وُلد الشاعر الروماني
باول تسيلان ( 1920_ 1970) في تشيرنوفيتس في رومانيا ، وهي تقع حاليًّا في
أوكرانيا . وتُوُفِّيَ في باريس . اسمه الحقيقي باول أنتشيل . واختار أن يكتب
بالألمانية.
كانت عائلته يهودية تتحدث اللغة الألمانية .
وكان الابن الوحيد لوالدَيْه . التحق في البداية بالمدرسة
الأساسية الألمانية ثم بالمدرسة اليهودية ، ثم بالمدرسة الثانوية الحكومية
الرومانية لمدة خمس سنوات، حتى حصل على الشهادة الثانوية في يونيو 1938 من المدرسة
الثانوية الأوكرانية. وفي نفس العام شرع في دراسة الطب في تورس ، غير أنه عاد بعد
عام إلى رومانيا لدراسة العلوم الرومانية هناك .
وفي عام 1940 ، قامت القوات السوفييتية
باحتلال شمال بوكوفينا بما فيها مسقط رأسه تشيرنوفيتس . استطاع تسيلان في البداية
مواصلة الدراسة، غير أنه لَمَّا احتلت القوات الرومانية والألمانية منطقته في عام
1941، أُجبِر اليهود على العيش داخل جيتو . وقد تم ترحيل والديه في عام 1942 .
أمَّا والده فقد مات في معسكر في ترانسنيسترين جرَّاء مرض التيفوس، وأمَّا والدته
فقد أُعْدِمت رَمْيًا بالرصاص .
قضى تسيلان الفترة ( 1942_ 1943 ) مسجونًا
في معسكرات العمل الرومانية ، وأُجبِر على القيام بالأعمال الإجبارية في شَق الطرق
في جنوب مولدوفا . وبعد التحرير ( حين استولت القوات السوفييتية على تشيرنوفيتس في
أغسطس 1944 ) ، عاد تسيلان إلى تشيرنوفيتس مرة أخرى ، واستأنف دراسته بها .
وفي عام 1947 رحل عبر المجر إلى النمسا ،
ووصل إلى باريس عام 1948 . وصدرت في نفس السنة في فيينا مجموعة أشعاره
الأول"الرمل من الأوعية"التي لَم تجد في البداية أدنى اهتمام بها.
التقى تسيلان في أغسطس مِن عام 1948
إنجيبورج باخمان ، وربطت بينهما علاقة حب ، لكنها لَم تدم إلا قليلاً.وقد حاول
الاثنان في خريف 1950 العيش معًا من جديد،ولكن محاولتهما باءت بالفشل ، "
لأننا لأسباب شيطانية مجهولة لا نستطيع التنفس ونحن معًا " ، كما كتبت باخمان
في إحدى رسائلها .
وفي باريس تعرَّف
تسيلان في نوفمبر 1951 على الفناة جيزيل دو لسترونج، وتزوَّجها بعد عام واحد ،
وتعاونا معًا في بعض الأعمال .
وفي عام 1952 صدرت عن دار نشر
أنشتالت الألمانية مجموعته الشعرية " الخشخاش والذاكرة " ، التي تضم
قصيدته المشهورة " أنشودة الموت " التي تتخذ القتل الذي تعرَّض له يهود
أوروبا على أيدي النازيين موضوعًا لها . وتُعتبَر هذه القصيدة من القصائد السهلة
مُقارنةً ببقية قصائده الغامضة. وهي برأي النُّقاد أبلغ ما كُتب عن مأساة
الهولوكوست ، وأشهر قصائد تسيلان، وهي التي ساهمت في ربط تسيلان بالتراجيديا
اليهودية في القرن العشرين .
حصل تسيلان على الجنسية الفرنسية في عام
1955 . وفي عام 1960 ازدادت حِدَّة الاتهامات غير المبرَّرة من جانب كلير جول ،
أرملة الشاعر اليهودي إيفان جول، تجاه تسيلان بأنه ينتحل ويسرق قصائد زوجها الشاعر
الراحل، وكانت قد ربطت بينهما الصداقة ، وقام تسيلان بترجمة العديد من قصائده .
وقد ظلت تلك الاتهامات بالانتحال تلاحق تسيلان حتى آخر أيام حياته، وكانت تلك
الاتهامات تُسمَّى أيضًا " قضية جول".
أُدخِل تسيلان المستشفى أكثر مِن مَرَّة .
وعلى سبيل المثال ، مِن 28 نوفمبر 1965 حتى 11 يونيو 1966 ، لأنه اعتدى وهو في
حالة جنون كامل على زوجته وأراد قتلها بالسكين . وحدث الانفصال بينهما في نوفمبر
من عام 1967 ، وانفصل كلاهما عن الآخر في المسكن ، إلا أنهما بَقِيَا على اتصال
دائم .
أحاطَ الغموض ظروف وتاريخ موت تسيلان .
فالمرجَّح أنه قد انتحرَ في العشرين من أبريل 1970 بإلقاء نفْسه من فوق جسر ميرابو
إلى نهر السين.وانتُشِلت جثته من نهر السين في الأول من مايو 1970 قرب كوربفوا ،
والتي تبعد 10 كيلومترات عن باريس . وتم دفنه في الثاني عشر من مايو 1970 في مقبرة
تييس في فالدومارن .
ولتكريم تسيلان الذي اشْتُهِر بترجمة الشعر
، فقد أنشأ صندوق الأدب الألماني في عام 1988 جائزة باول تسيلان لتكريم أعمال
الترجمة البارزة . والجدير بالذِّكر أن تسيلان يُعتبَر أحد أعلام الشعر الألماني
في النصف الثاني من القرن العشرين .
مِن أبرز أعماله : الرمل من الأوعية ( 1948) . الخشخاش والذاكرة ( 1952 ) . مِن عتبة لأخرى ( 1955 ) . قضبان اللغة ( 1959) . الظهيرة ( 1961 ) . وردة الوَحدة ( 1963) .