وُلد الروائي الإيطالي
ألبرتو مورافيا ( 1907_ 1990 ) في روما التي عاش فيها معظم حياته ، وتُوُفِّيَ فيها . اسمه
الحقيقي ألبرتو بِنكيرلي . يُعتبَر من أشهر الروائيين في القرن العشرين .كانت
عائلته ثرية . وأبوه اليهودي كان رسامًا ومهندسًا ، وأُمُّه كانت كاثوليكية . ومعَ
هذا فقد كان مورافيا ملحدًا .
لَم يُنهِ مورافيا دراسته،
بسبب إصابته بالسُّل الذي ألزمه الفراش لخمس سنوات، مِمَّا جعله يحب المطالعة،
وقرأ كثيرًا لأدباء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .
ترك المرض أثرًا واضحًا في
نفسه ، فلم يعش طفولته وصِباه بسعادة وهناء ، وصارت نظرته إلى الحياة سَوداوية
وتشاؤمية ، يبحث عن جوانبها السلبية والبائسة والحزينة .
نظم أبيات شِعر باللغتين
الإيطالية والفرنسية ، وتعلَّمَ اللغتين الإنجليزية والألمانية. وبعد خروجه من
المصح بدأ كتابة روايته الأولى " اللامُبالون " ( 1929 ) ، فحقَّق شهرةً
كبيرة . ووجد فيها القُرَّاء واقعًا مُؤلِمًا في الوسط الاجتماعي . فقد أصاب فساد
الأخلاق أرملة من الطبقة الوسطى مع ولديها . ويبرز موضوع اللامُبالاة عند الجيل
الصاعد .
يقول مورافيا إنه خرج
مُعافى جسديًّا من المصح ، ليقع ضحية مرض من نوع آخر أخلاقي . فقد بدأت معركته مع
النظام الفاشي الذي حاصره وأرغمه على الرحيل مانعًا صدور مؤلفاته . وكان قد كتب في
هذه المرحلة قصة " خليلة مُتْعَبَة " ( 1927 )، ورواية " الطموحات
الخاطئة " ( 1935 ). وسافر إلى فرنسا وإنجلترا، وحاضر في جامعة كولومبيا في
الولايات المتحدة الأمريكية حول الرواية الإيطالية ، ووصل إلى المكسيك. ثم عاد إلى
إيطاليا لِيُقدِّم " البلبلة " ( 1937 ) .
بدأ مورافيا حياته
العاطفية عام 1941 بزواج لَم يدم من الأديبة إيلزا مورانتيه، وأنهاها بعلاقة مع
فتاة إسبانية تصغره بسبعة وأربعين عامًا غير مهتم بالضجة التي أحدثها في الأوساط
الاجتماعية.
كان مورافيا قد شهد خلال
الفترة ( 1933_ 1943 ) أسوأ ملاحقة من رجال موسوليني والمحافظين الذين وجدوا في
كتاباته مادة ضارة مُثيرة للجنس. ولكن في هذه المؤلفات أيضًا وجد بعض المخرجين
السينمائيين مادة مُشوِّقة للإثارة، يُذكر من هذه الأفلام
روايته"الاحتقار"( 1954) التي قُدِّمَت للسينما . وتناول فيها العلاقات الزوجية وما يُحيطها من كذب ورياء . كذلك
قُدِّمت للسينما عام 1960 رواية " لاتشوتشارا " الصادرة عام 1957 حول
قصة امرأتين، أُم وابنتها، تعرَّضتا للاغتصاب في أثناء الحرب العالمية الثانية ،
وعاشتا واقع الحرب ودواعيها من قسوة القلب وفقدان الحس وانعدام الشفقة والرحمة ،
لتصير الفتاة في النهاية مومسًا . كذلك قُدِّمت روايته الصادرة عام 1960 " السأم " للشاشة ،
وحصلت على جائزة . وقُدِّمت للسينما أيضًا عام 1970 أشهر رواياته نقدًا للفاشية
" الامتثالي ". وقد مثَّلت الشخصيات الرئيسية في رواياته أشهر الممثلات
وقتئذ مِثل : بريجيت باردو ، وصوفيا لورين .
يقول مورافيا : (( يمكن أن
يُقال إنني كاتب مُمِل ، لأنني أُكرِّر الموضوعات ذاتها مثلما تُكرِّر الطيور
زقزقتها ، إلا أنني كلما تقدمتُ في السن ، تناولتُ هذه الموضوعات بنظرة مختلفة
" .
لَم يكتفِ مورافيا بتأليف
الروايات والقصص.فقد كتب مقالات في الصحافة، وكتب عن رحلاته إلى الاتحاد
السوفييتي والهند وإفريقيا.
وعندما سافر إلى اليابان
عام 1982 ، توقَّفَ عند هيروشيما ، وأجرى ثلاثة تحقيقات لمصلحة صحيفة إسبرسو، طرح فيها مشكلة القنبلة النووية وانفصال
الثقافة العلمية عن الإنسانية.
تميَّزت أعمال مورافيا الأدبية
بالبراعة والواقعية لنفاذه إلى أعماق النفس البشرية ، فقد هاجم الفسادَ الأخلاقي
في إيطاليا . وتُرجِمت أعماله إلى عدة لغات عالمية .
ويتَّسم أدب مورافيا بتبسُّطه في
سرد مشاعر الجنس لدى أبطال رواياته ، والتداخلات في الأحداث التي تنشأ عبر تلبية
تلك المشاعر والرغبات ، حيث إنه يتَّسم بالتركيز على التحليل النفسي لنوع العلاقة
بين الجنسين أو الزوجين .
مِن أبرز رواياته: اللامُبالون (1929). دولاب الحظ ( 1939). امرأة من روما( 1947). العصيان ( 1948) . حكايات من روما ( 1954) . الفِرْدَوْس ( 1970 ) .