وُلد الفيلسوف الفرنسي
برنار هنري ليفي ( 1948 _...) في
مدينة بني صاف شمالي الجزائر أيام
خضوعها للاحتلال الفرنسي ، لعائلة يهودية جزائرية ثرية . كان أبوه تاجر أخشاب .
وقد انتقلت أسرته من الجزائر إلى فرنسا بعد أشهر من ميلاده . أكمل ليفي المرحلة الثانوية في ثانوية لويس لوجراند بباريس، ثم التحق بمدرسة المعلمين العليا عام 1968 ، حيث
تخرَّج بشهادة في الفلسفة ، وهناك تأثر بأساتذته من فلاسفة فرنسا البارزين خاصة
جاك دريدا ولوي ألتوسير .
يُعتبَر ليفي " نجم تيار الفلاسفة
الجدد " الذي برز في فرنسا خلال سبعينيات القرن العشرين ، ويُوصَف بأنه
" يساري " من الناحية الفكرية والفلسفية ، ولكنه " يميني صهيوني
" على صعيد المواقف والممارسة السياسية . وقد عُرِف بتعصبه القوي لإسرائيل عندما يتعلق الأمر بمصالحها وأمنها،فقد
رفض وصف حروبها على غزة بالإبادة. وصرَّح عام 2010 _ إثر العدوان الإسرائيلي
المدمِّر على غزة _ بأن " الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية
" ، وهو القائل إن الجولان " أرض مقدسة " كما أنه
يُوظِّف ثقافته الفلسفية والأدبية لصالح " المحرقة اليهودية ". بل إنه
كان مُرَشَّحًا لرئاسة إسرائيل .
مارسَ
ومِن أبرز أدواره السياسية تقديمه الاستشارة
للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي يعدُّه من أخلص أصدقائه، وقد ساهم
في إقناعه بضرورة التدخل العسكري في ليبيا
2011، واتخذته سيغولين رويال مرشحة
الحزب الاشتراكي الفرنسي في انتخابات الرئاسة عام 2007 مستشارًا سياسيًّا لها .
رغم أن ليفي يُعَدُّ مفكرًا وفيلسوفًا وأكاديميًّا وسينمائيًّا ،
إلا أن شهرته ترسَّخت أكثر باعتباره صحفيًّا وناشطًا سياسيًّا ، حتى
صار " نجم كل وسائل الإعلام دون استثناء " ، وقد ذاع صيته في البداية
حين كان مراسلاً حربيًّا من بنغلاديش خلال
حرب انفصالها عن باكستان عام 1971 . ثم لمع نجمه في التسعينيات
حين دعا إلى تدخل حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) في يوغسلافيا السابقة. وفي
عام 2006 وقّع بيانًا مع 11 مثقفًا ( بينهم سلمان رشدي) بعنوان : "معًا
لمواجهة الشمولية الجديدة "، ردًّا على المظاهرات الشعبية التي اجتاحت
العالَم الإسلامي احتجاجًا على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم ، والتي نشرتها آنذاك صحيفة دنماركية . وقد احتل ليفي صدارة الأحداث في فرنسا والعالم ،
خاصة خلال ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس مطلع
عام 2011، حيث ظهر في عدد من بلدان الربيع العربي ولا سِيَّما ليبيا التي زار
عددًا من مدنها خلال الثورة على نظام معمر
القذافي، واتخذت شهرته خصوصية جديدة وغير مسبوقة أثناء أحداثها .
وعندما اندلعت الثورة السورية في مارس/آذار
2011، كتب ليفي مقالاً _ وقعه معه ثلاثة من مشاهير السياسة الفرنسية بينهم وزير
الخارجية الأسبق برنار كوشنير _ نشرته صحيفة لوموند يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول
2012، ودعوا فيه الدول الغربية للتدخل لقتال "استبداد آل
الأسد"و"التطرف الإسلامي"وذلك بهدف"وقف أنهار الدم"في سوريا خدمة"للمستقبل الديمقراطي".
ذكر ليفي في مقدمة فيلمه "قسَم طُبرق" الذي عُرض في مهرجان كان الفرنسي خلال مايو أيار 2012 ، أنه كان
موجودًا في ميدان التحرير أثناء
الثورة المصرية على نظام حسني
مبارك ، ويترك انطباعًا لمشاهدي فيلمه بأن الثورات العربية ما كان لها أن تقوم
لولا أنه شخصيًّا كان خلفها مشجعًا ومخططًا وقائدًا، رغم دفاعه عن جنرالات الجزائر
لمحاربتهم "إرهاب الفاشيين الإسلاميين". لكن ليفي الذي حاربَ إيرانَ
نجاد وسودانَ البشير، وندَّد بـ "جرائم الحرب" ضد سكان دارفور، مُطالبًا بالتدخل العسكري الدولي هناك،
هو نفْسه الذي يكفر بحقوق المضطهَدين حين يتعلق الأمر بإسرائيل التي يُعَدُّ
محاميها الرسمي، رغم مناشدته الأنظمة الغربية التدخل عسكريًّا في ليبيا تحت غطاء
" التدخل الإنساني " لمساعدة الثوار في سَعْيهم للإطاحة بنظام القذافي
يُعتبَر ليفي من أهم الكُتَّاب والمفكرين في أوروبا،وله أكثر من38 كتابًا في الفلسفة، والروايات والتراجم .