يَنْتَظِرُني
مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ بَيْنَ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ والمقابرِ الجمَاعِيَّةِ/
عِشْتُ في مَرْفَأ السَّرَابِ وَحِيدًا / لَم يَعْرِفْ وَجْهِي غَيْرُ البَحْرِ
اليَتِيمِ / وَلَم يُحِبَّني غَيْرُ القِطَطِ المُشَرَّدَةِ / لا تاريخٌ لِمِلْحِ
دُمُوعي سِوى الأعلامِ المُنَكَّسَةِ / ولا جُغرافيا لِهَيْكَلِي العَظْمِيِّ
سِوَى أزِقَّةِ الجَرَادِ / وَعِندَما أَمُوتُ سَتُحِبُّونني/ تُلاحِقُونَ طَيْفِي
بَيْنَ أشجارِ الصَّنَوْبَرِ في لَيْلِ الأضرحةِ الأُرْجُوَانِيَّةِ /
سَامِحُونِي
أيُّها الأطفالُ الذينَ يَبِيعُونَ العِلْكَةَ عَلى إشَارَاتِ المُرُورِ / نَسِيتُ
البُوظَةَ في ثَلاجَةِ الجُثَثِ / أتَبَادَلُ الرَّسَائِلَ الغَرَامِيَّةَ مَعَ
ابنةِ حَفَّارِ القُبُورِ / وأجنحةُ الحَشَرَاتِ بُوصَلَةٌ تُرْشِدُ طُيُورَ
البَحْرِ إلى مَوْقِعِ قَبْرِي في غَابَاتِ المَطَرِ الوَرْدِيِّ / الأعاصيرُ
سَتُطْلِقُ اسْمِي عَلى رَصِيفِ المِيناءِ بَعْدَ اغتيالي / خَدَعَنِي البَحْرُ /
لَكِنِّي أعْشَقُ الأمواجَ / خَانَتْنِي الرِّمَالُ / لَكِنِّي أعْشَقُ
الصَّحْرَاءَ /
لا تَضْغَطْ
عَلى أعصابي يا دِفْءَ فِرَاشِ المَوْتِ / الجَمَاجِمُ مُعَلَّقةٌ عَلى حَبْلِ
الغَسِيلِ / لا تُحْرِقْ ذِكرياتي يَا مَطَرَ الوَدَاعِ / جَدَائِلُ النِّسَاءِ
تَحْتَ بَسَاطِيرِ الجُنودِ /
لَن يَعِيشَ
الذِّئبُ في المُسْتَنْقَعِ / الرِّيحُ تُبَلِّطُ البَحْرَ بِرُخَامِ المقابرِ /
لَن يَعِيشَ الصَّقْرُ تَحْتَ الأرضِ/ الأمواتُ يُنَقِّبُونَ عَن الذَّهَبِ في
مَنَاجِمِ الاحتضارِ / وأنا المنبوذُ / أُفَتِّشُ عَن عُكَّازِ أبي تَحْتَ أنقاضِ
بَيْتِنا / وأُفَتِّشُ عَن كُحْلِ أُمِّي في بِئْرِ الجُثَثِ /
سَيَذهَبُ
العَاشِقَانِ إلى فِرَاشِ الزَّوجيةِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وأذهبُ إلى فِرَاشِ
المَوْتِ في لَيْلَةٍ خريفيةٍ باردةٍ / فيا أيَّتُها العاصفةُ المُخْمَلِيَّةُ /
خُذي لِي صُورةً تَذكاريةً وأنا عِلى فِرَاشِ المَوْتِ / إنَّ احتضاري طَابَعُ
بَرِيدٍ تَذكَارِيٌّ/ يَلْتَهِمُ البَقُّ بَرَاوِيزَ الذاكرةِ / وتأكلُ الدِّيدانُ
لَحْمي الطازَجَ /
مَصِيرُ
الفَراشةِ كَمَصِيرِ الدَّجاجةِ المذبوحةِ في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ /
الذي هَجَرَهُ العُشَّاقُ / وَذَهَبُوا إلى المَوْتِ البَطِيءِ/ الحُزْنُ في
شَظَايَا قَلْبي كَالْمِلْحِ في دَمْعِ عَيْنَيْكِ / دِفْءُ فِرَاشِ المَوْتِ في
ليالي الشِّتاءِ الطويلةِ / وَسُخُونَةُ دَمْعِ العُشَّاقِ عِنْدَ الغُروبِ/
لَحْمي رُخامٌ مُسْتَوْرَدٌ لِتُرَابِ المقابرِ/والزَّوابعُ تُبَلِّطُ حَنجرتي
بأجنحةِ الحَشَرَاتِ/ فَابْحَثْ عَن امرأةٍ في حُطَامِ قَلْبِكَ / تَبْكي
عَلَيْكَ بَعْدَ مَوْتِكَ / واشْكُر المَوْتَى الذينَ زَيَّنُوا شَوَاهِدَ
قُبُورِهِم قَبْلَ مَوْتِهِم / إنَّ دَمَ البَحَّارَةِ الغَرْقى يَتَوَهَّجُ /
كَمَا يَتَوَهَّجُ المِلْحُ في دُمُوعِ فِئْرَانِ التَّجَارُبِ /