يَا مُدُنَ السُّلِّ المُعَلَّبَةَ
كالسَّرْدين / أيَّتُها الجُثَثُ المجهولةُ التي تتكاثرُ مِثْلَ أكواخِ الصَّفيحِ
في القُرى المَنبوذةِ / إنَّ السَّمكةَ ابْتَلَعَت الطُّعْمَ / وَلَن يُنقِذَها
البَحْرُ ولا ضَوْءُ القَمَرِ /
أكفانُ الجنودِ مَغسولةٌ بِذِكْرياتِ
الأراملِ / بَناتُ أفكاري قَتيلاتٌ على أسوار القُصُورِ / والرُّومانسيةُ كِذبَةُ
نَيْسَانَ في الشِّتاءِ الدَّامي/ دَمِي في حُفَرِ المجاري / لَكِنَّ جُثماني في
حَاويةِ القُمامةِ / كَأنَّني لَمْ أَجِئْ إلى هَذِهِ الأرضِ / ولا أعْرِفُ هَل
عِشْتُ حياتي أَمْ عِشْتُ مَوْتي /
اترُكِي بَصْمَتَكِ عَلى
شَاهِدِ قَبْري/ كُونِي حَبَّةَ الكَرَزِ المَنْسِيَّةَ بَيْنَ الأضرحةِ/ لَن
تَكُونَ جُثتي هي الوَرْدَةَ تَحْتَ أشجارِ المقبرةِ / فابْحَثُوا عَن شَارِعٍ
بَيْنَ أشجارِ المقابرِ كَي تُطْلِقُوا عَلَيْهِ اسْمِي / أنا القائدُ المهزومُ في
أرشيفِ القَرَابين / أُقَاتِلُ الصَّوْتَ / وأُعْلِنُ انتصاري على الصَّدى / أنا
المحكومُ بالحَنينِ والذِّكرياتِ / نَوْرَسٌ يَنتظِرُ المَوْتَ / وَكَانَ
الانتظارُ هُوَ المَوْتَ /
دَمُ العُشَّاقِ يَطْفُو عَلى
سَطْحِ الشَّايِ الأخضرِ/ وَدَمِي لَيْسَ أزرقَ/تَطْفُو الجُثَثُ عَلى سَطْحِ
الماءِ أوْ سَطْحِ الدَّمْعِ / وأظافرُ السَّبايا مَغرُوسةٌ في جَسَدِ التُّفاحِ /
فيا أيَّتُها الأغاني التائهةُ بَيْنَ زُعَماءِ الطوائفِ وَشُيُوخِ
القَبائلِ/لماذا تُظَلِّلُ الرَّاياتُ المُنَكَّسَةُ أكفانَ النِّساءِ تَحْتَ
الأمطارِ النُّحَاسِيَّةِ؟/
في بَرَامِيلِ النِّفْطِ
يَفُورُ دَمُ الحَيْضِ للجَوَاري/ يَنعكِسُ ضَوْءُ القَمَرِ عَلى فَرْوِ الثعالبِ
/ فيا أيَّتها السَّيدةُ الباكيةُ تَحْتَ الجِسْرِ البَعيدِ/ خُذِي جِلْدَ
الرِّيحِ حَقيبةً للتَّسَوُّقِ/ يا أيَّتُها الذُّبابةُ المقتولةُ عَلى زُجاجِ
القِطاراتِ / إنَّ بِلادي مَكسورةٌ كَرَاهِبَةٍ مَشْلُولةٍ في دَيْرٍ بَعيدٍ /
قُرْبَ رِئَةِ الشِّتاءِ المَثقُوبةِ /