وُلِد الكاتب الفرنسي
إميل زولا ( 1840 _ 1902 ) في باريس . والده كان ابن مهندس إيطالي . وفي عام 1847
، تُوُفِّيَ والده تاركًا والدته تقتات على معاش ضئيل. وفي عام 1858 انتقلت
العائلة إلى باريس ، حيث كَوَّنَ زولا صداقة مع الرسام بول سيزان، وبدأ الكتابة
مستخدمًا أسلوبًا رومانسيًّا . وكانت الأم الأرملة قد خططت لزولا أن يمتهن القانون
، وأن يعمل في أي وظيفة في هذا المجال ، لكنه رسب في اختبار البكالوريا .
قبل انطلاقه
ككاتب ، عمل زولا كاتبًا في شركة للنقل البحري، ثم في قسم المبيعات للناشر هاتشيت.
كما كتب مقالات عن الأدب والفن للصحف. وكصحفي يكتب في السياسة، لَم يُخْفِ زولا
كراهيته لنابليون الثالث ، والذي نجح في ترشيح نفسه لمنصب الرئيس بموجب دستور
الجمهورية الفرنسية الثانية ، إلا أنه أساء استخدام هذا المنصب وقام بالانقلاب
الذي جعله الإمبراطور فيما بعد . وقد كان زولا مُتسلِّط الرأي كما أظهرت كتاباته .
خلال سنوات حياته الأولى ، كتب زولا العديد
من المقالات والقصص القصيرة وأربع مسرحيات وثلاث روايات. وفي عام 1865، نَشر روايةَ
السيرة الذاتية الفَجَّة " اعترافات كلود" فجذب انتباه الشرطة ، وسرَّحته
دار هاشيت للنشر من العمل . أمَّا روايته " الأحداث الغامضة في مرسيليا
" ، فقد ظهرت كقصة متسلسلة في عام 1867 . قام زولا في سن الثامنة والعشرين
بالتفكير في تصميم كامل سلسلته القصصية . هذه السلسلة مِن القصص تُلاحق الآثار
البيئية التي أثَّرت في فرنسا في عصر الإمبراطورية الثانية ، وتأثيرات انتشار
العنف وشرب الكُحوليات والبِغاء التي أصبحت أكثر انتشارًا خلال الموجة الثانية من
الثورة الصناعية. هذه السلسلة القصصية تُلاحق فَرْعَيْن من عائلة واحدة :
المحترمين ( الشرعيين ) وسَيِّئي السُّمعة ( غيرالشرعيين ) على مدى خمسة أجيال . وَصَفَ
زولا سلسلته القصصية بقوله : (( أُريد أن أُصوِّر في بداية عهدالحرية وتلمُّس
الحقيقة عائلة لا يمكنها أن تمارس ضبط النفس في اندفاعها الطبيعي لامتلاك كل
الأشياء الجيدة التي يتيحها لها التقدم، فتخرج عن مسارها بسبب زخم الحياة حَوْلها،
والانقباضات القاتلة التي ترافق ولادة نظام عالمي جديد )). وعلى الرغم مِن أن زولا
وسيزان كانا صديقين منذ الطفولة وأثناء الشباب ، إلا أنهما انفصلا في وقت لاحق من
الحياة ، عندما صَوَّرَ زولا سيزان والحياةَ البوهيمية التي يَحياها الرسامون في
روايته " اللوفر " ( التحفة الأدبية الصادرة في عام 1886 ) .
ابتداءً مِن عام 1877 ، ومعَ نشر رواية
" الرائع " ، أصبح زولا من
الأثرياء . وقد كان يَحصل على أجر أفضل مِمَّا كان يُدفَع لفكتور هوغو ! . أصبحَ
زولا مُمَثِّلاً للأدباء البرجوازيين ، فكان يُنظِّم ولائم ثقافية يلتقي فيها
الكُتَّاب في فيلا فاخرة في ميدان بالقرب من باريس .
أصدرَ زولا رواية " الجرثومة " (
1885)، ثُمَّ رواية " لوردات الثلاث مدن " ( 1894 ) ، ثم رواية "
روما " ( 1896 ) ، و " باريس " ( 1897 ). وبذلك اشْتُهِر زولا كمؤلف
ناجح . وقد نصَّبته أعماله كزعيم لمنهج الطبيعية في فرنسا ، كما استوحت الأوبرا
بعض أعماله . وبَرزت في أعماله مفاهيم انتشرت بكثافة مِثل: الوراثة. الشر
الاجتماعي. المثالية الاجتماعية والاشتراكية .
في عام 1898 ، قُدِّمَ زولا للمحاكمة
الجنائية بتهمة التشهير ، وتَمَّت إدانته ، وحُكم عليه ، وسُحب وسام الشرف منه ،
ولكن بدلاً مِن الذهاب إلى السجن ، فَرَّ زولا إلى إنجلترا . لَم يكن هناك وقت
لزولا لحزم حقائبه ، ولا لجلب بعض الملابس . وقد أقامَ في لندن إقامةً قصيرة في
الفترة ( أكتوبر 1898 _ يونيو 1899 ) ، وكانت إقامةً تعيسة وبائسة .
تُوُفِّيَ زولا مختنقًا بأول أكسيد الكربون
، الذي انبعث عندما توقفت إحدى مداخن المنْزل . وقد شَكَّ البعض في اغتياله علي يد
أعدائه لمحاولاتهم السابقة لاغتياله ، ولكن لَم يتمكن أحد من إثبات ذلك . وبعد
عشرات السنين مِن هذا الحدث المؤلِم ، اعترف ساكن مِن سُكان باريس ، وهو على فراش
الموت ، أنه هو الذي أغلق فوهة المدخنة لأسباب سياسية .
دُفِن زولا في البداية في مدافن مونتمارتر في باريس ، ولكن في 4 يونيو 1908 ، أي بعد ست سنوات مِن وفاته ، نُقِل رُفاته إلى البانثيون ( مقبرة العظماء ) بباريس . حيث دُفِن في سرداب مع فكتور هوغو .