وُلِدت الأديبة
الإنجليزية إميلي برونتي ( 1818 _ 1848 ) في مدينة ثورنتورن ، في مقاطعة يوركشاير
من أبوين فقيرين .
تشتهر برونتي بروايتها الوحيدة " مرتفعات ويذرنغ " ،
التي تُعتبر من كلاسيكيات الأدب
الإنجليزي . إميلي هي الأخت الثانية في الأخوات برونتي ، حيث إنها أصغر
من شارلوت ، وأكبر مِن آن . وقد نشرت إميلي
أعمالها تحت الاسم الذكوري المستعار ( إيلي بيل ) .
تبقى إميلي برونتي شخصيةً
غامضة ، وتحديًّا لِكُتَّاب السيرة ، لأن المعلومات عنها ضئيلة ومتفرقة ، نظرًا
لطبيعتها الانفرادية وكَوْنها منعزلة نوعا ما . كما لا يبدو أنها
من النوع الذي لديه أصدقاء خارج العائلة . وتبقى أختها شارلوت المصدر الرئيسي
للحصول على معلومات عنها .
وعلى الرغم مِن أنها شقيقتها الكبرى ، إلا
أنها قرَّرت الكتابة علنًا عنها بعد وقت قصير من وفاتها ، وهذا يعني أنها ليست
شاهدًا مُحَاِيدًا .
في عام 1850 ، كتبت شارلوت : (( كان تصرُّف
أُختي طبيعيًّا . الظروف هي التي عزَّزت ميولها إلى العزلة ، لكنها كانت تذهب إلى
الكنيسة أحيانًا ، وأحيانًا تمشي على التلال، ونادرًا ما عبرت عتبة المنزل.وعلى
الرغم مِن أنها كانت تحمل الخير للآخرين، إلا أنها لَم تكن تختلط معهم)).
كانت إميلي تبلغ مِن العُمر ثلاث سنوات ،
عندما وافى الأجل والدتها المريضة . بينما أُرْسِلَت الأخوات الأكبر سِنًّا ماريا
وإليزابيث وشارلوت إلى مدرسة للبنات ، حيث عَانَيْنَ من سوء معاملة وجوع وحرمان ،
ظهر ذلك جليًّا في رواية شارلوت " جين إير " .
التحقت
إميلي بالمدرسة بعد فترة قصيرة من ذلك . وبعد أن اجتاج مرض تيفوس المدرسة،
أُصِيبت الأختان ماريا وإليزابيث بالمرض ذاته ، حيث أُرْسِلتا إلى البيت ،
وتَبَيَّنَ فِعلاً أنهما مُصابتان
بمرض السُّل . ونتيجة لذلك
أُبْعِدَت إميلي عن المدرسة خوفًا من انتشار وتفشِّي العدوى .
تُوُفِّيَت إليزابيث بعد فترة قصيرة مِن
وفاة اختها الكبرى شارلوت . وبقيت إميلي وثلاثة من أخواتها في المنزل ، حيث
تَلَقَّيْنَ التعليم على يد عَمَّتهنَّ . في أوقات الفراغ ، كانت الأخوات يستمتعنَ
بخلق الروايات، واستيحائها مِن عالَم الدُّمى والألعاب التي كُنَّ يَلعبنَ بها ،
والتي ظهرت في القصص التي كَتَبْنَها فِيما بعد ، ضِمن السياق السردي والفكري
والاجتماعي .
نُشِرَت رواية " مرتفعات ويذرنغ " لأول مرة ، عام 1847 ، في مجلدين .
واعْتُبِرَت فيما بعد من روائع
الأدب الإنجليزي الكلاسيكي . ورغم أن الرواية
تلقَّت آراء مختلفة عند صدورها ، إلا أنها غالبًا ما كانت تُدان لوصفها
حالة الشغف والحب اللاأخلاقي والانتقام من الحبيب .
وفي عام 1850 ، نشرت أختها شارلوت الرواية
كاملةً ، وباعتبارها مِن مؤلفات إميلي برونتي. والمفارَقة الغريبة في الأمر أن إميلي
اختارت أن يموت أبطال الرواية بسبب مرض السُّل ، ونفْس المرض كان سبب موت جميع
أفراد أسرة إميلي برونتي ، وهو الذي قضى عليهم .
تُوُفِّيَت إميلي
بإصابتها بمرض السُّل كباقي أفراد العائلة . ويُرجِّح البعض أن مصدر المرض هو
الظروف الصحية السيئة في المنزل ، وكذلك مياه الاستخدام المنْزلي الملوَّثة التي
تصبُّ فيها المياه القادمة من الفناء الخلفي لمقبرة الكنيسة .
لقد مرضتْ إميلي في أثناء مراسم دفن أخيها في سبتمبر 1848 ، حيث أخذت صحتها بالتدهور شيئًا فشيئًا، كما رَفضتْ أخذَ العقاقير والوصفات الطبية قائلة" إنها لاتريد سموم الطبيب"، حتى وافاها الأجل المحتوم في التاسع عشر من سبتمبر 1848 ، في الساعة الثانية بعد الظهر . ودُفِنت في كنيسة القديس رئيس الملائكة ميخائيل، حيث يرقد جُثمانها هناك في مدينة هاورث في الغرب من مقاطعة يوركشاير .