إذا كَانَ لَمَعَانُ
عُيُونِ الشَّرْكَسِيَّاتِ مَنْفَايَ وَغُرْبَتِي / فَإنَّ لُغتِي هِيَ وَطَني /
لَكِنَّ أشلائي بِلا جِنْسِيَّةٍ / وأركضُ إلى آثَارِ نَزِيفِ اليَمَامِ عَلى
الثلجِ الأخضرِ/ لا تَاجٌ سِوَى شَجَرِ المقابرِ / وَلا عَرْشٌ سِوَى الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ
/ يَلْمَعُ المطَرُ في طُفُولَةِ البَنَادِقِ / وسَقَطَ دَمُ العُشَّاقِ الأحمرُ
في الشَّايِ الأخضرِ / وَحَفَّارُ القُبُورِ يَشْرَبُ شَايًا بالنَّعناعِ تَحْتَ
أشجارِ المقبرةِ / وَالفِئْرَانُ تُوَدِّعُ الرُّبَّانَ قَبْلَ غَرَقِ السَّفينةِ
في أحزانِ الغُرُوبِ /
قَلْبِي
هُدْنةٌ بَيْنَ الشَّرْكَسِيَّاتِ والبُوسنِيَّاتِ / أَرْكُضُ تَحْتَ جُسُورِ
سَرَاييفو نَشِيدًا للنُّعوشِ الزُّجَاجِيَّةِ / وأبكي تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ/
لَمْ تَجِئْ أُمِّي لِتَمْسَحَ دُمُوعي / وَلَمْ تَجِئْ غَابَاتُ القُوقازِ
لِتَزْرَعَ رِئَتي بَيْنَ المرايا والمزهرِيَّاتِ / لَيْتَنِي أتَحَرَّرُ مِن
أطْيَافِ الشَّرْكَسِيَّاتِ عِندَ الغُرُوبِ / لَيْتَنِي أتَحَرَّرُ مِن ظِلالِ
البُوسنِيَّاتِ عَلى خُدُودِ النَّهْرِ /
أنا خَائِفٌ
يا أُمِّي / أشِعَّةُ القَمَرِ تَخْلُعُ جِلْدِي / وتُحْرِقُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ
في ليالي الشِّتاءِ الدَّامي / وسَنَابِلُ الشَّفَقِ تَطْلُعُ مِن ثُقُوبِ جِلْدِي
/ وَأجفانُ القَتْلَى عَلى زُجاجِ نافذتي في المساءِ الفِضِّيِّ / فَكَيْفَ أنامُ
بَيْنَ المُسَدَّسَاتِ والذِّكْرَيَاتِ ؟ /
مَاتتْ
أزهارُ المقابرِ بَعْدَ جُرْعَةٍ زَائِدَةٍ مِنَ الذِّكرياتِ / والحَيَوَاناتُ
المَنَوِيَّةُ في أقفاصِ حَدِيقَةِ الحَيَوَاناتِ / ولا تَزَالُ رَائِحَةُ
الجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ في أنفِي / وطَعْمُ بُرتقالِ المَوْتِ في شُقُوقِ
جِلْدِي /
رَمَيْنا
جُثَثَ الجُنودِ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ / ورَفَعْنا الرَّايةَ البَيضاءَ في
مَعركةِ الوَهْمِ / والرِّياحُ تُلْقِي رُفاتي في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ /
وَمَسَاحِيقُ الغسيلِ سَتُخْفِي رَائِحَةَ الجُثَثِ في الليلِ الطويلِ /
أيَّتُها
الرَّاهبةُ المشلولةُ التي تُحَدِّقُ في مَزْهَرِيَّاتِ غُرفةِ الاعترافِ / سَوْفَ
يَنكَسِرُ الصَّليبُ بَيْنَ صَدْرِكِ وسَرَطَانِ الثَّدْيِ / والغريبُ يُحَدِّقُ
في بَرَاوِيزِ غُرفةِ التَّحقيقِ /
أنا
الطِّفْلُ الوَحيدُ في مَملكةِ السُّلِّ / أخافُ مِن لَمَعَانِ أظافري في لَيْلِ
الشِّتاءِ / وأتْبَعُ أثَرَ دِمَائي عَلى ثَلْجِ الطُّرُقَاتِ / وأشلائي تَتساقطُ
في أكوابِ الشَّايِ الباردِ / الذي نَسِيَ العُشَّاقُ أن يَشْرَبُوهُ / وذَهَبُوا
إلى ضَوْءِ الاحتضارِ في آخِرِ النَّفَقِ / والأمطارُ البَنَفْسَجِيَّةُ تَتساقطُ
عَلى النُّعوشِ النُّحَاسِيَّةِ / والفَيَضَانُ يَرْمي في حُفَرِ المَجَاري أسنانَ
النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ /