رِئَتي زَهرةٌ يَتيمةٌ في مَقبرةٍ قَديمةٍ/
القُبورُ مَطْمُوسةٌ/وحِبَالُ الغسيلِ على أشجارِ المقبرةِ / أخُوضُ حَرْبًا
أهليةً عَلى ثَلاثِ جَبَهَاتٍ/ قَلْبي ورِئتي وَجُثماني/فَمَا فَائدةُ أن أكُونَ
وَرْدَةً بَيْنَ شَواهِدِ القُبورِ؟/
جُرْحِي على
حَافَةِ المساءِ/ والقَطيعُ يَسِيرُ إلى حَافَةِ الجَبَلِ / والرَّاعي يُنَظِّفُ
مِزْمَارَهُ بِدُمُوعِ أُمِّهِ / وأنا أُنظِّفُ مُسدَّسي بِدُمُوعِ أبي / كُلُّ
شَيْءٍ ذَاهِبٌ إلى الانطفاءِ الرَّهيبِ / والفَرَاشاتُ تَركضُ إلى الحُفْرَةِ
العَميقةِ/ ويَنطفِئُ لَمَعَانُ الأظافرِ المكسورةِ في غَابةِ اليَاقوتِ/ يَنطفِئُ
عِطْرُ الضَّفائرِ المقصوصةِ في بُحَيرةِ الدَّمْعِ / فَمَا فَائدةُ قَميصِ
النَّوْمِ إذا كانت المَرْأةُ جُثَّةً هَامِدَةً ؟ /
أصواتُ المَوْتَى لا تَزالُ في
ثُقوبِ جِلْدي / وَصُوَرُ الأطفالِ القَتْلى الذينَ يَصْرُخُونَ عَلى زُجاجِ
نافذتي / وَفِرَاشُ المَوْتِ يُنادي على المِلْحِ في خُبْزِ أُمِّي / يُنادي
عَلَيَّ المَوْتُ في المساءِ السَّحيقِ / وأخافُ أن أُلَبِّيَ / الرَّاعي نائمٌ
تَحْتَ شَجرةِ الاحتضارِ / وَالقَطِيعُ يَسِيرُ إلى قَاعِ الوَادي / لا تَاريخَ لَنَا
سِوى هَاوِيَةِ الفِضَّةِ في الجُثَثِ الذهبيةِ /
أيَّهُا الغريبُ / لماذا
تَنتظِرُ امرأةً تَضُمُّكَ إلى صَدْرِها ؟/ سَرَطَانُ الثَّدْيِ أحرقَ الأخْضَرَ
وَاليَابِسَ/ وَعَادَت النَّوارِسُ إلى البَحْرِ في لَيالي الانقلاباتِ
العَسكرِيَّةِ / وَدِمَائي عَلى ثُلوجِ التِّلالِ الحزينةِ / وَدَمُ الحَيْضِ
السَّاخنُ عَلى بَلاطِ السُّجونِ الباردِ / وَأنا المُهَاجِرُ مِن دَمِ القَتْلى
إلى دَمِ القَتيلاتِ / أنا المُسَافِرُ الأبديُّ مِن الشَّايِ الأخضرِ إلى دَمْعِي
الأخضرِ / أزْرَعُ ذِكرياتِ الخريفِ بَيْنَ صُرَاخِ الأيتامِ وَصَوْتِ الرَّصاصِ /
وَنَوَارِسُ البَحْرِ تَزرعُ الحواجِزَ العَسكرِيَّةَ بَيْنَ نَوْبَاتِ اكتئابي /
والفَراشاتُ التي عَادَتْ إلى جُثمانِ النَّهْرِ/ تُخَطِّطُ لاغتيالي في لَيالي
الخريفِ البَاردةِ/ والأطفالُ يَقْضُونَ العُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ في تَلْمِيعِ
أشجارِ المقابرِ الرُّخَامِيَّةِ / والفُقَرَاءُ يَحْرُسُونَ بَوَّاباتِ المقابرِ
مِنَ الصَّدأ والصدى/
سُعَالُ أبي يَدُلُّ
العَصافيرَ عَلى قَبْري / وَجَدائلُ أُمِّي تُرْشِدُ الفَرَاشاتِ إلى جُثمانِ أبي
/ أدْهَنُ بَوَّابةَ المقبرةِ بِمِلْحِ دُمُوعي / فيا أيُّتها الغريبةُ في مُدُنِ
الصُّراخِ / رِائحةُ عِطْرِكِ تُشْبِهُ رَائحةَ المُلُوخِيَّةِ في لَيالي
الشِّتاءِ الحزينةِ/وَنَسِيَ المساءُ الحزينُ حَبَّاتِ الكَرَزِ عَلى شَواهدِ
القُبورِ في غَابةِ الكَهْرَمان/