عِندَما
يَفْتَرِسُنِي بَرِيقُ عُيُونِ الشَّركسياتِ في الغُروبِ/ أَتَحَرَّرُ مِنَ
الجَاذِبِيَّةِ / وأسْبَحُ في الغُيومِ / فيا أيَّتُها البُحَيرةُ المشلولةُ /
امْنَحِي الغريقَ فُرْصَةً كَي يَقْتُلَ الحُزْنَ في عَيْنَيْكِ /
المَقتولُ يَسْمَعُ صَوْتَ المَطَرِ /
لَكِنَّهُ يَعْزِفُ عَلى البيانو في طُرُقَاتِ السُّلِّ / جُثتي طَافِيَةٌ عَلى
طَحَالِبِ المُسْتَنْقَعِ / فَلا تَكْرَهِيني يا أُمِّي / ولا تُشْفِقْ عَلَيَّ
يَا ضَوْءَ القَمَرِ / سَأكُونُ رُومَانسِيًّا حِينَ تَبِيعُ الأراملُ الخُضَارَ
أمامَ المَحَاكِمِ العَسْكَرِيَّةِ /
أيَّتُها الشَّركسيةُ الغامضةُ التي
تُحَلِّقُ في غَابَاتِ القُوقازِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / سَوْفَ تَجِدِينَ
شَظَايَا جُمْجُمَتِي عَلى أجنحةِ الفَرَاشَاتِ/ جَسَدي مَعَ البُحَيرةِ / وقَلْبي
مَعَ العَاصِفَةِ / هَل أنا مُخْلِصٌ أَمْ خَائِنٌ ؟ / هَل دِمَائِي سُنبلةٌ أَمْ
أرْزَةٌ ؟ / سَتَكْسِرُني الرِّيحُ في فَجْرِ يَوْمٍ خَرِيفِيٍّ / وَلَن تُفَرِّقَ
أُمِّي بَيْنَ قَطَرَاتِ المَطَرِ وَقَطَرَاتِ دَمِي / والبَدْوُ الرُّحَّلُ
يَكْتُبُونَ دُستورَ الوَحْدةِ الوطنيةِ / والقَرَاصِنَةُ يَكْتُبُونَ دُستورَ
رُعْيَانِ الغَنَمِ / ماتَ الرَّاعي / وانكسرَ المِزْمَارُ / والقَطِيعُ يَسِيرُ
إلى حَافَةِ الجَبَلِ /
أشجارُ المقابرِ تَشْرَبُ دَمِي السَّاخِنَ
بِدَمٍ بَارِدٍ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تُبَخِّرُ دُمُوعي في ليالي الشِّتاءِ
الحزينةِ / وَلَمْ يَبْقَ إلا المِلْحُ عَلى وِسَادَتِي المُشَقَّقَةِ / أَحْرَقَ
الإعصارُ فِرَاشَ الزَّوْجِيَّةِ / وَذَهَبَ العَاشِقُونَ إلى فِرَاشِ المَوْتِ /
وَبَقِيَتْ طَاوِلاتُ المَطْعَمِ وَحِيدَةً / كُلَّمَا رَأيْتُ امرأةً جَميلةً في
آخِرِ لَيَالي الصَّيْفِ / رَأيْتُهَا عَلى فِرَاشِ المَوْتِ في لَيْلَةٍ
خَرِيفِيَّةٍ بَارِدَةٍ/ مَرَافِئُ الاحتضارِ مَزْرُوعَةٌ بِكَامِيراتِ
المُرَاقَبَةِ والحواجزِ العَسكرِيَّةِ / كُلَّمَا أرَدْتُ أن أعْشَقَ السَّرَابَ
في صَحْرَاءِ العِشْقِ / تَذَكَّرْتُ مَلَكَ المَوْتِ / المَوْتُ قَضَى عَلى الرُّومَانسِيَّةِ/
فَاعْشَقِينِي أيَّتُها الغُيومُ البَعِيدةُ/ واحْزَنِي عَلَيَّ / سَتُطَالِبِينَ
بِدَمِي بَعْدَ اغتيالي / وَسَاعِدْنِي أيُّها السَّرَابُ الأُرْجُوَانِيُّ / كَي
نَقْتُلَ الحُزْنَ في قَلْبِ الفَرَاشَةِ /