وُلد الروائي الأمريكي سنكلير لويس ( 1885_
1951 ) في ولاية مينسوتا . وفي سِن الحادية
والعشرين عاشَ فترةً قصيرةً في هيليكن هول ، وهو مركز مجموعة اشتراكية في ولاية
نيوجيرسي . وفي عام 1908 تخرَّج من جامعة ييل ، ثُمَّ عمل صحفيًّا . وفي عام 1914
نشر أُولَى رواياته " صاحبنا السيد رن " ، والتي تُمثِّل سَردًا ساخرًا
بشكل لطيف عن موظف من نيويورك يذهب في رحلة إلى أوروبا ، ويقوم بمغامرات رومانسية
ساذجة .
انتقلَ لويس إلى العاصمة واشنطن، وكرَّس
نَفْسَه للكتابة. وقد كتب أربع روايات ، لكنَّه لَم يُحقِّق نجاحًا كبيرًا . وفي
عام 1916 ، بدأ التَّحضير لروايته الجديدة " الشارع الرئيسي " التي
تَتحدَّث عن الحياة الواقعية في بلدة صغيرة . وقد أكملها في منتصف عام 1920 ،
ونشرها في نفس العام ، ولاقت نجاحًا كبيرًا ، وأثارت تعاطفًا هائلاً مَعَ أفكارها
، وحقَّقت له شُهرةً سريعة .
أحدثت الروايةُ ضجةً هائلة في المجتمع
الأمريكي، وكان صدورها حَدَثًا مثيرًا في التاريخ الثقافي الأمريكي. وكانت
التوقعات الأكثر تفاؤلاً أن تَبيع الرواية 25 ألف نسخة في الأشهر الستة الأُولَى ،
لكنها باعت 180 ألف نسخة . وفي غضون بِضْع سنوات ، قُدِّرت المبيعات بمليونَي
نُسخة . وصار الكاتب من الأغنياء .
وَجَّهت الروايةُ نقدًا قويًّا لبلادة الذهن ونقص الثقافة في بلدة أمريكية
صغيرة ، كما أنَّها سَخِرَت من ضيق التفكير والرضا عن الذات لدى سُكَّانها . وقد
كُتبت الرواية بعناية فائقة ، وتَعرَّضت لأدق التفاصيل ، وأظهرت معاناة بطلة
الرواية وجهودها الضائعة من أجل تحسين مدينتها، وإيقاظها مِن سُباتها العميق .
والكاتبُ يُركِّز على مبدأ غياب الأمل في التغيير ، واستحالة تحقيق نهضة أخلاقية
في مجتمع مادي استهلاكي .
واصلَ لويس سلسلة نجاحاته الأدبية ، فأصدرَ
في عام 1925 رواية " أروسميث " ، التي تصف خيبة أمل طبيب شاب مثالي في
صراعه مع الفساد والحسد وحب الذات والأذى . فازت الرواية بجائزة بوليتزر للعام
1926 . وقد رفضها لويس لاعتقاده أنه كان من الواجب أن يَحصل على الجائزة قبل ذلك .
وفي روايته " إلمر جَنْتري " (
1927) يسخر لويس من النفاق الديني والتزمت في بلاد الغرب الأوسط .
وكانت
روايته دورسورث ( 1929) آخر أعماله الجيدة على المستوى الفني . وهي تتحدث عن
التناقضات بين الحياة الأمريكية والحياة الأوروبية، وتصف مصاعب زواج رَجل أعمال
أمريكي مشهور خلال جولته الأوروبية .
وفي عام 1928 تزوج لويس من دوروثي طومسون (1894
– 1961 ) وهي مراسلة أجنبية شهيرة ، وكاتبة عمود صحفي . وانتهى زواجهما بالطلاق
عام 1942 .
حقَّق لويس
شُهرةً عالمية بسبب رواياته ، التي هاجم فيها أشكال الضعف في المجتمع الأمريكي،
وكشف عوالم الرياء والنفاق . وهذا أهَّله للفوز بجائزة نوبل للآداب عام 1930 ،
ليكون أول أمريكي يفوز بهذه الجائزة .
وقد مُنحت له الجائزة لقدرته الفائقة على
رسم الشخصيات، ووصف الأحداث بدقة وعُمق ، مع الطرافة والفُكاهة ، واستخدام أساليب
لغوية جديدة . كما يمتاز الكاتب بنقده للرأسمالية الأمريكية المادية في الفترة
الممتدة بين الحربين العالميتين . وقد تَمَّ تكريمه بعد فوزه بالجائزة ، وذلك بوضع
اسمه على طابع بريد تذكاري ضمن سلسلة الأمريكيين العظماء .
والمضحك
المبكي أنَّ الكاتب لَم يُعْثَرْ عَلَيه خلال مراسم جائزة نوبل، ليتسلَّم جائزته
من يد ملك السويد، ووُجد نائمًا في دَورة المياه التابعة لدار ( الكونسرتو ) ، وهو
في أسوأ حالات السُّكر ، وقد أُغلِق عَلَيه باب المرحاض ! .
بعد فَوزه
بجائزة نوبل . كتب لويس أكثر من عشر روايات ، لكنَّ مستواها الفني ضعيف . فهي
روايات تُصوِّر الواقعَ بصورة ضحلة وساذجة.يعتبره النقادُ في وقتنا الحالي
فنَّانًا دقيق الملاحظة، يمتاز بأسلوب وصفي بارع ، لكنَّه ليس مُبْدِعًا حقيقيًّا
لافتقاره إلى الأسلوب الأدبي الرفيع .
إنَّ
المشكلة الرئيسية في حياة لويس هي إدمانه على الكحول . وقد نصحه الأطباء بالتوقف
عن الشُّرب إذا كان يُريد أن يَعيش. لكنَّه لَم يتوقف. وتُوُفِّيَ في رُوما من
إدمان الكحول في عام 1951 . وتَمَّ حرق جُثته ، ودُفن رُفاته في مسقط رأسه .