وُلِد
الروائي الأمريكي فرنسيس سكوت فيتزجيراليد (1896_ 1940) في مدينة سانت بول، إحدى
مدن ولاية مينسوتا . وقد صادفَ شهر مولده الشهر الذي نُظِم فيه النشيد الوطني
للولايات المتحدة ، وهكذا أطلقت العائلة على وليدها اسم( فرنسيس سكوت ) تَيَمُّنًا
باسم ناظم كلمات النشيد ( فرنسيس سكوت كي ).
كان والده يُدير متجرًا لبيع الأثاث ،
وأجبره كساد تجارته عام 1897 على الانتقال والعائلة إلى نيويورك ، حيث عمل بائعًا
. لكنه عاد إلى سانت بول بعد تسريحه من العمل عام 1908. وهو العام نفسه الذي
التحقَ فيه هذا الابن الوحيد بأكاديمية سانت بول،وهو في سن الثانية عشرة، لتتولى
عائلة والدته التي كانت من العائلات الغنية معظم مصاريف دراسته .
في عام 1909، نُشِرت له أول قصة بعنوان" لغز رهن ريموند" في مجلة أكاديمية سانت بول، وهي قصة ذات مستوى
متواضع ، حاكى فيها أسلوب قصص شارلوك هولمز .
في عام 1913 ، تمكَّنَ فيتزجيرالد من
التسجيل في جامعة برنستون ، لكنه أخفقَ
في تحصيله لِمَا حفلت به دراسته بمشكلات أكاديمية وعدم مُبالاة، وربما كان من
أسباب ذلك الإخفاق افتتانه أثناء تلك الفترة بفتاة في السادسة عشرة مِن عُمرها ،
تنحدر من عائلة غنية . وقد ردَّته لتواضع حال أسرته المعيشي .
في عام
1917، التحقَ بسلاح المشاة برتبة ملازم ثان ، بينما كانت الحرب العالمية الأولى
على وشك الانتهاء،فلم يتم إرساله إلى جبهات القتال في فرنسا،وإنما أُرسِل إلى
مُعسكر فورت ليفنورث في ولاية ميسوري، حيث عاودَ الكتابة في ما تيسَّر له من وقت
الفراغ .
بعد
تسريحه من الخدمة العسكرية عام 1919، انتقلَ فيتزجيراليد للعيش في نيويورك ، ليعمل
مع إحدى وكالات الإعلان .
في عام
1920 ، نشرَ روايته الأولى " هذا الجانب من الجنة "، فأصبحَ شخصية أدبية
مرموقة، فتيسَّرَ له دخل مادي كاف مَكَّنَه مِن إقناع حبيبته زيلدا بإتمام مراسم
الزواج في نيويورك. وقد كان نشر الرواية يعني النجاح الباهر والمال والشُّهرة ،
فعاشا حياة باذخة مترفة .
في عام
1924، غادرَ فيتزجيرالد وزيلدا بيتهما في لونغ آيلند ، ليحطا الرِّحال على
الريفيرا الفرنسية ، ولَم يعودا إلى الولايات المتحدة ليستقرا تمامًا حتى عام 1931
.
وأثناء
إقامتهما في فرنسا أصبحا يُمثِّلان الجيل الضائع للمغتربين الأمريكيين في باريس ،
حيث أنجز فيتزجيرالد كتابة رواية " غاتسبي العظيم " ( 1925) في غُضون
خمسة أشهر . ورغم أن هذه الرواية تُعتبَر أروع ما كتبه هذا الروائي على الإطلاق ،
إلا أن جمهور القُرَّاء لَم يحتفِ بها عند صدورها ، مِمَّا سَرَّع في تدهور حياته
الشخصية .
وَكَشُهرته وزيلدا في نوادي المجتمع الراقي
في نيويورك وباريس ، فقد
اشْتُهِرا أيضًا بإسرافهما في الشراب، ورغم أن فيتزجيرالد كان يكتب وهو صاحٍ ، إلا
أنه كان يتمادى في انحرافه أكثر فأكثر مع مرور الأيام . وهذا كان أحد أسباب نشوب
الخلاف وتكرار الشجار بين الزوجين .
وحَسَب أحد الباحثين ، فإن إسراف فيتزجيرالد
في الشراب أكسبه سُمعة سيئة دفعت الكثير من الصالونات الأدبية إلى عدم الاهتمام
بمؤلفاته . وأوقعه الإسراف في مُعاقَرة الخمر في مشكلات مالية ، زادها إخفاق
أعماله الأدبية الأخرى .
أُصيبت زوجته زيلدا بانهيار عقلي عام 1930،بينما كان فيتزجيرالد يُصارع إدمانه على الكحول ، الذي أعاقَ قُدرته على الكتابة .
وبُغية الحفاظ على نمط حياته الباذخة ، اضْطُر إلى قضاء معظم وقته في كتابة القصص
القصيرة التي كانت موضع طلب من المجلات التي ازدهرت صناعتها في ذلك الحين .
في عام 1934، نشرَ فيتزجيرالد روايته " الليلة
الناعمة " ، وباعَ مجموعات من قصصه القصيرة إلى إحدى الصحف ، فحصل على أموال
كثيرة مَكَّنته من الذهاب إلى هوليوود لكتابة سيناريوهات أفلام للسينما عام 1937.
وهناك ، تعرَّفَ على ناقدة سينمائية تُدعى شيلا جراهام، وقد ساعدته على استئناف
الإنتاج الإبداعي . وأمضى معها آخر سنوات حياته .
ألهمته هذه التجربة كتابة آخر رواياته
وأكثرها نُضْجًا " حُب التاجر الأخير " . لكنه تُوُفِّيَ قبل أن
يُتِمَّها . ورغم ذلك فإن عبقريته في إبداع هذه الرواية دَفعت النُّقاد إلى إعادة
تقييم موهبته،والاعتراف به كواحد مِن أكثر الكُتَّاب الأمريكيين إبداعًا في القرن
العشرين.