أنا الجُثْمَانُ
المُحَنَّطُ في مَتَاحِفِ الغُزاةِ/ أَحْرُثُ جَسَدَ المطرِ بَحْثًا عَن أحلامِ
الطُّفولةِ الضَّائعةِ / والرِّيَاحُ تَحْرُثُ جَدَائِلَ أُمِّي بَحْثًا عَن
نَهْرِ الوَدَاعِ/ وَلَمْ أَسْتَفِدْ مِن أعلامِ القَبائلِ المُنَكَّسَةِ إلا
الطَّعْنَ في الظَّهْرِ / وَسَرِقَةَ المِلْحِ مِن خُبْزِ أُمِّي / دِفْءُ فِرَاشِ
المَوْتِ في ليالي الخريفِ الباردةِ / والمَوْجُ يَنْكِحُ بَوَّابَةَ المَقبرةِ /
والأطفالُ القَتلى يَغرَقُونَ في دِمَائِهِم وَضَفَائِرِ أُمَّهَاتِهِم /
سَقَطَ
تَارِيخُنا عِندَما سَقَطَت الأوسمةُ العسكريةُ في آبارِ النِّفْطِ / وَسَقَطَت
الحضارةُ عِندَما سَارَ قَطِيعُ الغَنَمِ إلى حَافَةِ الجَبَلِ / وانكَسَرَ
مِزْمَارُ الرَّاعي تَحْتَ وَمِيضِ البَرْقِ / ومَاتَ الرَّاعي والرَّعِيَّةُ /
كَيْفَ
عَرَفَ حَارِسُ المقبرةِ خَارِطَةَ ضَرِيحي بِلا دَلِيلٍ سِيَاحِيٍّ ؟/ كَيْفَ
عَرَفَ حَفَّارُ القُبورِ عَنَاوِينَ القَتلى ؟ / كَيْفَ عَرَفَتْ أشجارُ الكَرَزِ
رَقْمَ صُندوقِ بَريدي ؟ / تَمُوتُ الرِّمالُ المُتَحَرِّكَةُ في مَعركةِ
السَّرابِ / والعناكبُ تأكلُ حَلَمَاتِ النِّساءِ القَتيلاتِ /
كُنْتُ
سَأصِيرُ رُومَانسِيًّا / لَوْ لَمْ يَتَجَسَّد الشَّيطانُ في المَرْأةِ / كُنْتُ
سَأصِيرُ شَجَرَةً / لَوْ لَمْ تَتَجَسَّدْ حِبَالُ المشانقِ في السَّنابلِ/
قَلْبي يُرَاوِدُ الرَّصاصةَ عَن نَفْسِها/فيا أيَّتُها الرَّاهبةُ المشلولةُ/
كَيْفَ تَمْشِينَ إلى غُرفةِ الاعترافِ في ليالي الصَّقيعِ ؟ / الصَّليبُ يَحْفِرُ
الطريقَ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ كَسِكَّةِ الحديدِ / ونَصْلُ المِقصلةِ بَيْنَ
الرِّئَتَيْنِ / فَكَيْفَ تَتَنَفَّسِينَ شَظَايَا الأُنوثةِ ؟ / الحَلِيبُ
البَنَفْسَجِيُّ يَسِيلُ عَلى الثَّلْجِ الأزْرَقِ / وأشجارُ البُرتُقَالِ
تَطْلُعُ مِنَ الهَيَاكِلِ العَظْمِيَّةِ /
أنا
المَلِكُ المَخْلُوعُ / والسَّبايا فَي قَصْري المهدومِ مَجروحاتٌ عاطفيًّا /
دُوَيْلَةٌ لَقِيطَةٌ بَيْنَ مُلوكِ الطوائفِ وشُيوخِ القَبائلِ/ عَلَمٌ مُنَكَّسٌ
بَيْنَ شُيوخِ القبائلِ وأُمَرَاءِ الحُرُوبِ / والحَشَرَاتُ تُحَنِّطُ نُهُودَ
رَاعِيَاتِ الغَنَمِ في آبَارِ النِّفْطِ /
أَوْصَى
النَّهْرُ بالتَّبَرُّعِ بِأعْضَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ للبُحَيْرَةِ الخائنةِ/
وأنا المُهَاجِرُ في أوردتي البلاستيكيةِ/ أحْشُو بُنْدُقِيَّتي بِدُمُوعي
كَالذَّخِيرَةِ المَغشوشةِ / وَفِرَاشُ مَوْتي لَوْحَةٌ فَنِّيةٌ في مُتْحَفِ
القَبائلِ / التي تَتصارعُ عَلى مِلْحِ الدُّموعِ وآبارِ النِّفْطِ وقُمصانِ
النَّوْمِ للجَوَارِي /