وُلِد الأديب النمساوي
ستيفان زفايغ ( 1881 _ 1942 ) في فيينا ( عاصمة الإمبراطورية النمساوية المجرية )
لعائلة يهودية غنية معروفة بصناعة الغزل والنسيج. وماتَ مُنتحرًا في بتروبوليس في
البرازيل .
درسَ الفلسفة في جامعة فيينا ، وفي عام 1904
حصل على درجة الدكتوراة . ولَم يكن للدين دور مركزي في تعليمه . وقد وصف
نفسه بأنه كان " يهوديًّا بالصُّدفة " . ومع هذا ، لَم يتخلَّ عن دينه اليهودي ، وكتب مِرارًا
وتَكْرارًا عن مواضيع ذات طابع يهودي . وكانت له علاقة صداقة قوية مع هرتزل ( مؤسس
الصهيونية ) .
في ذِروة مسيرته الأدبية ( 1920_ 1930) ،
كان يُعتبَر مِن أبرز كُتَّاب أوروبا ، وواحدًا مِن أكثر الكُتَّاب شعبية في
العالَم . وعُرِف بمقاومة النازية ، والوقوف ضِدها .
وقد اشْتُهِر بدراساته العميقة التي تتناول
حياة المشاهير من الأدباء أمثال : تولستوي ، ودوستويفسكي ، وبَلزاك ، ورومان رولان
، فيتناول الشخصية بحيادية ، ويكشف حقيقتها كما هي دون رُتوش . وفي الوقت نفْسه
يُميط اللثام عن حقائق مجهولة أو معروفة على نطاق ضَيِّق ، في حياة هؤلاء المشاهير
الذين ذاع صيتهم .
كتبَ زفايغ العديد من المسرحيات والروايات
والمقالات . وصدر له عمله الذي تناول فيه سيرته الذاتية " عالَم الأمس "
بعد انتحاره.
حصل على الجنسية البريطانية بعد تَوَلِّي النازيين للسُّلطة في
ألمانيا . وعاشَ مُتنقلاً في أمريكا الجنوبية مُنذ عام 1940 .
قرَّر زفايغ التخلص من الحياة ، وهو يشهد
انهيار السِّلم العالمي، وويلات الحرب العالمية الثانية، فشعر بخيبة شديدة ،
وتوترت أعصابه المرهَفة ، فأقدمَ على فِعلته دون وَجَل ، ولَم ينسَ أن يشكر حكومة
البرازيل حيث انتحر ، على حُسن الضيافة والرعاية ، عِلْمًا أن الراحل كان قد حصل
على الجنسية البريطانية قبل انتحاره بمدة وجيزة .
في يوم 21 فبراير عام 1942 ، جلسَ في بيته
الفخم ، يُودِّع معارفه بريديًّا ، ويشرح لهم أسباب انتحاره، وكتب يَوْمذاك 192
رسالة وداع بما في ذلك رسالة إلى زوجته الأولى ، وبعد ذلك دخل زفايغ وزوجته
الثانية إلى غرفة النوم ، وابتلعا في
لحظة واحدة العشرات من الأقراص المنوِّمة ، وتعانقا بحنان وطال العِناق . وفي
اليوم التالي اقتحم خدم المنزل غرفة النوم ، لتأخرهما بالاستيقاظ المعتاد ، ليجدوا
الأديب وزوجته قد فارقا الحياة في عناق أبدي ، ودون إثارة ضجة ، ولَم ينسَ الأديب
أن يُعطيَ كلبه المدلَّل جُرعة كبيرة من المنوِّمات،فنام بدوره أمام باب غرفة
النوم.
وهذا النوع من
الانتحار يُسمَّى " الانتحار الثنائي " ، وهو الرغبة في الموت مع شخص
آخر ، تربطه به عواطف ساخنة ووشائج متينة . وقد كان زفايغ مُتَسَرِّعًا في اتخاذه
لقرار إنهاء حياته ، نتيجة حساسيته المفرطة وسلبيته ، ولو انتظر عِدَّة سنوات ،
لشهد بنفسه عودة السِّلم العالمي ، واندحار النازية والفاشية مَعًا .
وقد تحوَّلَ منزله في البرازيل في وقت لاحق
، إلى مركز ثقافي ، ويُعرَف الآن باسمه .
مِن أبرز أعماله: ليلة رائعة ( 1922 ) . رسالة من امرأة مجهولة ( 1922 ). سقوط القلب ( 1927 ) . أربع وعشرون ساعة في حياة امرأة ( 1927 ) . الشمعدان المدفون ( 1936) .