وُلد الكاتب الأمريكي
ستيفن كينغ ( 1947_ ... ) في مدينة " مين " . عاش بدون أب في صِغره
. فقد ذهب أبوه بِعُذر أنه سوف يشتري علبة
سجائر ، ثم هرب ليترك عائلته وحدها ، ولتبدأ رحلة انتقاله مع والدته عبر الولايات
المتحدة . أخذت الأم تعمل طاهية في مؤسسة لذوي الاحتياجات الخاصة ، بينما تفرَّغ
كينغ للدراسة ولهوايته الأثيرة ( القراءة ) .
التحق بالمدرسة ، وتخرَّج فيها ليلتحق
بجامعة " مين". ويُذكَر عنه أنه كان طالبًا نشيطًا في تلك الفترة، إذ
انضمَّ لاتحاد الطلاب، وأخذ يكتب سلسلة مقالات أسبوعية في مجلة الكلية تحت اسم
" بوصلة مين " هاجمَ فيها الحرب ضد فيتنام ، رافضًا أن تدخل أمريكا
حربًا لا حق لها فيها .
واصل نشاطه هذا حتى تخرَّج في الجامعة عام
1970 ، ليتحول من طالب إلى مُدرِّس في الجامعة.وحصلت تغيرات في صحته منها ارتفاع
ضغط الدم وضعف البصر وثقب في طبلتَي الأُذن. وقد تعرَّف في الجامعة على زوجته التي
أخذ يعمل من أجلها طوال فترة دراسته في محل للملابس،
وأخذ يبيع بعض القصص القصيرة
للمجلات ، حتى تمكن من الزواج منها في عام 1971 ، ثم بدأ في نشر كتبه ورواياته
التي لاقت شهرة كبيرة بين أوساط عُشَّاق الرُّعب .
أول
قصة قصيرة باعها كينغ لإحدى المجلات ، كانت " الأرض الزجاجية " في عام
1967 ، لكن أول رواية كتبها كانت " كاري " ، والتي تتحدث عن فتاة غريبة
الأطوار تمتك قدرة تحريك الأجسام عن بُعد، وكان يكتب هذه الرواية كوسيلة لقتل وقت
الفراغ لديه، لكن حين عرضها على إحدى دور النشر في ربيع 1973 قامت الدار بنشرها
على الفور، وأمام آراء النقاد المنبهرة بهذه الرواية، عرض عليه مدير تحرير الدار
ترك مهنته في الجامعة كمُدرِّس، والتفرُّغ للكتابة تمامًا .
لكن الصعوبات بدأت في مطارد كينغ ، إذ
اضْطُر للانتقال بعائلته إلى جنوب " مين " بعد أن أُصيبت والدته
بالسرطان، وظَلَّ يراعاها طيلة النهار، بينما كان يقضي الليل في غرفة صغيرة في
جراج المنزل، يكتب في روايته الثانية التي أسماها "العودة الثانية" قبل
أن يُقرِّر تغيير اسمها إلى" حشد سالم " ، وفيها يحكي عن قرية من
مصَّاصي الدماء يقوم بزيارتها رَجل وطفله الوحيد. و حين انتهت الرواية تُوُفِّيَت
والدته،فعاد كينغ ينتقل بعائلته،وعاد لتفرُّغه التام للكتابة ، لينتهيَ في أوائل
1975 من روايتَي " الصمود " ، و " منطقة الموت " . أخذت
روايات كينغ تتلاحق بغزارة غير مسبوقة ، وهي روايات من القطع الكبير ، ولا يقل عدد
صفحات الرواية عن 700 صفحة .
كتب كينغ رواية " البريق " ( 1980
) والتي تتحدث عن كاتب مجنون يقضي الشتاء مع عائلته في فندق مهجور ، ثم رواية
" كريستين " التي تتحدث عن سيارة مسكونة ، ثم بدأ في جمع قصصه القصيرة
لينشرها في مجموعات قصصية من أشهرها " وردية الليل " ، ثم " أربع
دقائق بعد منتصف الليل " . ومع النجاح المتواصل، قرَّر المخرج الشهير برايان
دي بالما تحويل رواية " كاري" إلى فيلم سينمائي . وقد حَظِيَ الفيلم
بنجاح مذهل . وهكذا دخل كينغ عالَم السينما من أوسع أبوابه . ومع توالي رواياته،
توالت أفلامه، فقام المخرج ستانلي كوبريك عام 1980 بتحويل رواية " البريق
" إلى فيلم كابوسي مخيف . وهكذا أصبح كينغ علامة مُميَّزة للرُّعب، سواءٌ على
مستوى الروايات أَم الأفلام ، حتى إن النُّقاد أخذوا يلقبونه " مَلِك الرُّعب
" ، وبدأت الملايين تنهال عليه ، فبنى قصره الخاص في مدينته الأثيرة "
مين " . وغالبًا ما تدور أحداث رواياته في هذه المدينة . وأخذ يكتب بلا توقف،
ثم قرَّر استغلال وقته، فتعلم الإخراج، ليقوم هو أيضًا بتحويل قصصه إلى أفلام،
لكنها لَم تكن بجودة كتابته، فتفرغ لإخراج الحلقات التلفزيونية. ثم في عام 1994
قام المخرج فرانك دارابونت بتحويل إحدى قصص كينغ إلى واحد من أشهر الأفلام في
تاريخ السينما على الإطلاق تحت اسم " وداعًا شاوشانك " . وكانت هذه نقلة
تاريخية في حياة كينغ . وهذا الفيلم لَم يكن له أي علاقة بالرعب، لكنه كان يعكس
قدرة كينغ وتمكنه كأديب من طراز خاص . ومع النجاح تتوالى الملايين ، وقد ذكر كينغ
نفسه أن رصيده يزداد بمقدار عشرة ملايين دولار أسبوعيًّا من أرباح إعادة طبع
رواياته.وقد باع أكثر من300مليون نسخة حتى الآن. وتُرجِمت رواياته إلى أكثر من 35
لغة . أي إنه لَم يتحول إلى كاتب ، بل إلى ظاهرة تستأهل الدراسة . وقد كان أدب
الرعب يُصنَّف على أنه أدب للتسلية ، فارتقى كينغ بأدب الرعب ليقف به إلى جوار
كُبَّار الكُتَّاب، بروايات تجاوزت 40 رواية ، وعدد لا ينتهي من القصص القصيرة
والمجموعات القصصية ، والسيناريوهات التلفزيونية . وقد نال عشرات الجوائز حتى الآن
من الجمعيات النقدية على مستوى العالَم، لكن أهم جائزة كانت ميدالية الاستحقاق
التي قدَّمتها له جمعية الكتاب الوطنية، لإسهامه الذي لن يُنسَى للأدب، وكان ذلك
عام 2003. وبهذه الجائزة تُوِّجَ كينغ كواحد من أهم وأشهر كُتَّاب القرن العشرين
على الإطلاق .