وُلِدَ
الأديب والمعارِض الروسي ألكسندر سولجنيتسين ( 1918_ 2008) في مدينة كيسلوفودسك في
منطقة القفقاس الجنوبية . كان والده ضابطًا ، لكنه تُوُفِّيَ قبل ولادته . وفي عام
1924 انتقلَ مع والدته إلى مدينة روستوف على نهر الدُّون . حيث أمضى طفولته
وفُتُوَّته ، وأنهى دراسته في كلية الرياضيات والفيزياء هناك عام 1941. كما دَرس
بالمراسلة في معهد موسكو للآداب والفلسفة والتاريخ . لكنَّ الحرب اضطرته لقطع
دراسته ، إِذ اسْتُدْعِيَ للالتحاق بالجيش ، وشارك في الحرب ضد النازية .
اعْتُقِلَ
سولجنيتسين في شُباط 1945، لانتقاده ستالين في رسائله إلى زميل له ، وحُكم عليه
بالسجن ثماني سنوات.ووراء أسوار السجون المتعددة،بَرزت موهبته الأدبية.وكانت
باكورة مؤلفاته ملحمة"الطريق".وهناك أيضًا بدأ يَحُوك الخيوط الأولى من
روايته " آب أربعة عشر" ( 1971) .
بعد أن
انتهت مُدَّة سجنه، نُفِيَ إلى صحراء كازاخستان القاحلة ، حيث أمضى ثلاث سنوات
أخرى ، ذاق في أثنائها الأمَرَّيْن ، وكتب هناك مسرحية " جمهورية العمل
" ( 1954) . وفي العام التالي ، أُدخِل إلى مستشفى الأورام في طشقند ، حيث
تَمكَّنت الطبيبة دونايفا مِن إنقاذه مِن المرض الخبيث . وتَحدَّث عنها في روايته
المعروفة " جناح السرطان " ( 1968) .
حَظِيَت
رواية " يوم من حياة إيفان دينوسوفيتش " التي نُشرت عام 1962باهتمام
النُّقاد والقُرَّاء على السَّواء ، ورُشِّحت لنيل جائزة لينين ، وكان لها الفضل
في قبول الكاتب في صفوف اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت . وبعد إقصاء نيكيتا خروتشوف ،
وتَوَلِّي ليونيد بريجنيف أمانة الحزب الشيوعي ، بدأ نتاج الكاتب يَتعرَّض لحملة
من المضايَقات والحذف والحظر ، مِمَّا دَفعه إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى المؤتمر
الرابع لاتِّحاد الكُتَّاب السوفييت في أيار 1967، يَشرح مُعاناته مع الرقابة ،
ويَدعو إلى إلغائها . ومُنذُ ذلك الحين ، بدأت الْهُوَّة تتَّسع بين الكاتب
والسُّلطة ، وسارعَ الغرب إلى تَلَقُّف أعماله . وبدأت هذه الأعمال تجد طريقَها
إلى القارئ السوفييتي بطرق مختلفة ، وعبر قنوات غير شرعية مُتعددة ، مطبوعة
أحيانًا ، ومُصوَّرة في أكثر الأحيان ، فكانت تُقرَأ ، ويتم تداولها في الخفاء .
فُصل
سولجنيتسين مِن اتِّحاد الكُتَّاب السوفييت في عام 1969. وفي العام التالي نال
جائزة نوبل للآداب . وبعد أربعة أعوام أُسقطت عنه الجنسية السوفييتية ، وطُرد من
البلاد، فسافرَ إلى ألمانيا الغربية أولاً ثُمَّ إلى سويسرا،فالولايات المتحدة
الأمريكية.ومع بداية(البيريسترويكا) أو الانفتاح ، أُعيدت المواطَنة إلى الكاتب ،
وأُلغيَ قرار فَصْله من اتِّحاد الكُتَّاب ، ورُفع الحظر عن نشر أعماله وتداوُلها
، كما سُمح له بالعَودة إلى بلاده . وقد عاد إلَيها فِعلاً في عام 1994، وتابعَ
نشاطه السياسي بعيدًا عن الأحزاب والكُتل المختلفة .
تَتميَّز
أعمال سولجنيتسين بالتركيز على وصف الحياة القاسية ، التي ذاق مرارتها بنفْسه .
حياة السُّجون والْمُعتقَلات ومُعسكَرات العمل ، والحِرمان مِن كُل شيء إلا مِن
القهر والإذلال . ولقد كانت حياته كما يقول عنها في مذكراته ، حياةَ " عِجْل
يَنطح شجرة بلوط " .
وتعود شُهرة
سولجنيتسين بالدرجة الأُولَى إلى أنَّه تناولَ مسائل محظورة . كما أنَّ منع نشر
مؤلفاته زاد من رغبة القُرَّاء في الحصول عليها ، إضافةً إلى الضجة الإعلامية التي
أثارها الغرب مِن حَوْله ، بصفته واحدًا مِن أبرز الكُتَّاب السوفييت المنشقين ،
وهذا سبب تَبَنِّي الغرب لأعماله ، ومنحه جائزة نوبل للآداب (1970).وهي نادرًا ما
كانت تُمنَح لِكُتَّاب " دُول الكُتلة الشيوعية".
والغريبُ
أنَّ سنوات النَّفْي العشرين التي أمضاها الكاتب في الغرب ، والسنوات اللاحقة التي
أعقبت عَودته إلى روسيا ، كانت سنوات عقيمة ، لَم يُبدِع فيها الكاتب جديدًا ،
وكُل ما نشره في الغرب آنذاك كان قد كَتبه قبل نَفْيه من بلاده ، بما في ذلك
روايته " الدائرة الحمراء " في عشرة مجلدات ، التي تتحدَّث عن الحرب
العالمية الأُولَى ، والحرب الأهلية في روسيا .
تُعتبَر
ثلاثية سولجنيتسين " أرخبيل غولاغ " أشهر رواياته على الإطلاق ، وروت
هذه الثلاثية التي نُشرت في الغرب تفصيلاتٍ عن الفظائع في منظومة السجون
ومُعسكَراتِ العمل القَسْري في الاتِّحاد السوفييتي في الفترة(1918_1956).واعتبرت
الصحافةُ السوفييتية سولجنيتسين
خائنًا ، وشنَّت هجومًا لاذعًا ضِدَّه بعد نشر الجزء الأول مِن الرواية في عام
1973 .
تُوُفِّيَ
سولجنيتسين بسبب سكتة قلبية بالقُرب من موسكو ، عن عُمر يُناهز التسعين . وتَمَّت
إقامة مراسم دفن في دَير دنسكوي في موسكو ، ودُفن في مكان اختاره في مقبرة دنسكوي
.
مِن أبرز أعماله الأدبية:يوم من حياة إيفان دينوسوفيتش(1962). الدائرة الأُولَى ( 1963). جناح السرطان ( 1968) . أرخبيل غولاغ ( ثلاثة إصدارات ) ( 1973_ 1978) . عِجْل يَنطح شجرة بلوط ( 1975) .