الهَلَعُ يَتفجَّرُ في
خُدودِ الصَّبايا / والرِّمالُ المُتحرِّكةُ تَرْسُمُ الخَوْفَ عَلى وُجوهِ
الأطفالِ / الذينَ يَبْنُونَ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ تَحْتَ لَمَعَانِ الأمطارِ /
ثُمَّ يَهْدِمُونَها تَحْتَ لَمَعَانِ الخناجِرِ /
قُتِلَت
البُحَيرةُ في اشتباكٍ مُسَلَّحٍ مَعَ السَّرَابِ / قَتَلْنَا أحلامَ الطفولةِ /
ومَشَيْنَا في جِنَازَتِهَا / بَكَت النِّساءُ في مَرْفَأ الوَدَاعِ / بَكَى
الخريفُ في دَمِي / والدُّموعُ لَن تُعِيدَ القَتْلَى / أنا الرَّصاصةُ الأُولَى
والرُّومانسِيُّ الأخيرُ في مُدُنِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / أنا أوَّلُ مَن
يُدْفَنُ بَيْنَ حَبَّاتِ التُّوتِ / وآخِرُ شَجَرَةٍ في المقبرةِ / أمشي إلى
أشِعَّةِ القَمَرِ في الخريفِ / وأعْرِفُ أنَّ بَيْتَنَا سَيَخْلُو مِن سُعالِ أبي
/
وَرَّثَتْنِي البُحَيرةُ عُقَدَهَا النَّفسيةَ / ومَاتتْ بَيْنَ حَنجرةِ
النَّهْرِ وجُثْمَانِهِ / والعَوَاصِفُ تَزرعُ الأغاني الوَطنيةَ بَيْنَ العَبيدِ
والسَّبايا / والذِّكرياتُ صُورةُ البُرتُقَالِ بَيْنَ أرقامِ القَتْلَى /
وَجِلْدِي أرشيفُ المطرِ في مُدُنِ الرَّمادِ / والقَنَّاصُ المشلولُ الذي يَعيشُ
في أبراجٍ مِن جَمَاجِمِ الأطفالِ / أَطْلَقَ النَّارَ عَلى الكِلابِ
البُولِيسِيَّةِ / وتَنَاثَرَ الدَّمُ على زُجاجِ السَّياراتِ في مَمَالِكِ
الخديعةِ /
لا تَقْلَقْ
عَلى مُسْتَقْبَلِكَ المُشْرِقِ يَا حَفَّارَ القُبورِ / سَوْفَ تَجِدُ مَن
يَدْفِنُكَ عِندَما تَمُوتُ / لَن تَظَلَّ جُثَّتُكَ عَلى الرَّصيفِ / نَحْنُ
ذَاهِبُونَ إلى لَمَعَانِ أشجارِ الكَرَزِ بَيْنَ الأضرحةِ / نَجْمَعُ ذَهَبَ
الخِيانةِ / ونَعِيشُ في التَّوابيتِ الفِضِّيةِ/ وتَنمو أشجارُ المقبرةِ في
قَفَصي الصَّدْرِيِّ/ والصَّبايا يَرْمِينَ مِناديلَ الوَداعِ في هَيْكلي
العَظْمِيِّ / والمساءُ يَغتَصِبُ مَحطةَ القِطاراتِ / والأمطارُ نَسِيَتْ جُثماني
على مَقْعَدِ الانتظارِ الخَشَبِيِّ /
أنا الغريقُ
الرُّومانسِيُّ / لِي نَصيبٌ مِن جَسَدِ البُحَيرةِ / ومَملكتي بَيْنَ رَائحةِ
الخُبْزِ ورَائحةِ الرَّصاصِ/ كِلابٌ بُوليسيةٌ بَيْنَ الكَنائسِ والعَوَانسِ/
والرَّاهباتُ المشلولاتُ على الكَراسي المُتحرِّكةِ/ لا عَرْشَ للرَّمادِ سِوى
غُرفةِ الاعترافِ/ والدُّموعُ الخضراءُ في المزهرِيَّاتِ/ وكُحْلُ الفَتَيَاتِ
يَسيلُ على نَصْلِ المِقْصَلةِ / وأنا البَعيدُ عَن قَلبي / القَريبُ مِن أظافري /
أَشُمُّ عِطْرَ الأمواتِ في الغُروبِ الفاصلِ بَيْنَ شَراييني والنَّهْرِ /