وُلد
الفيلسوف الأمريكي جون رولز ( 1921 _ 2002 )
في بالتيمور، ميريلاند . التحق بمدرسة كالفرت في بالتيمور لمدة ست سنوات ، قبل أن
ينتقل إلى مدرسة كينت ، وهي مدرسة إعدادية أسقفية في كونيتيكت .
بعد التخرج في عام 1939، التحق
رولز بجامعة برنستون ، حيث تخرَّجَ بامتياز مع مرتبة الشرف . وخلال السنتين
الأخيرتين له في برنستون ، أصبح مهتمًّا للغاية باللاهوت ومذاهبه .
حصل على درجة البكالوريوس في
الآداب في عام 1943 ، وجُنِّد في الجيش في فبراير من ذلك العام خلال الحرب
العالمية الثانية . وعمل كجندي مُشاة في المحيط الهادئ ، وحصل على نجمة برونزية،
وتحمَّلَ حرب الخنادق المكثفة في الفلبين،وشهد مشاهد مُروِّعة،وهناك فقد إيمانه
المسيحي.
بعد استسلام اليابان ، تَمَّت
ترقية رولز إلى رتبة رقيب ، لكنه أُصِيب بخيبة أمل مع عواقب الانفجار النووي في
هيروشيما . وعصى رولز أمرًا عسكريًّا لتأديب جندي زميل ، معتقدًا أنه لا يوجد ما
يُبرِّر العقوبة ، فَتَمَّ تخفيض رُتبته ، وغادر الجيش في يناير 1946 بعد خدمته
العسكرية ، وأصبح مُلْحِدًا . وبعدها ، عاد رولز إلى جامعة برنستون لمتابعة
الدكتوراة في الفلسفة الأخلاقية.
بعد حصوله على الدكتوراة من جامعة
برنستون في عام 1950 ، درَّس فيها حتى 1952. ثم حصل على منحة فولبرايت لجامعة
أكسفورد . وبعد عودته إلى الولايات المتحدة ، شغل منصب مساعد ثم أستاذ مشارك في
جامعة كورنيل. وفي عام 1962 أصبح أستاذًا
للفلسفة في جامعة كورنيل ، وسُرعان ما وصل إلى منصب ثابت في معهد ماساتشوستس
للتكنولوجيا. وفي نفس العام انتقل إلى جامعة هارفارد . نادرًا ما كان رولز يُجري مقابلات ، وكان لديه تلعثم ،
و" رُعب يُشبه رُعب الخفاش من الأضواء ". وفي عام 1995 ، عانى من سكتة
دماغية الأولى، مِمَّا أعاق بشدة قدرته على مواصلة العمل.ومع ذلك استطاع أن يُكمِل
كتابًا بعنوان " قانون الشعوب" وهو البيان الأكثر اكتمالاً لوجهات نظره
حول العدالة الدولية . تُوُفِّيَ في 24 نوفمبر 2002 ، ودُفِن في مقبرة جبل أوبورن
في ولاية ماساتشوستس.نشر رولز ثلاثة كتب رئيسية.الأول"نظرية في
العدالة". ركَّز على العدالة التوزيعية ، وحاول التوفيق بين المطالب
المتنافسة لقيم الحرية والمساواة . والثاني
" الليبرالية السياسية" تناولَ مسألة كيفية تقسيم المواطنين بسبب
خلافات دينية وفلسفية مستعصية يمكن أن تدعم نظام ديمقراطي دستوري.الثالث
"قانون الشعوب"، ركَّز على مسألة العدالة العالمية.
يُعتبَر كتابه " نظرية في العدالة " ( 1971 ) أهم كُتبه على الإطلاق.
وقد عُدِّل عام 1975 لأجل ترجمته ، وعُدِّل كذلك عام 1999 .
يحاول رولز في هذا الكتاب حل
مشكلة عدالة التوزيع ( التوزيع العادل اجتماعيًّا للأغراض في المجتمع ) باستخدام
نسخة مُعدَّلة من الأداة المعروفة بالعَقْد الاجتماعي . تُعرَف النظرية الناتجة
بعبارة "العدالة بِكَوْنها إنصافًا"، والتي اشتق منها رولز مبدأيه في
العدالة: مبدأ التحرر ومبدأ الفرق.
يُحاجِج رولز لأجل توفيق مبدئي
بين التحرر والعدالة، حيث يُراد منه أن يُطبَّق على الهيكل الأساسي لمجتمع جيِّد
التنظيم . ومن الضروري تقدير ظروف العدالة ، ووضع اختيار مُنصِف لأطراف العلاقة في
تلك الظروف . ويُتطلع إلى مبادئ العدالة لتوجه سلوك الأطراف .
ينتمي رولز لتقليد العَقْد
الاجتماعي ، إلا أن للعقد الاجتماعي وفق رولز رؤية مختلفة عن تلك التي للمُفكرين
السابقين. بشكل خاص،يقترح رولز ما يقول إنها مبادئ العدالة الناتجة عن استخدام
أداة مُصْطَنَعَة يُسمِّيها " الوضع الأصلي " ، والذي فيه يُقرِّر
الجميع مبادئ العدالة من وراء غطاء الجهل . هذا الغطاء يحجب عن الناس بالضرورة كل
الحقائق عن أنفسهم بحيث لا يمكنهم تفصيل المبادئ حسب منافعهم .
رأى رولز أن عدم التساوي
الاقتصادي يجب أن يخضع لشرطين: 1_أن يحصل لمواقع ووظائف مفتوحة للجميع ، وبشروط
تضمن المساواة في الفرص . 2 _ أن يعود هذا الفرق الاقتصادي بالنفع على أقل أفراد
المجتمع استفادة .
يُعتبَر رولز من مُنظِّري ومُؤسِّسي الليبرالية الاجتماعية ، حيث اهتم بالعدالة الاجتماعية . والبعض يعتبره أعظم فيلسوف سياسي في القرن العشرين . ويقول الفيلسوف الإنجليزي جوناثان وولف إنه" قد يكون هناك نزاع حول الفيلسوف السياسي الثاني الأكثر أهمية في القرن العشرين ، ولكن لن يختلف أحد على أن الفيلسوف الأول الأكثر أهمية هو جون رولز " .