وُلِد الروائي
الإنجليزي جون تولكين ( 1892_ 1973) في مدينة بلومفونتاين في أورانج فري
ستيت ( دولة أورانج الحرة _ مقاطعة فري ستيت
الحالية في جنوب أفريقيا ) .
كان أبوه مديرًا لأحد البنوك البريطانية في بلومفونتاين . وعندما
بلغ تولكين الثالثة، اصطحبته أُمُّه، هو وأخاه الأصغر، إلى إنجلترا في زيارة
عائلية . غَير أن الأب تُوُفِّيَ في جنوب أفريقيا ، مُتَأثِّرًا بالحمى قبل أن
يَلحق بهم، تاركًا
الأسرة بلا دخل . مِمَّا جعل الأم تنتقل بهما للعيش مع والديها في كينغز هيث في
برمنغهام . وقد تأثرت كتابات تولكين
بمشاهداته وتجاربه في تلك البلاد . أشرفت الأم بنفسها على تعليم ابنيها، وكان
رونالد ( وهو الاسم الذي كان يُعرَف به تولكين في محيط العائلة) تلميذًا مجتهدًا،
فَعَلَّمته أُمُّه عِلم النبات ، ونَمَّت فيه الإحساس بالجمال في النباتات. كما
كان تولكين يحب دروس اللغات، وقد بدأت أُمُّه في تعليمه مبادئ اللاتينية في سِن
مُبكِّرة . تحوَّلت والدة تولكين إلى الكاثوليكية عام 1900 ، رغم المعارضة العنيفة
من جانب عائلتها المعمدانية ، التي توقَّفت عن مساعدتها ماليًّا . وفي عام 1904 ،
وعندما كان تولكين في الثانية عشرة مِن عُمره، تُوُفِّيَت الأم متأثرة بداء السُّكري في إحدى ضواحي برمنغهام وهي في حوالي
الرابعة والثلاثين من عمرها، إذ لَم يكن الإنسولين قد اسْتُخْدِم
في علاج السُّكري بَعْد .
كانت والدته قُبَيل وفاتها قد أوصت أن يتولى
الوصاية على ابنيها القاصرَيْن أحد قساوسة كنيسة برمنغهام الكاثوليكية .
في عام 1911 ،
التحق تولكين بكلية إكستر ( إحدى كليات جامعة
أكسفورد ) ، حيث درس
في البداية الكلاسيكيات ( الأدب واللغة
والثقافة الإغريقية والرومانية ) ثُمَّ تَحَوَّل فيما بعد إلى دراسة اللغة
الإنجليزية ، حيث
تخرَّج عام 1915 .
في عام 1916 ، اشتركت المملكة المتحدة في
الحرب العالمية الأولى ، فتطوَّع تولكين للخدمة العسكرية ، وأُعْطِيَ رُتبة ملازم
ثانٍ . وتدرَّبَ لمدة سنة تقريبًا مع الكتيبة الثالثة عشرة ( احتياط ) . وفي 27
أكتوبر 1916 ، أُصِيب تولكين بِحُمَّى الخنادق ، مِمَّا حَدا بالقيادة إلى اعتباره
غير صالح للقتال ، فأُعْفِيَ مِن الخدمة ليعود إلى إنجلترا في 8 نوفمبر 1916 . وقد
عادَ ضعيفًا ومُنْهَكًا ليقضيَ ما تبقى من
فترة الحرب مُتنقلاً بين المستشفيات والأعمال الإدارية في الجيش، إذ حُكِم عليه
بعدم الصلاحية للخدمة العسكرية العامة.
وأثناء فترة نقاهته ، في كُوخ في غريت
هايوود بمقاطعة ستافوردشاير ، شرع تولكين في تأليف " كتاب الحكايات الضائعة
"، الذي بدأ بقصة "سقوط غوندولين " .
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، كانت
أول وظيفة مدنية يلتحق بها تولكين هي العمل في قاموس أكسفورد الإنجليزي، حيث كان
عمله الأساسي هو البحث في تاريخ وأصول المفردات ذات الأصل الجرماني.
وفي عام 1920، التحقَ بالعمل في تدريس اللغة
الإنجليزية بجامعة ليدز.
وفي عام 1924 ، رُقِّيَ إلى درجة أستاذ بالجامعة . وأثناء عمله بجامعة ليدز قام
بوضع كتاب " مفردات الإنجليزية
الوسيطة " . وفي
عام 1925 ، عاد إلى جامعة أكسفورد أستاذًا لكرسي اللغة الأنجلوسكسونية .
تُعتبَر " سَيِّد الخواتم " أبرز
أعمال تولكين على الإطلاق ، وهي رواية خيالية ملحمية فانتازية . بدأت كتتمة
لكتابه السابق " الهوبيت " ثم
تطورت إلى قصة أكبر بكثير ، كُتبت على مراحل في الفترة ( 1937_ 1949 )، وكثير
مِنها كُتب خلال الحرب
العالمية الثانية. وَنُشِرت في الأساس في ثلاثة
مجلدات في العامين 1954و 1955 ، وأُعِيد طبعها مُنذ
ذلك الحين مَرَّات كثيرة، كما تُرجمت إلى عشرات اللغات ، لتصبح واحدة من أكثر
الأعمال الأدبية انتشارًا في القرن العشرين .
تقع أحداث " سَيِّد الخواتم "
في أرض تُدعَى الأرض الوسطى . وتحكي
القصة عن شعوب مِثل الهوبيت ، البشر والأقزام والسَّحَرة والأورك والآلف وغَيرها،
وتتمحور حول خاتَم السُّلطة الذي صنعه سيد الظلام سورون. تتقدَّم
القصة بَدْءًا من المقاطعة عبر الأرض الوسطى
متتبعة حملات حرب الخاتم.وتتبع القصة الرئيسية سِتَّة ملحقات تُزوِّد القارئ
بخلفية لغوية وتاريخية حول الأحداث .
والجديرُ بالذِّكر أن أفلام سَيِّد الخواتم
والهوبيت ، قد أثارت شغف الجماهير لمؤلفات تولكين على نطاق عالمي .
وقد قام بإخراجها المخرج النيوزيلندي بيتر جاكسون .
حَظِيَ تولكين خلال السنوات التي تلت تقاعده ( 1959 _ 1973 عام وفاته ) بشهرة واسعة ورواج أدبي كبير ، وقد راجت مؤلفاته وأدَرَّت عليه أرباحًا كبيرة جعلته يُبدي الندم على عدم التقاعد مُبَكِّرًا . منحته الملكةُ إليزابيث الثانية وسامَ الإمبراطورية البريطانية مِن رتبة قائد ، وقُلِّدَ الوسام في قصر بكنغهام في 28 مارس 1972 .