أَقْتُلُ نَفْسِي
لأُحْيِيَ نَفْسِي/ أغتالُ ذِكْرَياتي كَي أَرِثَ عِظامي / أنا خَليفةُ نَفْسِي
أَرِثُهَا بَعْدَ مَوْتِها/ وأرْثِي أشلائي الضَّائعةَ في أحلامِ الطفولةِ /
لِئَلا أمْنَحَ طُيورَ البَحْرِ فُرْصَةً لِرِثَائي / مَاتَ النَّهْرُ مُتَأثِّرًا
بِجِرَاحِهِ / قَتَلْنَاهُ وَمَشَيْنَا في جِنازته / رَثَيْنَاهُ وَوَرِثْنَاهُ /
وَرَفَعْنَا الرَّايةَ البَيضاءَ عَلى الأكفانِ البَيضاءِ في السُّوقِ السَّوداءِ
/ وما زِلْتُ أغْسِلُ دَمَ الزَّوَابعِ بِدَمِ العَصَافِيرِ /
كُنْ نَفْسَكَ / كُنْ جُثمانَ أبِيكَ / كُنْ
جَدَائِلَ أُمِّكَ / وَلا تَقُلْ : مَا أجملَ الحياةَ لَوْ كُنْتُ حَفَّارَ قَبْري
/ أنتَ القاتلُ والضَّحيةُ / أنتَ الصَّيادُ والفَريسةُ / أنتَ سُورُ المقبرةِ
وأعشابُ الأضرحةِ / يَكْسِرُ مَطَرُ الخريفِ ضَفائرَ أُمِّي / وأركضُ في حَديقةِ
المَوْتَى بِلا أُمٍّ وَلا حِكَايات/ مَاذا أَخَذَ العُميانُ مِن التَّاريخِ سِوى
المساميرِ الصَّدِئَةِ في الصُّلْبانِ المكسورةِ ؟ /
الرَّمْلُ
الأزرقُ يُوَزِّعُ الأوسمةَ العسكريةَ عَلى الأيتامِ والأراملِ والجُنُودِ
المَهزومِين / اترُكْنِي أيُّها الحُزْنُ
الكريستالِيُّ كَمَا أنا / وَحيدًا مَنبوذًا / أُدَافِعُ عَن شَرَفِ الغُبارِ في
مُدُنِ السُّلِّ / يا وَطني المَنْسِيَّ / انْسَ وُجوهَ الأطفالِ / وَهُم
يَبيعُونَ العِلْكَةَ عَلى إشاراتِ المُرورِ / وَطَنٌ مَات / والذِّكرياتُ مَاتتْ
/ وِلادتي هِيَ إعلانُ الحُكْمِ بإعْدَامي / وأنا المَيْتُ الحَيُّ لا الحَيُّ
المَيْتُ /
أَحِبِّينِي يَا أشِعَّةَ القَمَرِ في
الشِّتاءِ الحزينِ / حِينَ يَأكُلُ خُدُودي دُودُ المقابرِ / وَيَذُوبُ لَحْمي في
التُّرابِ / كَمَا يَذُوبُ السُّكَّرُ في قَهْوَةِ العُشَّاقِ / جِلْدِي مَقبرةٌ
مِنَ السِّيراميك / والفِئرانُ تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / فَلا تَكْرَهْني يا
أبي / ولا تَبْكِي عَلَيَّ يا أُمِّي /