وُلد الأديب السويدي
بار لاغركفيست ( 1891_ 1974) في منطقة سمولاند جنوبي السويد في بيئة ريفية متدينة
ومحافظة . كان والده موظفًا في سكة الحديد ، وكان أصغر إخوته الثمانية . وعلى
الرغم من الظروف المادية الصعبة ، فقد حصلوا جميعًا على تعليم جيِّد . التحق بعد
تخرجه من المدرسة الثانوية بجامعة أوبسالا ، إلا أنه لَم يحصل على درجة عِلمية .
ثارَ على
البيئة المحافظة التي ترعرع فيها، وبدأت أفكاره تأخذ منحًى اشتراكيًّا داروينيًّا
. تزوَّجَ مَرَّتين،وصارَ عُضوًا في الأكاديمية السويدية عام1940.ومُنح جائزة نوبل
للآداب عام 1951. ويُعتبَر من أهم رُوَّاد الحداثة في الأدب السويدي .
رفضَ
لاغركفيست كُلَّ ما هو تقليدي ونمطي في حياته ، كما هاجمَ الأدب المعاصر ، واعتبره
أدب انحطاط لا هدف له إلا التسلية، ويتخبط في متاهات الطبيعية.وقد طالبَ بأن يكون
الشعر تعبيرًا عن " زماننا "، وبأن يأخذ العِبَر من الشعر القديم
والتراث الإسكندنافي ، ويتعلم من الفن .
أثَّرت
الحرب العالمية الأولى على جيل كامل من الكُتَّاب الأوروبيين ، ومنهم لاغركفيست ،
فقد زعزعت إيمانهم ، وصارَ التساؤل عن معنى الوجود والصراع بين الخير والشر محور
كتاباتهم . وصار الالتزام ومناهضة الطغيان السياسي والحكم الشمولي والظلم
الاجتماعي بأنواعه هاجسهم .
عبَّرت
مجموعة لاغركفيست الشعرية " القلق " ( 1916) عن خيبة أمل جيل ما بعد
الحرب وضياعه . وكان ديوانه " الفوضى " ( 1919) أول محاولاته في الشعر
الدرامي ، حيث عالج فيه موضوع " عبث الوجود"، وتجوَّلت فيه شخصيات بلا
أسماء بحثًا عن ذاتها . وكتب مسرحيات من فصل واحد ، منها " حُلم ( كابوس )
منتصف الصيف في المأوى" ( 1914) .
وقد وصف
المؤلف نَفْسَه بأنه ملحد مُتديِّن ، باحث عن جواب السؤال الأزلي حول معنى الوجود
. ففي " الابتسامة الأزلية " ( 1920) تبحث
مجموعة من الموتى عن الإله لسؤاله عن الهدف مِن خَلْقها فتكون الإجابة : (( الحياة
أفضل من العدم )) .
رأى لاغركفيست مثل كثيرين غَيره من الكتاب
والمفكرين الخطر المحدق مع ظهور النازية والفاشية ، فكتبَ " الجلاد " ( 1933) و"القزم
" ( 1944) حول رُوح العصر المفعمة بالعنصرية والعنف واللهاث وراء المتعة ،
إلا أن ذلك لَم يُفقده الأمل ، فقد رأى أيضًا أن المحبة بين البشر هي المخلِّص
والعزاء ، وهي التي تمنح الحياة معناها .
كتب رواية
" بارابَّاس " ( 1950) . واعْتُبرت هذه الرواية تحفة أدبية ، وهو عمله
الأكثر شُهرة . والرواية تستند إلى رواية الإنجيل ، حيث حُكم على يسوع الناصري
بالموت مِن قِبَل السُّلطات الرومانية
مُباشرة قبل عيد الفِصْح اليهودي . وكان من عادة الرومان إطلاق سراح شخص أُدين
بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام . عندما يَقدم النائب الروماني بيلاطس البنطي على
تحرير يسوع أو بارابَّاس ( لص مُدان وقاتل) ، تقوم مجموعة من الغَوغاء بالمطالبة
بإطلاق سراح بارابَّاس ، ويتم إطلاق سراحه ، وصَلْب يسوع ( حَسَب رواية الإنجيل )،
ويقضي بارابَّاس حياته في محاولة لفهم لماذا تَمَّ اختياره للعيش بدلاً من يسوع .
وقد حُوِّلت هذه الرواية التي تُسيطر عليها الأسئلة الفلسفية والوجودية إلى فيلم
ناجح عام 1961 ، وقام الممثِّل العالمي أنتوني كوين بلعب دور البطولة .
تتمحور
كتابات لاغركفيست حول رُوح التشاؤم، لكنه يرى أن إيمان الإنسان بذاته هو ما
يُمكِّنه من البقاء . كل ذلك بأسلوب طفولي بدائي ، يلجأ إلى لغة الحديث اليومية
البسيطة ، وأحيانًا العامية المحكية ، في جُمل مُجتزأة ، وبإيقاع وسِحر
مُتَمَيِّزَيْن .
تُوُفِّيَ
في ستوكهولم ( عاصمة السويد ) في عام 1974 ، في سن الثالثة والثمانين .
مِن أبرز
رواياته: الناس ( 1912) . القلق ( 1916) . الفوضى ( 1919) . أغاني القلب ( 1926) . الروح القتالية ( 1930) . بارابَّاس
( 1950). الأرض المقدَّسة ( 1964) .
ومن أبرز مسرحياته:آخر رَجل ( 1917). لحظة صعبة ( 1918) . رَجل بلا رُوح (1936). النصر في الظلام ( 1939) . حجر الفلاسفة ( 1947) .