اكْتَشَفْتُ وَطَنًا
يَمُوتُ بَيْنَ ألواحِ صَدْري وألواحِ نَعْشي / فَكُونِي وَطَنِي حِينَ يَسْرِقُ
المَنْفَى جَدَائِلَ أُمِّي/ انكَسَرَتْ عُكَّازَةُ أبي في أزِقَّةِ الجِرذان/
وأنا البَحَّارُ الغريقُ/ أنتظرُ استلامَ جُثمانِ البَحْرِ عِندَ الحاجِزِ العَسْكَرِيِّ
/ وَجُثْمَانُ البَحْرِ هُوَ جُثْمَانِي/ حِينَ يَتَحَطَّمُ الهديلُ بَيْنَ
المزهرِيَّاتِ والمرايا /
الرَّاهباتُ
مَصْلُوبَاتُ عَلى أبراجِ الكَنَائِسِ تَحْتَ أمطارِ الليلِ / خَانَتْنِي
الرِّمَالُ المُتَحَرِّكَةُ / لَكِنِّي أبكي عَلى الصَّحراءِ حِينَ يَغتَصِبُهَا
السَّرابُ / دَمُ الحَيْضِ للرَّاهِبَاتِ عَلى ثَلْجِ الطُّرُقَاتِ الأزرقِ/ الذي
يُوصِلُ إلى الدَّيْرِ المهجورِ في لَيَالِي الشِّتَاءِ / فَيَا أيَّتُها
الذُّبابةُ المَجروحةُ عَاطِفِيًّا / سَوْفَ يَقْتُلُكِ ضَوْءُ القَمَرِ بَيْنَ
رَغْوَةِ الدَّمِ وَرَغْوَةِ القَهْوَةِ /
أنا غُربةُ
الفِضَّةِ في قِلادَةِ البُحَيرةِ الخائنةِ / والغُرَبَاءُ زَرَعُوا الذِّكرياتِ
في أسمنتِ القُلوبِ / ونَسُوا تَقْبِيلَ أطْفَالِهِم / وَذَهَبُوا إلى المَوْتِ
وَاثِقِينَ مِنَ رَائِحَةِ الكَرَزِ في حَدَائِقِ البُيُوتِ المهجورةِ /
أغشيةُ
البَكَارَةِ مُعَلَّقَةٌ عَلى حَبْلِ الغسيلِ كَمَنَادِيلِ الوَدَاعِ/ وأنا
القاتلُ في لُغَةِ الضَّبابِ / المقتولُ في أبجديةِ الرَّحيلِ/ لماذا تُطْلِقُ
عَلَيَّ النارَ يا ضَوْءَ القَمَرِ ؟/ الطحالبُ تُزَيِّنُ أوْعِيَتي
الدَّمَوِيَّةَ / والجَرَادُ يُزَيِّنُ حِيطَانَ غُرْفَتي / وأشلائي عَلى
فُرْشَاةِ أسناني / لَكِنِّي أمشي إلى البَحْرِ في المساءِ الحزينِ / والأيتامُ
يَبْحَثُونَ عَن عُكَّازَاتِ آبَائِهِم تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ / وَيَبِيعُونَ
جَدَائِلَ أُمَّهَاتِهِم عَلى إشَارَاتِ المُرُورِ / والزَّوابعُ تُفَتِّشُ عَن
جُمْجُمَتِي في الحقيبةِ المدرسِيَّةِ أوْ حَقِيبةِ السَّفَرِ /
أمعائي
شَجَرَةُ بُرْتقالٍ وَحِيدَةٌ في بَرَارِي الكُوليرا / وَدُمُوعي تَحْفِرُ في
وِسَادتي خَنَادِقَ للأغرابِ وآبَارًا للغُرَبَاءِ/ وَسُعَالي بُرْجُ مُرَاقَبَةٍ
في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ / وُجُوهُ المَوْتَى تتساقطُ في ثُقُوبِ جِلْدِي/
والأطفالُ يَبْنُونَ القُصُورَ الرَّمْلِيَّةَ بَيْنَ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم
وَدُمُوعِ المَوْجِ /
لا
تَقْلَقُوا أيُّها القَتْلَى الرُّومَانسِيُّون / سَيَنْمُو التُّفَّاحُ في فِرَاشِ
المَوْتِ / وتَعُودُ طُيُورُ البَحْرِ إلى نوافذِ القُصُورِ الرَّمْلِيَّةِ / التي
هَدَمَهَا المَوْجِ قَبْلَ أن يَبْتَلِعَ الأطفالَ في لَحْنِ الوَدَاعِ الأخيرِ /