بَعْدَ الشَّركسيات / قَلْبي مَات /
السَّلامُ عَلى الأُنوثةِ والذِّكريات / قُلُوبُهُنَّ مَوْجُ لامِعٌ في بَحْرِ
الظُّلُمَات / بَعْدَ الشَّركسياتِ / كُلُّ شَيْءٍ مَات /
أيَّتُها الشَّركسيةُ التي تَرْكُضُ في
غَاباتِ القُوقازِ كَنَهْرٍ مِن فِضَّةٍ / خُذي بُنْدُقِيَّتِي بَعْدَ مَوْتي
تَذكَارًا بَيْنَ الحُبِّ الأوَّلِ والرَّصَاصَةِ الأُولَى / سَأظلُّ حَيًّا في
قَلْبِ السَّرابِ / تُضِيءُ أشلائي صَفِيرَ القِطاراتِ / وَلَمْ يَعُدْ هُناكَ
شَيْءٌ نَبْكي عَلَيْهِ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاعَ / ذَهَبَ الذُّبَابُ إِلى الضَّوْءِ
في آخِرِ النَّفَقِ / والضَّوْءُ هُوَ المَوْتُ / وَبَقِيَتْ وَصَايا المَحكومينَ
بالإعدامِ عَلى مَقَاعِدِ مَحطةِ القِطاراتِ / دَمْعُ الكَرَزِ تاريخٌ للأراملِ
الشَّابَّاتِ/ وَشَرَايِينُ الغَيْمِ جُغرافيا للأيتامِ/ الذينَ يَبيعونَ أشلاءَ
أُمَّهَاتِهِم على إشاراتِ المُرورِ / والبَحْرُ المشلولُ يَبيعُ أمْعَاءَهُ
للرِّياحِ كَي يَشتريَ الخُبْزَ لأبنائِهِ /
جُثتي مَنْسِيَّةٌ عَلى كُرْسِيٍّ هَزَّازٍ
مَصْنُوعٍ مِن خَشَبِ البَلُّوطِ في الوَطَنِ الضَّائِعِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ
تُحْرِقُ جُلُودَ العُشَّاقِ وأشجارَ الغاباتِ / يَتساقطُ التُّوتُ البَرِّيُّ
عَلى جُثماني المائِيِّ / لَكِنِّي أمشي تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ في غَاباتِ
الرَّصَاصِ الحَيِّ حُزْنًا مَيْتًا / وأكتشفُ لَمَعَانَ الحُزْنِ في عُيونِ
الشَّركسياتِ / لَيْتَني أعِيشُ في أرْوَاحِ الشَّركَسِيَّاتِ / كَي أظَلَّ حَيًّا
إلى الأبَدِ /
تَتساقطُ دُمُوعُ التُّفاحِ عَلى بَلاطِ
الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ/ وَجُلودُ العَبيدِ أكفانٌ لِطُيورِ البَحْرِ / وأبي
مَاتَ عَلى الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ أمامَ مَوْقَدَةِ الشِّتاءِ الغامضِ/ أيَّتُها
الطفولةُ الضائعةُ بَيْنَ نَوافذِ القطاراتِ وأثاثِ بَيْتِنا المهجورِ/ إنَّ
الثلجَ الأزرقَ يَغتصِبُ مِدْخَنَةَ الدَّيْرِ / وَدَمُ الحَيْضِ للرَّاهباتِ عَلى
القِرْمِيدِ الباكي تَحْتَ الأمطارِ القِرْمِزِيَّةِ / والعاصفةُ تَصنعُ بَابَ
غُرفتي مِن شَظايا جُمْجُمتي /
تَتَقَمَّصُ الضَّحِيَّةُ قَاتِلَهَا /
وَتُصْبِحُ المرايا المكسورةُ مَزْهَرِيَّاتٍ لأحلامِ الطفولةِ الضائعةِ / وَتَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ / يُصْبِحُ
السَّجَّادُ الأحمرُ مَساميرَ للنُّعوشِ الجديدةِ في مُدُنِ الكُوليرا
والانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / وَكُلَّمَا بَحَثْتُ عَن رَسَائِلَ في صُندوقِ
البَريدِ وَجَدْتُ جُثَّتي الطازَجَةِ / وَحْدَها جُثَّتي الطازَجَةُ في صُندوقِ البَريدِ / وَسَوْفَ يَأكُلُها الدُّودُ
والذِّكرياتُ والأمطارُ /