتجاجًا إلى اللجنة المركزية للحزب
الشيوعي وإلى اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت ، مِن أجل إطلاق سَراحه ، وهكذا أُطْلِقَ
سَراحه بعد ثمانية عشر شهرًا مِن الأشغال الشاقة .
هُرِّبَت بعض قصائده إلى خارج روسيا،
وتُرجمت ونُشرت في أوروبا ، مِمَّا صَعَّدَ مِن مُحاصَرة السُّلطات له ، حيث مُنع
مِن النشر في الصحافة السوفييتية نهائِيًّا . لكنَّ قصائده جُمعت في أوروبا
وأمريكا ، فَصَدرت له في عام 1965 لأول مَرَّة مجموعة " قصائد " ، ثُمَّ
" محطة في الصحراء ".
في عام 1972، تَمَّ اعتقالُه مَرَّة أُخرى ،
وأُجْبِرَ على الرَّحيل من روسيا ، فاختار الرحيل إلى أمريكا ، حيث تُوُفِّيَ فيها
في عام 1996. وهناك أصدر مجموعاته الشِّعرية ومُذكراته ومسرحيته الوحيدة ( المرمر
) .
إنَّ الاضطهاد لَم يَطَلْهُ وَحْدَه
فَحَسْب، وإنما امتدَّ لوالديه، إذ مَنعتهما السُّلطات السوفييتية من زيارة ابنهما
خارج البلاد حتى وفاتهما دون رُؤيته ، ورؤية ذلك اليوم الذي وقف فيه ابنهما أمام
أدباء العالَم مُتَوِّجًا مسيرته الشِّعرية العالمية بِتَسَلُّم جائزة نوبل للآداب في عام 1987.
خَصَّ برودسكي مسقط رأسه ( لينينغراد ) بالكثير من قصائده . وقد بدأ كتابة الشِّعر وهو في
السادسة عشرة مِن عُمره ، حيث كشف مُنذ قصائده الأولى عن مهارة فنية ، وأصالة
فريدة ، ونبرة خاصة ، رَكَّزت عليه انتباه مُحِبِّي الشِّعر ، والسُّلطات أيضًا .
وَلَم يكد يبلغ العشرين مِن عُمره حتى كان
معروفًا باعتباره أهم شاعر مُعارِض وغَير رسمي ، بل أصبحت كُل قصيدة يكتبها
حَدَثًا أدبِيًّا يَهُزُّ أروقةَ الجامعات وأروقةَ المخابرات أيضًا ، إذ يَتناقلها
الناس خُفية بعد أن يستنسخوها بأيديهم .