وُلِد الشاعر
الإنجليزي ألكسندر بوب ( 1688_ 1744 ) في بلاوفيلد، لندن . كان والده تاجر كِتَّان
. وكانت عائلته كاثوليكية . وقد تأثر تعليم بوب بقانون العقوبات المعمول به في
ذلك الوقت ، والمأخوذ من كنيسة إنجلترا،
والتي حظرت على الكاثوليك التدريس ودخول الجامعات والوظائف العامة . تَعَلَّمَ بوب
القراءة مِن عَمَّته، ثم توجه إلى مدرسة توايفورد في عام 1698 ،
ثُمَّ توجَّه إلى مدرستين كاثوليكيتين في لندن . ورغم أن هذه المدارس كانت غير
مشروعة، تَمَّ التغاضي عنها في بعض المناطق .
قام بوب بتعليم نفسه ، وذلك بقراءة أعمال
الكُتَّاب الكلاسيكيين وشعراء الملاحم ، ودرس أيضا العديد من اللغات، وقرأ أعمال
الشُّعراء بالإنجليزية والفرنسية والإيطالية واللاتينية واليونانية.
كان بوب يُعاني من مشاكل صحية عديدة وهو
بِعُمر اثني عشرة عامًا، مِثل مرض ( بوت )، وهو نوع مِن السُّل يُصيب العظام
، وقد شَوَّه بُنيته وجعله يتوقف عن النمو ، وتركه أحدب . وتسبَّبَ مرض السُّل في
مشاكل صحية أخرى بما في ذلك صعوبات في التنفس، والحمى الشديدة، والتهاب العيون،
وآلام في البطن . ولَم يتجاوز طوله 1.37 مِتر . وكان مَعزولاً مِن المجتمع لأنه
كان كاثوليكيًّا ، وزادت صحته السيئة مِن عُزلته أكثر . لَم يَتزوَّج بوب قَط .
ولكن ، كان لديه الكثير من الصديقات ، وكان يكتب لهن رسائل ظريفة .
في مايو 1709 ، قام
بوب بنشر الشعر الريفي في الجزء السادس من كتاب تونسون المسمَّى " مُنوَّعات
شعرية".وهو ما حَقَّقَ لبوب الشهرة الفورية .
وفي عام 1713 نشر " غابات وندسور" وحقَّق نجاحًا جَيِّدًا . في عام 1714
، بدأ الوضع السياسي يزداد سُوءًا مع وفاة الملكة آن ، والتنازع على الخلافة بين بيت هانوفر وحركة اليعاقبة،
ما أدَّى إلى اندلاع التمرد اليعقوبي عام 1715 .
وكان مِن المتوقَّع مِن بوب ككاثوليكي أن يُؤيِّد اليعاقبة، بسبب انتماءاتهم
الدينية والسياسية ، ولكن موقفه بقي غير واضح .
كان بوب قد فُتِن بهوميروس منذ
الطفولة . وأعلن في عام 1713 عن خطط لنشر ترجمة الإلياذة ، حيث سيكون العمل
مُتاحًا من خلال الاشتراك ، مع ظهور مجلد واحد كل سنة على مدى ست سنوات. وضمن بوب
صفقة ثورية مع الناشر، والتي جلبت له مِئَتي جنيه للمجلد، وهو مبلغ كبير جِدًّا في ذلك الوقت .
عمله المسمَّى " مقالة عن الإنسان
" هو قصيدة فلسفية، كُتبت في مقاطع بطولية، ونُشِرت في الفترة ( 1732_ 1734)
. وكان يهدف بوب أن تكون هذه القصيدة قطعة محورية في النظام المقترح للأخلاق الذي
أراد طرحه في الأشكال الشعرية . وكان هذا العمل محاولة لتبرير مشيئة الله في حياة
الإنسان، وأن الإنسان ليس هو نفْسه محور كل شيء. والمقالة ليست مسيحية بشكل مفرد،
ومع ذلك فإنها تقوم بافتراض أن الرجل قد أخطأ ، ويجب أن يسعى للخلاص .
اعْتُبِر
بوب في زمن وفاته أحد أعظم شعراء عصره. ومع ذلك فقد بدأت أساليب جديدة تظهر في
الشعر بحلول منتصف القرن الثامن عشر. وبعد مرور عَقْد مِن وفاة بوب ، لَم يعد نمط
بوب في الشِّعر يُمثِّل الشكل الفني الممتاز .
وفي القرن العشرين ، حاول بعض الأدباء أن
يعيدوا إحياء سيرة بوب، وكانت محاولاتهم ناجحة. وأصبحت أعمال بوب الآن مليئة
بالإشارات والهوامش عن الناس والأماكن في زمنه،وساعد هذا القُرَّاء على فهم الماضي.
حَملت العقود الأخيرة من القرن العشرين
المزيد من التحديات لِسُمعة بوب الأدبية. وانطلقت هذه الانتقادات من منظور نظري،
مثل الماركسية والنَّسوية وغيرها من أشكال مابعد البنيوية .
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، قامت الناشطات
النسويات بانتقاد أعمال بوب ، واتِّهامه باتِّباع تقليد مُعادٍ للنساء ، والنظر
إلى المرأة على أنها أقل شأنًا مِن الرجال ، سواءٌ فكريًّا أم جسديًّا. ومع ذلك ،
فيمكن الدفاع عن بوب بالقول إن هذا كان الرأي العام في وقته .
اشتهر بوب بمقاطع شِعرية ساخرة، وبترجمته
لأعمال هوميروس.
وهو ثالث كاتب يتم الاقتباس مِنه في قاموس أكسفورد للاقتباسات،
بعد شكسبير وألفريد تنيسون. كما اشتهر بوب باستخدام مقطع الشعر البطولي.
مِن أبرز أعماله : قصائد الرُّعاة ( 1709 ) . غابات وندسور ( 1713 ) . ثلاث ساعات بعد الزواج ( 1717 ) . مرثية لذكريات سيدة تعيسة ( 1717) .