وُلد الشاعر التشيلي بابلو نيرودا ( 1904_
1973) في قرية بارال بوسط تشيلي ، وتُوُفِّيَ في سانتياغو ( عاصمة تشيلي ) . اسْمُه الحقيقي " نفتالي
ريكاردو رييزوالد " . كانت والدته تعمل بمهنة التدريس، أمَّا والده فكانَ عاملاً
في سِكَك الحديد. حصلَ على جائزة نوبل للآداب 1971. كتب نيرودا قصائد عندما كان في العشرين مِن
العُمر ، قُدِّرَ لها أن تنتشر أوَّلاً في أنحاء تشيلي، ثُمَّ تنتقل بعدها إلى
كافة أرجاء العالَم ، لتجعل منه الشاعر الأكثر شُهرة في القرن العشرين من أمريكا
اللاتينية .
بَدأت إبداعاته
الشِّعرية في الظهور قبل أن يُكمِل عامه الخامس عشر . وتحديدًا عام 1917. وفي عام
1920، اختار لنفْسه اسْمًا جديدًا هو بابلو نيرودا . وفي مارس 1921، قَرَّرَ
السَّفر إلى سانتياغو ، حيث استقرَّ هناك في بيت الطلبة، لاستكمال دراسته في اللغة
الفرنسية التي كان يُجيدها مِثْلَ أهلها. وفي نفْس العام، اشتركَ في المظاهَرات
الثورية التي اندلعت في البلاد آنذاك .
نشر نيرودا ديوانه
الأول " غسقيات " ( 1923) ، وتلقَّى اعتراف أبرز نُقَّاد تشيلي بموهبته.
وتلاه في العام التالي ديوان " عشرون قصيدة حُب وأغنية يائسة " . وسيطرت
على هذا الكتاب أجواء الكآبة القاتمة . وقد طُبعت مِن هذا الديوان منذ صدوره
ملايين النُّسخ ، وما زال مِن أوسع أشعار الحب انتشارًا في البلدان الناطقة
بالإسبانية .
في عام 1924، هَجر
نيرودا دراسة اللغة الفرنسية ، وتَخَصَّصَ في الأدب . وكَتب ثلاثة أعمال تجريبية ،
وذلك قبل أن يبدأ رحلة تعيينه سفيرًا في العديد من البلدان ، تنتهي بِكَونه سفيرًا
في الأرجنتين عام 1933، أي بعد زواجه من الهولندية الجميلة " ماريكا "
بثلاث سنوات ، والتي انتهى زواجه منها بإنجاب طفلته " مارفا مارينا " ،
التي وُلدت في مدريد في الرابع من أكتوبر 1934.
وفي نفس العام ،
وتحديدًا بعد شهرين ، تَزوَّج نيرودا من زوجته الثانية ديليا ديل كاريل
الأرجنتينية الشيوعية، والتي تَكبره بعشرين عامًا .
في عام 1933، نشر
ديوانه " رامي المِقلاع المتحمِّس " ، وهي قصائد شَكَّلت فيما بعد
جُزءًا مِن ديوانه " إقامة في الأرض " ، حيث ظهر أسلوبُه الشخصي
المتفرِّد الذي منحه مكانة نهائية وحاسمة في عالَم الأدب .
ومَعَ نُشوب الحرب
الأهلية الإسبانية ، وفي أثناء عمله قُنصلاً في مدريد عام 1936، تأثَّرَ بِعُمق
لمصرع صديقه الشاعر الإسباني لوركا ، على يد القوى الفاشية . وأدَّى تضامنه مع
الجمهوريين إلى عزله من منصبه الدبلوماسي،فكتبَ في أثناء ذلك قصائد ديوانه
"إسبانيا في القلب". وبدأ فيه تَحَوُّلَه عن الغموض والفردية ، إلى شِعر
ذي تَوَجُّه اجتماعي وملحمي وسياسي .
تُوُفِّيَ والده عام
1938، وزوجته الأولى عام 1942.
وفي عام 1952، نشر
ديوانه " أشعار القُبطان " ثُمَّ " الأعناب والريح "، و"
أغنيات بدائية " ( 1954) . ثُمَّ أتبعها بديوان آخَر بعنوان " أغنيات
بدائية جديدة " ( 1956)، ثُمَّ "كتاب الأغنيات الثالث" ( 1957) .
وفي عام 1958، ظهر
ديوانه " شاذ "، الذي يُمثِّل تحوُّلاً جديدًا في شِعره ، استعادَ فيه
مزاج بعض كُتب شبابه ، وإن كان بِنَفَس أقل دراميةً. وعاد شِعره ليرتبط
بالتَّوجهات الطليعية حتى السريالية، في " إبحارات وعَودات " ،
و"مئة سونيتة حُب"، و" أغنية مفخرة " الذي أصدره عام 1960
تكريمًا للثورة الكوبية .
وفي عام 1965،
منحته جامعة أكسفورد البريطانية دُكتوراة شرف ، وأصدر كتابًا مُشترَكًا مع ميغيل
أنخل أستورياس ، بعنوان " بينما نحن نأكل في هنغاريا " .
وفي عام 1968،
أُصيب الكاتب بمرض أقعده عن الحركة .
وفي 21 أكتوبر
1971، فاز نيرودا بجائزة نوبل للآداب . وعندما عادَ إلى تشيلي ، استقبله الجميع
باحتفال هائل ، في ستاد سانتياغو ، وكان على رأس الاحتفال الرئيس التشيلي سلفادور
الليندي ، الذي لَقِيَ مصرعه بعد ذلك على يد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال
بينوشيه .
لقد قضى هذا
الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخَب ، وآلاف المواطنين التشيليين ، وعلى
الديمقراطية في البلاد .
وقد جاء جنود
بينوشيه إلى بيت بابلو نيرودا، وعندما سألهم الشاعر: ماذا تُريدون ؟.قالوا له :
جِئنا نبحث عن السلاح في بَيتك . فردَّ قائلاً : إنَّ الشِّعر هو سلاحي الوحيد .
وبعدها بأيام ، تُوُفِّيَ نيرودا في 23 سبتمبر 1973متأثِّرًا بمرضه ، وبإحباطه من الانقلابيين . حتى إِنَّ آخر الْجُمَل ، ولعلَّها آخر جملة في كتابه " أعترف بأنني قد عِشْتُ " والذي يروي سيرته الذاتية ( صَدر بعد وفاته ) هي: " لقد عادوا لِيَخونوا تشيلي مَرَّةً أخرى".