سَفِينتي تَغرَقُ /
وجُثتي تَطْفُو عَلى سَطْحِ البَحْرِ / وأسماكُ القِرْشِ تَتَقَاتَلُ عَلى اقتسامِ
عِظَامي / مَاتَ الضَّوْءُ في شَراييني النُّحَاسِيَّةِ / وأشلائي هِيَ نباتاتُ
الزِّينةِ البلاستيكيةُ / وَبَرِيقُ عُيُونِ الشَّركسياتِ هُوَ ضَوْءُ المَنَارَةِ
عَلى شَاطِئِ الرَّحِيلِ /
الفَرَاشَاتُ تُطَارِدُ خُدُودَ الشَّركسياتِ بَيْنَ نَخِيلِ الغُروبِ /
والذِّكرياتُ خَنْجَرٌ يَحْفِرُ اسْمَ الدُّموعِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ /
والعُشَّاقُ كَتَبُوا أرقامَ نُعُوشِهِم عَلى زُجاجِ نافذتي / وغَابُوا بَيْنَ
أشجارِ المقابرِ ونَعناعِ الشَّايِ / وتَرَكُوا لِيَ البُكَاءَ في لَيْلِ
الشِّتاءِ الطويلِ /
وَرَّثَنَا
آباؤُنا هَزَائِمَهُم / وَرَحَلُوا إلى الذِّكْرَيَاتِ القَاتِلَةِ وَالهُوِيَّاتِ
المَقْتُولَةِ / فَكُونِي رَصَاصَةَ الرَّحمةِ في غَابَاتِ قَلْبي / كَي أتَذَكَّرَ
ضِحكةَ السَّنابلِ بَيْنَ ضَوْءِ القَمَرِ وَمَسَامِيرِ نَعْشي/ حَرِّرِينِي مِن
طَيْفِكِ في المَسَاءِ الشَّتَوِيِّ/ كَي أنامَ بَيْنَ وَصِيَّةِ المحكومِ
بالإعدامِ وَصَوْتِ الرَّعْدِ / أنا مُنذُ قُرُونٍ لا أنامُ / فاكْتَشِفِي
غُرْبَةَ الدَّمْعِ بَيْنَ شَظَايَا قَلْبي المكسورِ وَفُوَّهَاتِ المَدَافِعِ في
الحُروبِ الأهْلِيَّةِ /
أيُّها
الضَّبابُ الذي يَغتَصِبُ أجراسَ الكَنَائِسِ / اكْسِر الصَّليبَ واتْبَعْنِي إلى
بَرِيقِ الأمطارِ في الفَجْرِ/ وَخْزُ حَبْلِ المِشْنَقَةِ على الرَّقَبَةِ
النَّاعِمَةِ / رَنينُ نَصْلِ المِقْصَلةِ عَلى العُنُقِ الأملسِ / وأنا سَاعِي
البَرِيدِ / أنقلُ رَسَائِلَ سَجَّانَتِي إلى النَّهْرِ الحزينِ / لكنَّ أشلائي
مَنْثُورَةٌ عَلى نَافِذَةِ سِجْنِي / التي تُطِلُّ عَلى البَحْرِ الدَّمَوِيِّ /
تاريخُ أمعائي بِرْمِيلُ نِفْطٍ / وجُغرافيا أوْرِدَتِي رِمَالٌ مُتَحَرِّكَةٌ /
أيَّتُها
الشَّركسيةُ الطاهرةُ كَمِلْحِ الدُّموعِ / ارْكُضِي في غَابَاتِ القُوقازِ / ولا
تَمْشِي في جِنَازتي / سَتَمْشِي طُيُورُ البَحْرِ في جِنَازتي / وَمَا زِلْتُ
أسْمَعُ دَقَّاتِ الكَعْبِ العَالِي عَلى الرَّصيفِ في ليالي الخريفِ الجارحةِ/وَمَا زِلْتُ أسْمَعُ صُرَاخَ البَحَّارَةِ الغَرْقِى في الليلِ الرَّهِيبِ/