وُلد الأديب الأمريكي سول بيلو ( 1915_ 2005 ) في
حي فقير للمهاجرين في ضاحية من ضواحي مدينة
مونتريال الكندية ، لِمُهَاجِرَيْن
يهوديين روسيين .
حصل على جائزة نوبل
للآداب عام 1976 ، " لفهمه الإنسان وتحليله الفصيح للثقافة المعاصرة الممزوجة
في عمله "، حسب تقرير لجنة الجائزة .
كان والده يعمل تاجرًا للبصل المصري . وكانت والدته مُتديِّنة
جِدًّا ، ولَم يُوفَّق الوالد في تجارته ، فَقَرَّرت العائلة النُّزوح إلى أمريكا
، واستقرَّت في مدينة شيكاغو حين كان عُمر الكاتب تسع سنوات .
بدأت محاولاته في الكتابة بوقت مُبكِّر ، ولَم يُوافق والده على
ذلك . وقال له مَرَّةً ساخرًا : (( أنتَ
تكتب ومِن ثَمَّ تشطب )) . وعندما بلغ العشرين مِن عُمره سأله والده : (( هل تعتبر
الكتابة وظيفة ؟ )) . لكنه وجد تشجيعًا مِن والدته التي تُوُفِّيت وهو في السابعة
عشرة .
في عام 1933، التحقَ بجامعة شيكاغو. وبعد سنتين انتقلَ إلى شمال
غربي أمريكا، لأن الجامعة هُناك أرخص . وفي عام 1937، حصل على شهادة
بالأنثروبولوجي وبِعِلم الاجتماع، وشَكَّلَ هذان الاختصاصان الأساس لأعماله
الروائية . وقال : (( كُل مَرَّة أعمل على أُطروحتي تستحيل إلى قصة )) .
قبل أن يُنهيَ دراسة
الماجستير ترك جامعة وسكنسن، وعاد إلى شيكاغو.
وفي نهاية الثلاثينيات، انتقلَ إلى مدينة نيويورك ، وحاول كتابة الرواية والقصة ، ولكن مِن دُون أي نجاح ، وبدأ في
كتابة عُروض للكتب . وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية رفض دخول الجيش بسبب
إصابته بالفتق، ومِن ثَمَّ التحق بِمُشاة البحرية ، وأثناء فترة تدريبه قُصفت
هيروشيما بالقنبلة الذرية .
أثناء
الخدمة العسكرية كتب روايته الأولى " رَجل مُتحيِّر " ، وعندما بلغ
الثلاثين مِن عُمره كتب روايته الثانية " الضحية " حول معاداة السامية .
وقد كتبها تحت تأثير الكاتب الروسي دوستويفسكي . ولَم تُسجِّل كلا الروايتين أيَّ
حضور أدبي ، بسب ضعف البناء الروائي ، وتأثرهما المفرَط بأسلوب الرواية الأوروبية
.
في
نهاية أربعينيات القرن الماضي ، حصل على منحة دراسية في باريس ، وبعد فترة طويلة
من التَّسكع والتفكير في مستقبله كتب روايته الثالثة "مغامرات أوجي
مارش"، التي استوحى شخصيتها من صديق الطفولة جوكي. وعندما نشرها عام 1953 ،
دخلت في قائمة الأكثر مبيعًا، ووصفه النقاد بالصوت الجديد في الرواية الأمريكية ،
نظرًا لأسلوبه المتدفق الذي يُشبه موسيقى الجاز ، ولغته المختلِطة من اليديش ( لغة
يهود أوروبا ) والإنجليزية، والقريبة من لغة الشاعر والت ويتمان.
في
روايته الرابعة " هندرسون ملك المطر " ، شعر بأنه قد سَيطر على أدواته
الإبداعية ، وتبعها عام 1964 بروايته
الخامسة " هيرزوغ " . وقد حصلت الرواية على جائزة الكتاب الوطني .
وبعد
ذلك كتب مسرحية " المحلِّل الأخير " التي لاقت فشلاً ذريعًا عند عَرْضها
في مسرح برودواي ، كما هو الحال مع بضع مسرحيات أخرى كتبها فيما بعد .
في
عام 1969، كتب روايته " كوكب السَّيد ساملر " ، وهي عَن رَجل ينجو من
المحرقة النازية ، ويعيش في نيويورك ، يجترُّ تاريخه وماضيه . وحصل بيلو على جائزة
الكتاب الوطني للمرة الثانية عندما نشر روايته " هدية هامبولت " ، والتي
كانت واحدة من أنجح رواياته . وقد حصل في عام 1975 على جائزة بوليتزر . ومَهَّدت
هذه الرواية الطريق للحصول على جائزة نوبل للآداب ، وقد وصفتها الأكاديمية
السويدية قائلة : " إنها تفيض بالأفكار وتُومض بالسُّخرية ، وهي كوميديا مرحة
وتتَّقد بالرحمة " .
بعد
نوبل كتب رواية قصيرة ومجموعة قصص قصيرة ، ثم كتب رواية طويلة استوحاها من حياة
صديقه البروفسور آلن بلوم صاحب كتاب " انغلاق العقل الأميركي "، الذي
مات بمرض نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز ). وأطلقَ على الرواية اسم "
رافيلشتاين " . وقد وصفها حينها الكاتب جونثان ويلسون في " نيويورك
تايمز بوك ريفيو " بالرواية العظيمة التي تَتَّحدث عن صداقة الرجل الأمريكي .
تُلاحظ
الناقدة الأمريكية كاكوتاني بأن أدب سول بيلو ظَلَّ مَدِينًا لدراسته الأُولَى
للتوراة والإنجيل ، ولقراءته لمسرحيات شكسبير ، ولكبار كُتَّاب روسيا من القرن
التاسع عشر . وتقول : (( إن أعمال بيلو القوية تستمد تقاليدها من الوجودية
الأوروبية، ومِن الأخلاقيين الروس ، ومن الدماء الأمريكية الحمراء ، مِن أجل خلق
عالَمه الروائي المتميز )) .