افْرَحْ يَا ضَوْءَ
القَمَرِ فَوْقَ مَحاكمِ التَّفتيشِ/ إنَّ الجيوشَ البَدَوِيَّةَ سَتُحَرِّرُ
فِلِسْطِين / ذَهَبَتْ أُمِّي إلى المَوْتِ / وَبَقِيَتْ جَدائِلُها في صُحونِ
المطبخِ / وأخشابُ المطبخِ صَارَتْ تابوتًا أنيقًا للقَتيلةِ / وأشجارُ الكَرَزِ
تَنْمُو في الهياكلِ العَظْمِيَّةِ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ /
سَامِحْنِي يا بَريقَ
السَّرابِ / أنا الرَّمْلُ الأخضرُ / لَكِنَّ دَمِي لَيْسَ أخضرَ / أكَلَ
الإعْصَارُ الأخْضَرَ وَاليَابِسَ / اغْفِرْ للصَّحراءِ أيُّها السَّرابُ/
خَانَتْنِي الرِّمالُ المُتحرِّكةُ/ يَرِنُّ الدَّمْعُ كأغصانِ الخريفِ / ومَا
زِلْتُ أسْمَعُ رَنينَ المِلْحِ في دُموعِ أُمِّي في لَيالي الشِّتاءِ
الدَّمَوِيِّ /
رَاياتُ القَبائلِ تُرَفْرِفُ
على بَراميلِ النِّفْطِ / وأعلامُ القَراصنةِ تَهْتَزُّ عَلى حُطَامِ السُّفُنِ/
كَنُهُودِ الرَّاهباتِ المصلوباتِ عَلى أبراجِ الكنائسِ / دَخَلَ العُشَّاقُ في
مَناديلِ الوَداعِ المَنْسِيَّةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ/ والسَّفينةُ تَذهبُ إلى
الغَرَقِ / وقَطيعُ الغَنَمِ يَركضُ إلى الهاويةِ الأُرْجُوانِيَّةِ تَحْتَ ضَوْءِ
القَمَرِ /
وَدِّعُوا الرُّبَّانَ أيُّها
البَحَّارَةُ / وَسَامِحُوهُ / ولا تَحْقِدُوا عَلَيْهِ / إنَّ السَّفينةَ
تَغْرَقُ / كَما تَغْرَقُ قُلوبُ البَناتِ في لَمَعَانِ الغُروبِ / وأسْمَاكُ
القِرْشِ سَتَأكُلُ الجُثَثَ / والشِّعَابُ المَرْجَانِيَّةُ تَبْتَلِعُ أعلامَ
القَبائلِ وأُغنياتِ الرَّحيلِ وذِكرياتِ الأراملِ / ولَمْ يَبْقَ مِنَ الجُنودِ
القَتْلى غَيْرُ بَساطِيرِهِم /
عِندَما يَأتي المساءُ /
يَهْجُمُ الحُزْنُ عَلَيَّ كَذِئْبٍ جَائعٍ / أرى صُوَرَ الأمواتِ عَلى زُجاجِ
نافذتي / بِلا ذِكْرياتٍ ولا بَرَاويز / وَتَكْسِرُ أوراقُ الخريفِ مَزْهَرِيَّاتِ
الصَّدى ومَرَايا الصَّدَأ / دَمُ القِطَطِ الضَّالةِ يَكْسِرُ زُجاجَ السَّياراتِ
العَسكرِيَّةِ/ والمطرُ البلاستيكِيُّ يَكْسِرُ مَساميرَ نَعْشِي / سَتَأكُلُ
العَناكبُ الصُّوَرَ التَّذكارِيَّةَ / وَيَأكُلُ البَقُّ خَشَبَ البَرَاوِيزِ /
وَنَعُودُ أيتامًا بِلا ذِكْرَياتٍ ولا أُمَّهَاتٍ /
سَامِحْنَ الجُنودَ القَتْلى
أيَّتُها الرَّاهباتُ السَّائراتُ إلى حِصَارِ ستالينغراد / كَأنَّ ضَوْءَ
القَمَرِ وَضَعَ السَّبايا في الشَّاحناتِ / وَلَمْ أعُدْ أرى الشَّمْسَ ولا
القَمَرَ / مَاتَ رَجُلُ الثلجِ تَحْتَ شَمْسِ الخريفِ / والسَّنابلُ تَمشي في
طَريقِ البَحْرِ / والنَّوَارِسُ تَطيرُ باتِّجاهِ أطيافِ نَصْلِ المِقْصَلةِ /
أُعْطِي قَميصي لِدُودةِ القَزِّ / وأمُوتُ تَحْتَ جُسورِ سَرَاييفو عَارِيًا / ولَمْ
أَبِعْ قَميصَ عُثمانَ في سُوقِ القَبائلِ /