حَاجِزٌ عَسْكَرِيٌّ
بَيْنَ نَهْدَيْكِ أيَّتُها الذُّبَابةُ القَتيلةُ / وَنُهُودُ النِّسَاءِ
مُلْقَاةٌ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والرَّقيقُ الأبيضُ في السُّوقِ
السَّوْدَاءِ / جُثَّةٌ مَجهولةُ الهُوِيَّةِ بَيْنَ الرَّهائنِ والغنائمِ /
أنا
الجُنديُّ المجهولُ في مَمْلَكَةِ فِئْرَانِ التَّجَارُبِ / أنا الغُصْنُ المنبوذُ
في شَجَرَةِ الأضرحةِ / وَدُمُوعُ الأراملِ تَتَسَاقَطُ في آبَارِ القُرَى
المَنْسِيَّةِ/ وَلَمْ أَكُنْ أتَصَوَّرُ أنَّ كُلَّ هَذِهِ الأحزانِ في قَلْبي/
سَأبِيعُ دُمُوعي في المَزَادِ العَلَنِيِّ / وأشتري أكْفَانًا مُسْتَعْمَلَةً
للغريبِ السَّاكِنِ فِيَّ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاعَ / وَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ شَيْءٌ
نَبْكِي عَلَيْهِ /
ذَهَبْتُ
إلى ضَوْءِ الاحتضارِ في آخِرِ النَّفَقِ / وَبَقِيَ مِلْحُ دُمُوعي في الخنادقِ
التي تَقْصِفُهَا الطائراتُ / العُمَّالُ الفُقَرَاءُ في مَنَاجِمِ الذَّهَبِ/
يَمُوتُونَ تَحْتَ الأرضِ مُحَاصَرِينَ / والفَرَاشَةُ تَرْكُضُ إلى انتحارِها /
وَبَقِيَ قَمِيصُ النَّوْمِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ / والجُثَثُ المَجهولةُ عَلى
الأثاتِ المُسْتَعْمَلِ حَوْلَ مَوْقَدَةِ الشِّتَاءِ الكريستاليِّ /
الأسلاكُ
الشَّائكةُ تَفْصِلُ رُمُوشي عَنِ البَحْرِ / والحواجزُ العَسكريةُ تَفْصِلُ
ضَفَائِرَ أُمِّي عَن جُثمانِ أبي / أنا المُغَنِّي المَنْسِيُّ بَيْنَ حُطَامِ
السُّفُنِ / صَوْتي مَبْحُوحٌ كأوراقِ الخريفِ / وَثُقُوبُ جِلْدِي مَفتوحةٌ أمامَ
فِئرانِ السَّفينةِ/ والمطرُ كَسَرَ قِيثارتي / ومَاتَ النَّهْرُ بَيْنَ
عَشِيقَتِهِ وَجِيفَتِهِ /
سُعَالُ
أُمِّي في لَيالي الشِّتاءِ / يَدُلُّ طُيُورَ البَحْرِ عَلى جُثمانِ أبي
المُحَنَّطِ في دَمْعِ التُّفَّاحِ / أنا الشَّجرةُ الوَحيدةُ في المقبرةِ
الوَرْدِيَّةِ / مَنْفِيٌّ في مَرَايا الصَّهيلِ / مَكْسُورٌ في مَزْهَرِيَّاتِ
الهديلِ / تَتَشَمَّسُ أشلائي عَلى شَاطِئِ الرَّحيلِ / وَتَنتظِرُ القَرَاصِنَةَ
الرُّومَانسِيِّينَ تَحْتَ شَمْسِ الرَّبيعِ الرَّمَادِيِّ / وَأنتظِرُ
البَحَّارَةَ الغَرْقَى كَي نَزْرَعَ الأزهارَ البلاستيكِيَّةَ في تَابُوتِ
الرُّبَّانِ /