الحُبُّ الضَّائعُ
تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ القَتيلةِ / وأحلامُ الطُّفولةِ في مَرافئِ الجِرذان /
تُبْحِرُ السُّفُنُ ولا تَعُودُ / تَذْهَبُ أُمِّي إلى المَوْتِ ولا تَعُودُ /
يَقِيسُ الليلُ خُدُودَ الشَّركسياتِ بأغاني الرَّحيلِ / وأقِيسُ أظافري باحتضاراتِ
الذُّبَابِ / وكُلَّمَا تَفَجَّرَ المساءُ في ثُقوبِ جِلْدي / رَأيتُ وُجوهَ
القَتلى عَلى زُجاجِ نافذتي / ولا رِسالةَ في صُندوقِ البَريدِ إلا الصَّدَأ /
بُكاءُ
الأمواجِ في الليالي الكريستالِيَّةِ / يُخَبِّئُ أحزانَ الغاباتِ في لَمَعَانِ
عُيُونِ الشَّركسياتِ / والبَيْتُ مَهجورٌ كَدَمْعِ النَّوارسِ/والأكفانُ
البَيضاءُ تُغطِّي الأثاثَ المُسْتَعْمَلَ/ شَوارعُ السُّلِّ مُحَاصَرَةٌ
بِنِقَاطِ التَّفتيشِ العَسْكَرِيَّةِ / ودَمُ الأطفالِ يَسِيلُ في أنابيبِ
الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ /
أركُضُ في
أحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ وَرَاءَ طَيْفِ النِّساءِ الغامضاتِ/العائشاتِ في
قِطَاراتِ الشَّفَقِ/ المقتولاتِ في غَابَاتِ السَّحَرِ / وَمَن أحَبَّ حُلْمًا
عُذِّبَ بِهِ / الطِّفْلُ المنبوذُ يَحْفَظُ جُثمانَ أُمِّهِ في ثلاجةِ المطبخِ /
ويُخَبِّئُ الأيتامُ نُعُوشَ آبَائِهِم في الحقائبِ المدرسيةِ/ مَاتت النِّساءُ في
الغُروبِ البعيدِ/ وبَقِيَتْ فَساتينُ الأعْرَاسِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ/ وَضَاعَتْ
مَلاقِطُ الحَوَاجِبِ بَيْنَ مَلاقِطِ الغسيلِ/ وثلاجةُ المطبخِ هِيَ ثلاجةُ
المَوْتَى/وصَوْتُ الرَّصاصِ في خُدُودِ الفَرَاشَاتِ/ وآثارُ الرَّصاصِ على
نوافذِ غُرفتي/ بَراءةُ الأطفالِ بَيْنَ مَساميرِ النُّعوشِ الصَّدِئَةِ وتُفاحِ
المقابرِ الجماعِيَّةِ / لا تَقْلَقْ عَلَيَّ يا أبي / سَوْفَ يُزْهِرُ رُفاتي
بَيْنَ أوراقِ الخريفِ بُرتقالًا وذِكْرَيَاتٍ / لا ذَاكِرَةٌ سِوَى مَلاقِطِ
الغسيلِ على سُطُوحِ البُيُوتِ المهجورةِ / ولا تابوتٌ سِوَى خَشَبِ الأثاتِ
المُسْتَعْمَلِ في المنافي الكِلْسِيَّةِ /
فِئرانُ
التَّجَارُبِ في المقابرِ المَلَكِيَّةِ / وأنا الغريبُ في أدغالِ الغُروبِ /
رَأيْتُ انكسارَ الطيورِ الكاسرةِ / وكُلُّ كَاسِرٍ مَكْسُورٌ / رَأيْتُ سُقُوطَ
الدُّوَلِ الذابلةِ / وكُلُّ زَهْرِةٍ ذَابِلَةٍ يَقْطِفُها صَوْتُ الأمواجِ/
والأيتامُ يَجْمَعُونَ جَدَائِلَ أُمَّهَاتِهِم في صَناديقِ الأسلحةِ / التي
نَسِيَهَا الجُنودُ في مَعركةِ الوَهْمِ / وهَرَبُوا إلى بَرِيقِ الأوسمةِ
العسكريةِ في السَّرابِ /