وُلد الفيلسوف
والمؤرِّخ الأمريكي وليام جيمس ديورانت ( 1885 _ 1981 ) في نورث آدمز من أعمال
ماساتشوستس .
تلقى تعليمه في مدارس نورث آدمز، ومدارس
كيرني من أعمال نيوجيرسي، وهي مدارس تتبع الكنيسة الكاثوليكية،وتلقاه كذلك في كلية
بطرس اليسوعية في مدينة جيرسي وفي جامعة كولومبيا بنيويورك،ولبثَ صيفًا يشتغل
مراسلاً ناشئًا لجريدة نيويورك، وكان ذلك عام 1907 .
لكنه وجد هذا العمل شديد الوطأة على نفْسه،
فلم يحتمل المضي فيه ، فاكتفى بتدريس اللاتينية والفرنسية والإنجليزية وغيرها من
المواد في كلية ستين هول،في سوث أورانج من أعمال نيوجيرسي ( 1907 _ 1911 ) .
وهناك التحق بإحدى حلقات الدرس عام 1909،
لكنه عاد فتركها عام 1911 لأسباب ذكرها في كتابه "مرحلة التحول" ،
وانتقل من تلك الحلقة الدراسية إلى الدوائر المتطرفة في نيويورك، وهناك اشتغل
بالتدريس في مدرسة فرر ( 1911 _ 1913 ) ، فكانت تلك الفترة بمثابة التجربة في
التربية الحرة .
وفي عام 1912 ، طافَ بأرجاء أوروبا على نفقة
"أولدن فريمان"، الذي صادقه وتعهَّد أن يُوسِّع من آفاقه.
وفي عام 1913،ركَّز اهتمامه في الدراسة
ليحصل على الدرجة الجامعية من جامعة كولومبيا، وتخصص في علم الحياة متتلمذًا على
مررجَنْ وكالْكِنْز . وفي الفلسفة متتلمذًا على وودبردج وديوي. ونال درجة الدكتوراة
من تلك الجامعة عام 1917. وأخذ يُعلِّم الفلسفة في جامعة كولومبيا عامًا واحدًا ،
ثم بدأ يُلقي في عام 1914 في إحدى الكنائس محاضرات في الفلسفة والأدب ، التي صارت
فيما بعد مادةً لكتابَيْه " قصة الفلسفة " و " قصة الحضارة "
.
كان معظم المستمعين إليه في تلك المحاضرات
من العُمَّال والعاملات الذين كانوا يتطلبون وضوحًا تامًّا وعلاقة تربط ما يُقال
بالحوادث الجارية. كانوا يتطلبون ذلك في كل المواد التاريخية التي تُعتبَر جديرة
بالدرس .
وفي عام 1921 ، نظَّمَ مدرسةَ ليِبَرْ تمبل
، التي أصبحت تجربة من أنجح التجارب التي أُجرِيت في تربية الكبار في العصر الحديث
، ثم تركها عام 1927 ، لِيُكرِّس نفسه لكتاب "قصة الحضارة" وطاف بأوربا
مرة أخرى عام 1927 ، وطوَّف بالعالَم عام 1930 ، ليدرس مصر والشرق الأدنى والهند
والصين واليابان، وعاد فطوَّف بالعالَم من جديد عام 1932 ليزور اليابان ومنشوريا
وسيبيريا وروسيا ، وهو يرجو لنفسه في الخمسة الأعوام المقبلة ، التي تلت إخراج هذا
الجزء من قصة الحضارة ، أن يُنفق عامًا في اليونان وإيطاليا ليأخذ أهبته للجزء
الثاني من "قصة الحضارة ".
ومعَ أن ديورانت تلقى تعليمًا كاثوليكيًّا ،
إلا أنه تعرَّض لحالة تحوُّل جذري، فاتَّجه إلى الفلسفة ونال فيها الدكتوراة ،
وصار أستاذًا في جامعة كولومبيا. غير أنه أيضًا لَم يتحمَّل رتابة العمل ، فهو
يميل إلى الانطلاق والمغامرة ، فانطلقَ حُرًّا يُلقي سلسلة من المحاضرات عن القادة
والأبطال الذين تركوا تأثيرهم على حياة البشر، ثم نشر كتابه " قصة الفلسفة
" ، فلقي رواجًا كبيرًاً مكَّنته عوائده المالية من التحرر من رباط الوظيفة .
ثم أصدر كتابه " مرحلة التحول "
وهو يُصوِّر طفرة الفكر التي انتابته وانفكاكه من أَسر البرمجة الثقافية ، وتحرُّر
عقله من الأفكار المسبقة .
ثم أصدر كتابه " مباهج الفلسفة "
بمجلدَيْن ، ثم كتاب " مغامرون في بحار العبقرية " ، ثم تفرغ لمشروعه
الكبير " قصة الحضارة " ، وفي الجزء (39) وَعَدَ بأن يُصدر كتابًا
مستقلاًّ عن عِظات التاريخ ، وقد وفى بذلك
.
وله كتاب بعنوان " تفسير الحياة "
، وآخر بعنوان " سيرة حياتنا "، وهو سيرة حياته وحياة زوجته التي أضاف
اسمها على أغلفة الأجزاء الأخيرة كمُشاركة في التأليف، وعند نهاية حياته أنجزَ
كتابه الأخير " أبطال من التاريخ " . وتُوُفِّيَ وهو في السادسة
والتسعين من العُمر .
تزوَّج ديورانت من أرييل، التي كانت أصغر
منه بحوالي 13 سنة، وأنجبت له ابنته الوحيدة أثيل، كما كان لهما ابن بالتَّبَنِّي يُسمَّى لويس
.