سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

31‏/12‏/2023

المسدسات في المزهريات

 

المسدسات في المزهريات

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

     إذا كَانَ لَمَعَانُ عُيُونِ الشَّرْكَسِيَّاتِ مَنْفَايَ وَغُرْبَتِي / فَإنَّ لُغتِي هِيَ وَطَني / لَكِنَّ أشلائي بِلا جِنْسِيَّةٍ / وأركضُ إلى آثَارِ نَزِيفِ اليَمَامِ عَلى الثلجِ الأخضرِ/ لا تَاجٌ سِوَى شَجَرِ المقابرِ / وَلا عَرْشٌ سِوَى الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ / يَلْمَعُ المطَرُ في طُفُولَةِ البَنَادِقِ / وسَقَطَ دَمُ العُشَّاقِ الأحمرُ في الشَّايِ الأخضرِ / وَحَفَّارُ القُبُورِ يَشْرَبُ شَايًا بالنَّعناعِ تَحْتَ أشجارِ المقبرةِ / وَالفِئْرَانُ تُوَدِّعُ الرُّبَّانَ قَبْلَ غَرَقِ السَّفينةِ في أحزانِ الغُرُوبِ /

     قَلْبِي هُدْنةٌ بَيْنَ الشَّرْكَسِيَّاتِ والبُوسنِيَّاتِ / أَرْكُضُ تَحْتَ جُسُورِ سَرَاييفو نَشِيدًا للنُّعوشِ الزُّجَاجِيَّةِ / وأبكي تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ/ لَمْ تَجِئْ أُمِّي لِتَمْسَحَ دُمُوعي / وَلَمْ تَجِئْ غَابَاتُ القُوقازِ لِتَزْرَعَ رِئَتي بَيْنَ المرايا والمزهرِيَّاتِ / لَيْتَنِي أتَحَرَّرُ مِن أطْيَافِ الشَّرْكَسِيَّاتِ عِندَ الغُرُوبِ / لَيْتَنِي أتَحَرَّرُ مِن ظِلالِ البُوسنِيَّاتِ عَلى خُدُودِ النَّهْرِ /

     أنا خَائِفٌ يا أُمِّي / أشِعَّةُ القَمَرِ تَخْلُعُ جِلْدِي / وتُحْرِقُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ في ليالي الشِّتاءِ الدَّامي / وسَنَابِلُ الشَّفَقِ تَطْلُعُ مِن ثُقُوبِ جِلْدِي / وَأجفانُ القَتْلَى عَلى زُجاجِ نافذتي في المساءِ الفِضِّيِّ / فَكَيْفَ أنامُ بَيْنَ المُسَدَّسَاتِ والذِّكْرَيَاتِ ؟ /

     مَاتتْ أزهارُ المقابرِ بَعْدَ جُرْعَةٍ زَائِدَةٍ مِنَ الذِّكرياتِ / والحَيَوَاناتُ المَنَوِيَّةُ في أقفاصِ حَدِيقَةِ الحَيَوَاناتِ / ولا تَزَالُ رَائِحَةُ الجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ في أنفِي / وطَعْمُ بُرتقالِ المَوْتِ في شُقُوقِ جِلْدِي /

     رَمَيْنا جُثَثَ الجُنودِ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ / ورَفَعْنا الرَّايةَ البَيضاءَ في مَعركةِ الوَهْمِ / والرِّياحُ تُلْقِي رُفاتي في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / وَمَسَاحِيقُ الغسيلِ سَتُخْفِي رَائِحَةَ الجُثَثِ في الليلِ الطويلِ /

     أيَّتُها الرَّاهبةُ المشلولةُ التي تُحَدِّقُ في مَزْهَرِيَّاتِ غُرفةِ الاعترافِ / سَوْفَ يَنكَسِرُ الصَّليبُ بَيْنَ صَدْرِكِ وسَرَطَانِ الثَّدْيِ / والغريبُ يُحَدِّقُ في بَرَاوِيزِ غُرفةِ التَّحقيقِ /

     أنا الطِّفْلُ الوَحيدُ في مَملكةِ السُّلِّ / أخافُ مِن لَمَعَانِ أظافري في لَيْلِ الشِّتاءِ / وأتْبَعُ أثَرَ دِمَائي عَلى ثَلْجِ الطُّرُقَاتِ / وأشلائي تَتساقطُ في أكوابِ الشَّايِ الباردِ / الذي نَسِيَ العُشَّاقُ أن يَشْرَبُوهُ / وذَهَبُوا إلى ضَوْءِ الاحتضارِ في آخِرِ النَّفَقِ / والأمطارُ البَنَفْسَجِيَّةُ تَتساقطُ عَلى النُّعوشِ النُّحَاسِيَّةِ / والفَيَضَانُ يَرْمي في حُفَرِ المَجَاري أسنانَ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ /

     الرِّيحُ تَلْعَبُ الغُولفَ في ثُقُوبِ جِلْدِي / وأنا ألعبُ بِكُرَيَاتِ دَمِي في أزِقَّةِ الوَحْلِ / وَرُعْيَانُ الغَنَمِ يَمْنَحُونَ الجوائزَ للفَلاسِفَةِ / والرَّاقِصَاتُ يَحْكُمْنَ عَلى شَرِيفاتِ قُرَيْشٍ .

30‏/12‏/2023

الجثث لا تزال في الثلاجات

 

الجثث لا تزال في الثلاجات

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     إنَّ دُودَ المقابرِ مِثْلُ سَرَطَانِ الثَّدْيِ / كِلاهُمَا يَأكلُ صَدْرَكِ / انكسرَ قَلْبُكِ/ وسَقَطَت القِلادةُ في الوَحْلِ / انكَسَرَتْ جَدَائِلُ النِّسَاءِ بَيْنَ السَّائِلِ المَنَوِيِّ وَسَائِلِ الجَلْيِ / والغُرَبَاءُ يَمْشُونَ إلى المقبرةِ تَحْتَ أمطارِ المساءِ الخريفِيِّ /

     يَمُوتُ الرِّجَالُ في مَعَارِكِ الوَهْمِ/كَمَا تَمُوتُ فِئْرَانُ التَّجَارُبِ تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ/ وَقَعَ سَائِلُ الجَلْيِ عَلى البَلاطِ / والنِّسَاءُ يَغْسِلْنَ صُحُونَ المَطْبَخِ بالسَّائِلِ المَنَوِيِّ / والرِّيحُ تَغسِلُ حِيطَانَ السِّجْنِ بِدَمِ الحَيْضِ /

     انكَسَرَ جَيْشُ السَّرَابِ/ وبَقِيَت الأطرافُ الصِّنَاعِيَّةُ للجُنُودِ تَذكَارًا للحُبِّ الضَّائعِ وأحلامِ الطفولةِ / مَاتت الفَراشةُ / لَكِنَّ الذُّبابَ يَحْتَفِظُ بِمَلابِسِهَا في الخِزانةِ الحدِيدِيَّةِ الصَّدِئَةِ / رَمَى الشَّاطِئُ الحزينُ أخشابَ البيانو في مَوْقَدَةِ المساءِ / وَسَقَطَ كُحْلُ بَنَاتِ آوَى في آبَارِ الدَّمْعِ / وَبَقِيَ قَمِيصُ النَّوْمِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ وَحِيدًا / وَمَاتت الحِكَايَاتُ عَلى أجنحةِ النَّوَارِسِ / والبَحْرُ كَتَبَ اسْتِقَالَتَهُ عَلى أوراقِ الخريفِ/انتشرَ الصَّمْتُ بَيْنَ نُعُوشِ الجُنودِ والأوسمةِ العَسْكَرِيَّةِ/وانتَهَت اللعبةُ/

     الصَّحْرَاءُ في قَلْبي / والخريفُ في دَمِي / وَصَوْتُ الرَّصَاصِ في جِلْدِي / قُتِلَ المُغنِّي / وتَكَاثَرَتْ بُيُوضُ الحَشَرَاتِ في حَنْجَرَتِهِ / وَبَقِيَ الكَمَانُ تَحْتَ المَطَرِ وَحِيدًا / وَرَائِحَةُ البَحْرِ تُحْرِقُ أخشابَ التَّوابيتِ في لَيْلِ الشِّتاءِ / وطَعْمُ حَبْلِ المِشْنَقَةِ يُحْرِقُ أخشابَ البيانو في صَبَاحِ الإعدامِ /

     جُثماني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ الشَّرْكَسِيَّاتِ والبُوسنِيَّاتِ/ وَضَرِيحي ضَائِعٌ بَيْنَ غَابَاتِ القُوقازِ وجُسُورِ سَرَاييفو/ وَدَمْعِي هُوَ الحَدُّ الفَاصِلُ بَيْنَ طُيُورِ البَحْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ / سَيَعُودُ الطائِرُ إلى البَحْرِ / كَمَا يَعُودُ الطِّفْلُ إلى حِضْنِ أُمِّهِ / سَيَعُودُ الرَّمْلُ إلى الصَّحْرَاءِ / كَمَا يَعُودُ السَّجِينُ إلى صَدْرِ زَوْجَتِهِ/نَسِيَ الأطفالُ الشُّوكولاتةَ في ثَلاجَةِ المَوْتى/ وَذَهَبُوا إلى أدغالِ الفَجْرِ الكَاذِبِ كَي يَدْفِنُوا أُمَّهَاتِهِم/ وَالنَّهْرُ المَشلولُ يَبِيعُ العِلْكَةَ عَلى إشَارَاتِ المُرُورِ في مُدُنِ الطاعون /

     صُورَةُ أثاثِ المَنَافِي في المرايا المكسورةِ / والشَّظايا جِنْسِيَّةُ الأغرابِ / والوَهْمُ تاريخُ السُّفُنِ الغارقةِ / فيا أيُّها المقتولُ بَيْنَ حَبَّاتِ المطَرِ وَحَبَّاتِ التُّفاحِ / أنتَ المَصْلُوبُ بِلا صَلِيبٍ / فَاكْسِر الصَّليبَ / وَاتْبَعْ ظِلالَكَ نَحْوَ ضَوْءِ الجِنَازَةِ / وَاصْعَدْ مِن شَظَايا قَلْبي مُسَدَّسَاتٍ وَذِكْرَيَاتٍ / وَاهْبِطْ في تَجَاعِيدِ الفَرَاشَةِ بَنَادِقَ وَخَنَادِقَ / وَضَوْءُ القَمَرِ يَنْتَشِلُ الجُثَثَ مِنَ النَّهْرِ في مَوْسِمِ تَزَاوُجِ الذُّبَابِ في الزِّنزانةِ الانفِرَادِيَّةِ .

29‏/12‏/2023

حاجز عسكري بين الزيت والزعتر

 

حاجز عسكري بين الزيت والزعتر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     أغْلَقَت الزَّوابعُ قَلْبي بالشَّمْعِ الأحمرِ/ فَافْتَحِي قَلْبي أيَّتُها الشَّركسيةُ بِلَمَعَانِ عُيونِكِ/ واذْهَبِي إلى العَشَاءِ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ / مَعَ أعاصيرِ قَلْبِي المكسورِ كَشَظَايَا اليَاقُوتِ / كُلَّمَا نَطَقْتُ اسْمَكِ أمامَ أشجارِ الغُروبِ / أحْسَسْتُ بِرَائحةِ اليَاسَمِينِ في خُيوطِ أكفاني /

     وَضَعَ البَحْرُ اسْتِقَالَتَهُ عَلى مَكْتَبِ الإعصارِ / وأنا المُهَاجِرُ مِن أظافري / الغريقُ في دَمْعِ البُرتقالِ / أبْحَثُ عَن شَظَايَا جُمْجُمَتِي في سُفُنِ القَرَاصِنَةِ / ورَمْلُ الشُّطآنِ الحزينةِ يُوَقِّعُ عَلى قَرَارِ إعدامي/ سَنُدَافِعُ عَن حُقوقِ المَرْأةِ بَعْدَ مَوْتِ المَرْأةِ / سَأكُونُ رُومَانسِيًّا بَعْدَ مَوْتِ قَلْبي / ودَائِمًا يَصِلُ العُشَّاقُ إلى حَبْلِ المِشْنَقةِ مُتَأخِّرِين / وَالقِطَارُ يَذهَبُ ولا يَعُودُ / والمحكومُ بالإعدامِ يَتَذَكَّرُ جَدَائِلَ أُمِّهِ في الخريفِ البَعِيدِ / والبَحَّارةُ الغَرْقَى يُنَادُونَ عَلى أُمَّهَاتِهِم تَحْتَ صَوْتِ المطرِ/ والحضارةُ تَتساقطُ كأحجارِ الشِّطْرَنجِ في مُدُنِ الطاعون/ بَيْنَ صَفِيرِ القِطَارَاتِ وصَفَّاراتِ الإنذارِ /

     في مُدُنِ الوَهْمِ / أشلاءُ النِّساءِ عِندَ نِقَاطِ التَّفتيشِ العَسْكَرِيَّةِ / والأيتامُ يَنتظرونَ استلامَ جَثَامِينِ آبَائِهِم عِندَ الحواجزِ العسكريةِ/ مُدُنٌ للكُوليرا وصَوْتِ الرَّصاصِ وصَوْتِ المطرِ / والطحالبُ الذهبيةُ تُضِيءُ هَيْكَلي العَظْمِيَّ/ وَنَسِيَ الغُبارُ جُثَّةَ الجُنديِّ في أرضِ المعركةِ / لكنَّ الأوسمةَ العسكريةَ تُزَيِّنُ أشلاءَهُ المُتَطَايِرَةَ/ والإعصارُ أجبرَ الرِّمَالَ المُتَحَرِّكَةَ عَلى تَقديمِ استقالتها للصَّحراءِ / والصحراءُ تَنْبُتُ بَيْنَ قَطَرَاتِ دَمِي وقَطَرَاتِ المَطَرِ / والسَّنابلُ تَخْرُجُ مِن شُقُوقِ قَلْبي المكسورِ /

     أيُّها النَّسْرُ العَجُوزُ الذي يَعِيشُ مُرَاهَقَتَهُ المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبُورِ / لَقَدْ ضَاعَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ بَيْنَ مَلاقِطِ الغَسِيلِ ومَلاقِطِ الحَوَاجِبِ / وأشجارُ الخريفِ نَسِيَتْ حَبْلَ الغسيلِ عَلى سُورِ المقبرةِ / وحَفَّارُ القُبورِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ رَبطةِ العُنُقِ وحَبْلِ المِشْنَقةِ / فَكُنْ وَسيمًا أيُّها السَّرابِ كَشَجَرِ المقابرِ / كَي تَقْبَلَكَ الصَّحراءُ زَوْجًا وجَلَّادًا في مَوْسِمِ الخِيَانَةِ الأُرْجُوَانِيَّةِ /

     أيُّها الطِّفْلُ المَنبوذُ الذي يَخْتَبِئُ مِن أُمِّهِ / بَيْنَ فِرَاشِ المَوْتِ والحقيبةِ المدرسيةِ / هَل تَعْرِفُ أيْنَ يَقَعُ قَبْري؟/ أرى خُدُودَ فَرَاشَةٍ غَامِضَةٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ / عِندَ غُروبِ الشَّمْسِ في بَحْرِ الدُّموعِ/ طِلاءُ أظافِرِ العَرَائِسِ عَلى خَشَبَةِ الإعدامِ / والمِكياجُ يَتساقطُ في حُفَرِ المَجَاري / سَقَطَت الأقنعةُ عَن وَجْهِ النَّهْرِ / وَلا مُسْتَقْبَلَ للجَرَادِ سِوَى الغَرَقِ في عَرَقِ النِّسَاءِ وأحزانِ المَسَاءِ / وأعلامُ القَبائلِ مُنَكَّسَةٌ بَيْنَ أجنحةِ الفَرَاشَاتِ وَتَجَاعِيدِ الذُّبَابِ / وَتَبْحَثُ فِئرانُ التَّجَارُبِ عَن أشلائي في حُطَامِ السُّفُنِ / صَوْتُ المطَرِ كَسَرَ صَوْتَ البيانو / والمُغنِّي يَرْكُضُ إلى قَبْرِ أبِيهِ تَحْتَ الأمطارِ القِرْمِزِيَّةِ .

28‏/12‏/2023

عشاء على ضوء الشموع مع جثمان امرأة غامضة

 

عشاء على ضوء الشموع مع جثمان امرأة غامضة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     حَيَاةُ المَشنوقِ أطْوَلُ مِن حَياةِ الشَّانِقِ / فَلْيَكُن المَوْجُ حَبْلَ مِشْنَقتي كَي أتَذَكَّرَ حَبْلَ الغسيلِ على سَطْحِ بَيْتِنا المهجورِ / وَشُطآنُ الغُروبِ تَعيشُ مُرَاهَقَتَهَا المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ حِبَالِ المشانقِ وحِبَالِ الغسيلِ / تَنكسِرُ ضَفائرُ البُحَيرةِ تَحْتَ مَلاقِطِ الغسيلِ / كَمَا تَنكسِرُ أُنوثةُ الرِّمالِ بَيْنَ صُحُونِ المطبخِ ومَلاقِطِ الحَوَاجِبِ / والعُشَّاقُ نَسُوا الرَّسائلَ الغَرَامِيَّةَ بَيْنَ صَفَّاراتِ الإنذارِ والحواجزِ العسكريةِ/ والمطرُ كَسَرَ القِيثارةَ / وماتَ اللحْنُ تَحْتَ المطرِ / والزَّوابعُ تَبْحَثُ عَن نَعْشِ المُغنِّي /

     وُلِدْنا في لَيْلِ الشِّتاءِ الدَّمَوِيِّ / لَكِنَّنا كِذبَةُ نَيْسَان / كَذَبْنا عَلى جَدائلِ أُمَّهاتِنا / كَذَبْنا عَلى الحُبِّ / وَعَشِقْنا بَناتِ آوَى كَي نُؤرِّخَ لأحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / أثاثُ المَنَافي يُحَاصِرُ مَوْقَدَةَ الخريفِ في لَيالي التَّطهيرِ العِرْقِيِّ/ وَالبَحْرُ يَغارُ عَلى البُحَيرةِ مِن سَرَطَانِ الثَّدْيِ /

     مَاتتْ ظِلالي في الفَجْرِ الكاذبِ / لَكِنِّي أزرعُ نَعناعَ المقابرِ بَيْنَ الذِّكرياتِ المُوحِشَةِ والأُنُوثةِ المُتَوَحِّشَةِ / وَضَعْنا الجثامينَ النُّحَاسِيَّةَ في الأكياسِ البلاستيكِيَّةِ / وطَيْفُ الشَّركسياتِ يُلْهِمُني ويَذْبَحُني / ضَوْءُ القَمَرِ يَنْسُجُ أكفاني بَيْنَ حَبَّاتِ الكَرَزِ وَحَبَّاتِ اليَاقُوتِ / لا تاريخٌ لأشلائي سِوَى الرَّكْضِ في غَاباتِ القُوقازِ / ولا جُغرافيا لِدُموعي سِوَى السُّقوطِ عَلى أجنحةِ الفَرَاشَاتِ /

     كَسَرَ عَصَا المايسترو حُزْنُ المساءِ/وطُبُولُ الحربِ تُقْرَعُ عَلى مَسْرَحِ الدُّمى/لا يَقِينٌ سِوَى حَبْلِ المِشْنَقةِ الذي يَتَقَمَّصُ حَبْلَ الغسيلِ/ولا شَكٌّ سِوَى خَشَبَةِ الإعدامِ التي تَتَقَمَّصُ خَشَبَةَ المَسْرَحِ/

     تَلْمَعُ أظافري النُّحَاسِيَّةُ في سَرَاديبِ مَحكمةِ التَّفتيشِ / كَمَا تَلْمَعُ أسنانُ النِّساءِ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / جُثماني مَنارةٌ عَلى شَاطئِ الوَدَاعِ / تُرْشِدُ طُيُورَ البَحْرِ إلى بُكاءِ البَحْرِ / تَتَوَهَّجُ ضَفائرُ الرَّاهباتِ في أدْيِرَةِ الثلجِ الأخضرِ / وَكُرَيَاتُ دَمِي تَتساقطُ كَحَبَّاتِ المطرِ في الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ /

     أُفَاوِضُ السَّرابَ عَلى السَّرابِ/ وأركضُ إلى الصَّحراءِ البَعيدةِ/ لَكِنَّ الصَّحراءَ في قَلْبي/ والسَّرابَ بَيْنَ دَمِي والرِّئَتَيْن / أنا وِصَايَةُ الرِّيحِ عَلى النَّهْرِ / وأنا الوَصِيُّ عَلى غُبارِ الشَّوارعِ / أنا الوَصِيُّ والوَصِيَّةُ والوِصَايَةُ / شَجَرُ المقابرِ يَكتبُ وَصِيَّتي / وحَفَّارُ القُبورِ تَرَكَ جُثماني عَلى سُورِ المقبرةِ / وذَهَبَ إلى زَبَدِ البَحْرِ / كَي يَسْتَلِمَ الرَّاتِبَ الشَّهْرِيَّ / سَفِينتي تَغرَقُ / فَكَيْفَ أَعُودُ إلى رَصِيفِ المِيناءِ وَحِضْنِ أُمِّي القتيلةِ ؟/ رَفَعْتُ الرَّايةَ البَيضاءَ عَلى كُرَيَاتِ دَمِي البَيْضَاءِ / والدُّودُ يأكلُ جُثتي الأُرْجُوَانِيَّةَ/ لا تَتَجَسَّسْ عَلَيَّ يَا ضَوْءَ القَمَرِ/ إنَّ دُموعي تَحْفِرُ وِسَادتي في لَيْلِ الشِّتاءِ الطويلِ/ وكُلَّمَا فَكَّرْتُ بالرُّومانسيةِ / رَأيْتُ مَلَكَ المَوْتِ / وعِندَما أمُوتُ / سَتَمُوتُ أحلامي في صَدْري .

27‏/12‏/2023

القمر الوحيد وليالي بنات آوى

 

القمر الوحيد وليالي بنات آوى

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     وَمِيضُ البَرْقِ فَوْقَ الجثامينِ الطازَجةِ/والبَحْرُ زِيرُ نِسَاء/ لأنَّهُ احتضنَ جُثَثِ النِّساءِ الحزيناتِ في ليالي الشِّتاءِ المُضِيئةِ / ودَمُ الحَيْضِ لِجَوَارِي القَصْرِ يَسِيلُ عَلى ثَلْجِ الأشلاءِ الأزرقِ / في لَيْلِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / ويَنكسِرُ لَمَعَانُ عُيُونِ النِّساءِ في صُحُونِ المَطْبَخِ / كما تنكسِرُ أجنحةُ العَصافيرِ في الخريفِ الباردِ/ وَالعَوَاصِفُ لَمْ تُفَرِّقْ في حُروبِ القَبائلِ بَيْنَ ثَلاجةِ المَطْبَخِ وثَلاجةِ الجُثَثِ / أبْنِي قَصْري الرَّمْلِيَّ بَيْنَ أعلامِ القَراصنةِ الرُّومانسِيِّينَ وأعلامِ القَبائلِ المُنقَرِضَةِ/ والرِّيحُ تَكْسِرُ أجراسَ الكنائسِ في ليالي الشِّتاءِ الدَّامِيَةِ / والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في غَسْلِ أكفانِ آبائِهِم وتَغسيلِ جُثَثِهِم/وأحزاني رَصاصةٌ بَيْنَ رَغيفِ الخُبْزِ وتُفَّاحِ النُّعُوشِ /

     أيَّتُها المَرْأةُ الآتيةُ مِن لَيْلِ الخريفِ المُفْعَمِ بِرَائحةِ التَّوابيتِ والجَوَّافةِ والذِّكرياتِ/ أسْمَعُ دَقَّاتِ قَلْبِكِ / وأسْمَعُ ضَجِيجَ أصَابِعِكِ عَلى بَابِ بَيْتي / وأعْرِفُ أنَّكِ جِئْتِ إلَيَّ في مُنْتَصَفِ الليلِ كَي تَقْتُلِينِي / وأنا أجْلِي الصُّحُونَ في مَطْبَخِ الجُثَثِ والأمطارِ / سَوْفَ تَظَلُّ أشِعَّةُ القَمَرِ وَرَاءَ الغُيومِ الحزينةِ شَاهِدَةً عَلى قَتْلِي وَمَوْتِ الحُبِّ/سَيَظَلُّ الليلُ الجارحُ شَاهِدًا عَلى غَرَقِ سَفينتي وغَرَقِ العِشْقِ في قَلْبي / أنا النَّوْرَسُ المُجَرَّدُ مِن جِنْسِيَّةِ البَحْرِ / أركضُ في خَنادقِ دَمِي ولا أصِلُ /

     أركضُ في الفَجْرِ الكَاذِبِ / لكنَّ مِشْنَقتي صَادقةٌ / وَطَنٌ مَنْذُورٌ لِنَهْرِ الدِّماءِ / مَصِيرٌ مَنْذُورٌ للمِلْحِ/ المِلْحُ في دَمْعِي/ المِلْحُ في خُبْزِ أُمِّي / المِلْحِ في جَسَدِ البَحْرِ / فَكَيْفَ أكُونُ حَبَّةَ كَرَزٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ ؟ / أبيعُ كُرَيَاتِ دَمِي في طُرُقَاتِ المَرْفَأ اللازَوَرْدِيِّ / كَمَا يَبيعُ الأطفالُ العِلْكَةَ عَلى إشاراتِ المُرُورِ / والبَحْرُ يَدْرُسُ الرِّياضياتِ كَي يَحْسُبَ عَدَدَ الرَّصَاصَاتِ في رِئَةِ النَّهْرِ /

     كالطِّفْلِ المَنبوذِ الذي عَرَفَ أنَّ أُمَّهُ تَخُونُ أبَاهُ /كانَ شَاطِئُ الغُروبِ في ذاكرةِ المحاكمِ العسكرِيَّةِ/يا ثَلْجَ الدِّماءِ/لا تَبْحَثْ عَن سَاعَةِ الحائطِ في سِجْني/إنَّ سِجْني بِلا حِيطان/وَدِّعُوا الرُّبَّانَ أيُّها البَحَّارةُ/وَلا تَكْرَهُوا فِئرانَ السَّفينةِ/إنَّ السَّفينةَ تَغرَقُ/لا ذِكْرَيَاتٌ ولا حِكَايَات/كُلُّ شَيْءٍ مَات/

     قَلْبي المُوحِشُ في مَملكةِ النِّسَاءِ المُتَوَحِّشَاتِ / فَامْدَحْني يا حَفَّارَ القُبورِ / مَقْبَرتي مِنَ الرُّخامِ المُسْتَوْرَدِ / والنَّباتاتُ البلاستيكِيَّةُ تُزَيِّنُ قَبْري/ وأنتَ تنتظِرُ الرَّاتِبَ الشَّهْرِيَّ في ليالي الخَوْفِ / وُلِدْتُ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ بَاردةٍ/ لَكِنِّي أحترِقُ مِنَ الدَّاخِلِ / لأُضِيءَ الطريقَ أمامَ دُودِ المقابرِ /  أنا المَصلوبُ على قَلْبي المكسورِ / أركُضُ كالطِّفْلِ اليَتيمِ بَيْنَ حُطَامِ قَلْبي وحُطَامِ سَفينتي / والرَّاهباتُ مَصْلُوباتٌ عَلى أبراجِ الكَنائسِ في لَيالي الصَّقيعِ الوَهَّاجَةِ .

26‏/12‏/2023

اشتباك مسلح بين النهر والبحر

 

اشتباك مسلح بين النهر والبحر

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..........................

     ذِكْرَياتي طُيورٌ كَاسِرَةٌ / لَكِنَّ قَلْبي مَكْسُورٌ / تَبيعُ اليَتيماتُ العِلكةَ في المحاكمِ العَسكريةِ / ونَسِيَ الحَمَامُ الزَّاجِلُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ عَلى نافذةِ الزِّنزانةِ/ وصَارَ يَغسِلُ بَلاطَ الزِّنزانةِ بِحَلِيبِ السَّجِينَاتِ / قَبْري بَيْتُ الوَحْشَةِ/ وَجَسَدي طَعَامُ الدُّودِ / فَخُذْ يا شَجَرَ الليلِ رَبطةَ عُنُقي تَذكارًا للحُبِّ الضَّائعِ في الوَطَنِ الضَّائعِ / إنَّ قَمِيصَ النَّوْمِ هُوَ فِرَاشُ المَوْتِ /

     المَوْجُ يَصنعُ التَّوابيتَ مِن الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ في بَيْتِنا المهجورِ / والقَنَّاصُ في المَنَارَةِ عِندَ شَاطِئِ الوَدَاعِ / يُرَاقِبُ طُيُورَ البَحْرِ وَهِيَ تُحَلِّقُ فَوْقَ جُثَثِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ/ أيَّتُهَا الصَّحراءُ الباكيةُ / دُودُ المقابرِ سَيَأكُلُ ثَدْيَيْكِ اللذَيْنِ تَفتخِرِينَ بِهِمَا تَحْتَ رَاياتِ القَراصنةِ ورَاياتِ القَبائلِ / وحِيطانُ السِّجْنِ تَتَبَوَّلُ عَلى أجسادِ السُّجَنَاءِ / وسَوْفَ تَجْلِي السَّبايا صُحُونَ المطبخِ في لَيْلِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ/ فَساتينُ السَّهرةِ تَحترِقُ كأجنحةِ الجَرَادِ في الشَّتاءِ الدَّامِي/ ذَهَبَت العَرَائِسُ إلى الاحتضارِ الضَّوْئِيِّ / والسَّائِلُ المَنَوِيُّ عَلى خَشَبِ الأثاثِ أوْ خَشَبِ النُّعوشِ / ذَهَبَت الصَّبايا إلى المَوْتِ / وبَقِيَتْ مَلاقِطُ الغسيلِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / وَبَقِيَتْ قُمْصَانُ النَّوْمِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ /

     أخافُ أن أنظُرَ في الشَّفَقِ / كُلَّمَا نَظَرْتُ في الشَّفَقِ رَأيْتُ وَجْهَكِ / فَكَيْفَ أهْرُبُ مِن وَجْهَكِ وفي كُرَيَاتِ دَمِي شُطآنٌ وأعاصيرُ وحَوَاجِزُ عَسكريةٌ ؟ / نَسِيَت الفَتَيَاتُ طِلاءَ الأظافرِ عَلى مَلاقِطِ الغسيلِ / ورَحَلْنَ إلى مَحطةِ القِطَاراتِ في الغُروبِ / فيا أيُّها النَّهْرُ المشلولُ / لماذا تَلْعَبُ بِمَشَاعِرِ البُحَيرةِ ؟ / أحلامُ الطُّفولةِ جَالِسَةٌ عَى كُرْسِيٍّ مُتَحَرِّكٍ أمامَ مَوْقَدَةِ الخريفِ / والانطفاءُ هُوَ شَريعةُ الذاكرةِ وشَرْعِيَّةُ الذِّكرياتِ / وسُورُ المقبرةِ يَكتبُ الأغاني الوَطنيةَ في مَملكةِ القبائلِ المُتَنَاحِرَةِ /

     أُولَدُ مِن مَوْتِي / حِينَ تُصْبِحُ ضَفَائِرُكِ أيَّتُها الشَّركسيةُ حَبْلَ مِشْنَقتي / أبدأُ مِن نِهَايتي / حِينَ تُصْبِحُ أزرارُ قَمِيصِكِ مَسَامِيرَ نَعْشِي / أُضِيءُ مِن انطفائي / حِينَ تُصْبِحُ خُدُودُكِ شَاهِدَ قَبْري / وسَوْفَ أركضُ إلى الضَّوْءِ في آخِرِ النَّفَقِ /

     الزَّوبعةُ طِفْلةٌ يَتيمةٌ تَركضُ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ/ في الخريفِ المُمْتَلِئِ بالجُثَثِ المجهولةِ وأوسمةِ الجُنودِ القَتْلَى / أنا مَلِكُ الغُبارِ / أجلسُ عَلى عَرْشِ السَّرابِ / تَاجِي هُوَ انكسارُ المَوْجِ عَلى نوافذِ القُصورِ الرَّمليةِ / صَوْلَجَانِي هُوَ جُثمانِ البَحْرِ عِندَ الغُروبِ/ وحَبَّاتُ العَرَقِ عَلى جِبَاهِ الشَّركسياتِ هِيَ حَبَّاتُ اليَاقُوتِ في مَملكةِ الذِّكرياتِ / التي تَحْيَا في جِلْدِي ولا تَمُوت / وَلْتَكُنْ أكْفَاني مِن أجنحةِ الفَرَاشَاتِ / أنا السَّاحِرُ المَسْحُورُ / أنا الذاكرةُ والذِّكرياتُ .

25‏/12‏/2023

أمنيتي المستحيلة أن أرى الشركسيات في الأندلس

 

أمنيتي المستحيلة أن أرى الشركسيات في الأندلس

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     الحُبُّ الضَّائعُ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ القَتيلةِ / وأحلامُ الطُّفولةِ في مَرافئِ الجِرذان / تُبْحِرُ السُّفُنُ ولا تَعُودُ / تَذْهَبُ أُمِّي إلى المَوْتِ ولا تَعُودُ / يَقِيسُ الليلُ خُدُودَ الشَّركسياتِ بأغاني الرَّحيلِ / وأقِيسُ أظافري باحتضاراتِ الذُّبَابِ / وكُلَّمَا تَفَجَّرَ المساءُ في ثُقوبِ جِلْدي / رَأيتُ وُجوهَ القَتلى عَلى زُجاجِ نافذتي / ولا رِسالةَ في صُندوقِ البَريدِ إلا الصَّدَأ /

     بُكاءُ الأمواجِ في الليالي الكريستالِيَّةِ / يُخَبِّئُ أحزانَ الغاباتِ في لَمَعَانِ عُيُونِ الشَّركسياتِ / والبَيْتُ مَهجورٌ كَدَمْعِ النَّوارسِ/والأكفانُ البَيضاءُ تُغطِّي الأثاثَ المُسْتَعْمَلَ/ شَوارعُ السُّلِّ مُحَاصَرَةٌ بِنِقَاطِ التَّفتيشِ العَسْكَرِيَّةِ / ودَمُ الأطفالِ يَسِيلُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ /

     أركُضُ في أحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ وَرَاءَ طَيْفِ النِّساءِ الغامضاتِ/العائشاتِ في قِطَاراتِ الشَّفَقِ/ المقتولاتِ في غَابَاتِ السَّحَرِ / وَمَن أحَبَّ حُلْمًا عُذِّبَ بِهِ / الطِّفْلُ المنبوذُ يَحْفَظُ جُثمانَ أُمِّهِ في ثلاجةِ المطبخِ / ويُخَبِّئُ الأيتامُ نُعُوشَ آبَائِهِم في الحقائبِ المدرسيةِ/ مَاتت النِّساءُ في الغُروبِ البعيدِ/ وبَقِيَتْ فَساتينُ الأعْرَاسِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ/ وَضَاعَتْ مَلاقِطُ الحَوَاجِبِ بَيْنَ مَلاقِطِ الغسيلِ/ وثلاجةُ المطبخِ هِيَ ثلاجةُ المَوْتَى/وصَوْتُ الرَّصاصِ في خُدُودِ الفَرَاشَاتِ/ وآثارُ الرَّصاصِ على نوافذِ غُرفتي/ بَراءةُ الأطفالِ بَيْنَ مَساميرِ النُّعوشِ الصَّدِئَةِ وتُفاحِ المقابرِ الجماعِيَّةِ / لا تَقْلَقْ عَلَيَّ يا أبي / سَوْفَ يُزْهِرُ رُفاتي بَيْنَ أوراقِ الخريفِ بُرتقالًا وذِكْرَيَاتٍ / لا ذَاكِرَةٌ سِوَى مَلاقِطِ الغسيلِ على سُطُوحِ البُيُوتِ المهجورةِ / ولا تابوتٌ سِوَى خَشَبِ الأثاتِ المُسْتَعْمَلِ في المنافي الكِلْسِيَّةِ /

     فِئرانُ التَّجَارُبِ في المقابرِ المَلَكِيَّةِ / وأنا الغريبُ في أدغالِ الغُروبِ / رَأيْتُ انكسارَ الطيورِ الكاسرةِ / وكُلُّ كَاسِرٍ مَكْسُورٌ / رَأيْتُ سُقُوطَ الدُّوَلِ الذابلةِ / وكُلُّ زَهْرِةٍ ذَابِلَةٍ يَقْطِفُها صَوْتُ الأمواجِ/ والأيتامُ يَجْمَعُونَ جَدَائِلَ أُمَّهَاتِهِم في صَناديقِ الأسلحةِ / التي نَسِيَهَا الجُنودُ في مَعركةِ الوَهْمِ / وهَرَبُوا إلى بَرِيقِ الأوسمةِ العسكريةِ في السَّرابِ /

     اعْرِفِي أرشيفَ ذِكرياتي مِنَ الأحزانِ/ التي يُذَوِّبُها المساءُ في لَمَعَانِ عُيُوني/ تُهَاجِرُ أحزانُ النَّهْرِ مِن أجنحةِ النُّسورِ إلى دَمِي الأخضرِ/ كَمَا يُهَاجِرُ الكَرَزُ مِن خُدُودِ الشَّركسياتِ إلى دَمْعِي المالحِ / لا تَكْرَهِينِي يا أُمِّي / سَيَنْمُو التُّفَّاحُ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / ويُصْبِحُ جُثماني حَدِيقةً بلا أسوارٍ ولا  ذِكْرَيَاتٍ / مَسَامِيرُ النُّعوشِ صَدِئَةٌ كَصُحُونِ المَطْبَخِ في بَيْتِنا المَهجورِ في الأندَلُسِ / لا تَقْلَقْ يا ضَوْءَ القَمَرِ / إنَّ جَيْشَ البَدْوِ الرُّحَّلِ سَيُحَرِّرُ الأندَلُسَ .

24‏/12‏/2023

غرفة التعذيب بين المزهريات والمرايا

 

غرفة التعذيب بين المزهريات والمرايا

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     حَلِيبُ السَّبايا يَغْسِلُ بَلاطَ الزَّنازين / والزُّهورُ البلاستيكِيَّةُ عَلى شَوَاهِدِ القُبورِ النُّحَاسِيَّةِ / رَمَى النَّهْرُ تَوابيتَ العُشَّاقِ في حَاوِيَاتِ القُمامةِ/ وصَارَ رُومانسِيًّا في مُدُنِ المَلاريا/ نَزَعَ المَسَاءُ خَوَاتِمَ الخُطُوبَةِ مِن أصابعِ القَتْلَى / ومَنَادِيلُ الوَدَاعِ مَنْسِيَّةٌ تَحْتَ بَساطيرِ الجُنودِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ /

     الرَّاهِبَةُ المَشلولةُ مَصْلُوبةٌ عَلى بُرْجِ الكَنيسةِ / لَكِنَّ الصَّليبَ يَتَأرْجَحُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا المَقْطُوعَيْن / اللذَيْنَ سَرَقَهُمَا صُرَاخُ الثُّلُوجِ / لا صَلِيبَ سِوَى جِلْدِ النَّهْرِ / ومَزْهَرِيَّةُ غُرفةِ الاعترافِ هِيَ الزِّنزانةُ الانفرادِيَّةُ / وَهَاجِسُ المرأةِ الغامضةِ يُلاحِقُنِي في الغُروبِ / وطَيْفُ أُنوثةِ السَّنابلِ في السَّحَرِ صَارَ رَقْمًا عَلى بَابِ زِنزانتي / وأرقامُ السُّجَنَاءِ أهَمُّ مِن أسمائهم / وسَوْفَ أخُونُ رِئتي اليُمنى مَعَ اليُسرى/

     العَنَاكِبُ الذهبيةُ في أوعيتي الدَّمويةِ / وحَبَّاتُ الكَرَزِ تَنمو في هَيْكَلي العَظْمِيِّ / أمشي في المساءِ إلى البَحْرِ المقتولِ / بَيْنَ الحواجزِ العَسكرِيَّةِ وقَطَرَاتِ المطرِ/ أمشي إلى كُرَيَاتِ دَمي التي تَفْصِلُ بَيْنَ صَفَّاراتِ الإنذارِ وجُثمانِ النَّهْرِ/ وأركضُ في سُجُونِ قَلْبي / وأعيشُ في زَنازينِ الرُّوحِ / لأكْتَشِفَ الحُزْنَ في لَمَعَانِ عُيونِ الشَّركسياتِ /

     يَبني الأيتامُ القُصورَ الرَّمليةَ بَيْنَ دَقَّاتِ قَلْبي وَضَرَبَاتِ الفأسِ في جَسدِ البَحْرِ / والأيتامُ يَعْرِفُونَ بَعْضَهُم / كما يَعْرِفُ النَّوْرَسُ الغريقُ جِنْسِيَّةَ أعشابِ البَحْرِ / العَاشِقَانِ جَالِسَانِ في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / ولا يَعْرِفَانِ مَشَاعِرَ الدَّجاجِ عِندَ ذَبْحِهِ /

     الأجفانُ المَعْدِنِيَّةُ للنِّساءِ المَجروحاتِ عاطِفِيًّا / وَرَقَبَةُ النَّهْرِ تَحْتَ المِقْصَلةِ / والطحالبُ الذهبيةُ تنمو في أظَافِرِهِ الصَّدِئَةِ / أكفانُ الجَوَاري مِن فَرْوِ الثعالبِ/ والكِلابُ الضَّالَّةُ تَغسِلُ مَساميرَ النُّعوشِ بِدَمِ الحَيْضِ / أعيشُ مُرَاهَقَتِي المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ جُثَثِ النِّساءِ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / ودَمِي مُؤرِّخُ هِجرةِ الذُّبَابِ مِن خَشَبَةِ المَسْرَحِ إلى خَشَبَةِ المَذبَحِ / مَساميرُ النُّعُوشِ في صُحونِ المطبخِ /

     سَلامًا أيُّهَا الصَّقْرُ الذي لا يَرى دُمُوعَهُ إلا ضَوْءُ القَمَرِ/رَحَلَت النِّسَاءُ إلى أعلامِ القَرَاصنةِ قُرْبَ بُكاءِ البَحْرِ/ وتَرَكْنَ دَبابيسَ الذاكرةِ في مَناديلِ الوَدَاعِ / أنا كَاسِرُ الصَّليبِ / أُهَاجِرُ مِنَ الغُروبِ إلى الغُروبِ/ فيا أيَّتُها الرَّاهبةُ المشلولةُ / لا تَكْتُبِي وَصِيَّتَكِ عَلى رُفَاتي الأخضرِ / إنَّ أبراجَ الكنائسِ هِيَ أبراجُ السُّجُونِ في صَحْرَاءِ الدَّمْعِ والياقوتِ/وضَريحي في أجفانِ المساءِ مِنَ الأحجارِ الكريمةِ / أنا البَحَّارُ القَتِيلُ/ وَلَمْ ألْعَبْ بِمَشَاعِرِ فِئرانِ السَّفينةِ/ لأنَّ حُزْنِي فَأرُ تَجَارُب/ لَقَدْ صَدَقْتَ أيُّها السَّرابُ/ سَوْفَ يَنكسِرُ بَرِيقُ عُيونِ النِّساءِ كَمَا تَنكسِرُ الرُّومانسِيَّةُ في صُحُونِ المَطْبَخِ .

23‏/12‏/2023

مملكة البدو الرحل بلا عرش ولا صولجان

 

مملكة البدو الرحل بلا عرش ولا صولجان

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     وَدَاعًا أيَّتُهَا الفَرَاشَةُ الوَحيدةُ في المطرِ / تَنكسِرُ الأجنحةُ كَمَرَايَا الصَّقيعِ / ومِلْحُ دُموعي يَخُونُ لَمَعَانَ أظافري / والبَقُّ يَأكُلُ أخشابَ نَعْشِي في مملكةِ السُّلِّ/لماذا تُريدُ اغتيالي يا كَرَزَ الأضرحةِ ؟/ إنَّ جُثماني هُوَ النَّشيدُ الوَطَنِيُّ للدُّوَيْلاتِ اللقيطةِ / فلا تَكْرَهْنِي يا أبي / وَلا تَحْزَنِي عَلَيَّ يا أُمِّي /

     عَادَت الصَّبَايا إلى الأرضِ الخَرَابِ / لا بَحْرٌ يُولَدُ في أوردةِ الغُروبِ / ولا شَمْسٌ تَطْلُعُ مِن أخشابِ التَّوابيتِ / أنا الرُّبَّانُ التَّائِهُ في العَاصِفَةِ / لا عَرْشٌ إلا الدَّمْع / ولا دُسْتُورٌ إلا السَّراب /

     أيُّها القاتلُ المقتولُ / لا تَلْعَبْ بِمَشَاعِرِ ابنةِ حَفَّارِ القُبُورِ / عِظَامُ الضَّحايا في صَحْنِ العَدَسِ / والضُّيوفُ لَن يَأتوا / والأفعى تَلْتَفُّ حَوْلَ ضَوْءِ القَمَرِ/ والعَصافيرُ تَخِيطُ أكفاني بَيْنَ قَطَرَاتِ المَطَرِ وحَبَّاتِ العَرَقِ عَلى جِبَاهِ الشَّركسياتِ / وكُلَّمَا زُرْتُ ضَريحَكِ/ تَفَجَّرَتْ رَائحةُ النَّعناعِ في عِظَامي /

     المَطَرُ الذهبيُّ وَدَمْعُ أُمِّي الفِضِّيُّ يَغسِلانِ فِرَاشَ المَوْتِ / يَقِفُ القَطِيعُ عَلى حَافَةِ الجَبَلِ / كَمَا يَقِفُ الشَّجَرُ في المقبرةِ الزُّجَاجِيَّةِ / وأنا القتيلُ بَيْنَ أوراقِ الخريفِ وصَوْتِ الرَّعْدِ / لا أقْدِرُ أن أُدَافِعَ عَن البُحَيرةِ حِينَ يَجُرُّ النَّمْلُ جُثَّتَهَا/ أنا المنبوذُ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ / لا أقْدِرُ أن أحْمِيَ مَساميرَ نَعْشي مِنَ الصَّدأ والصَّدى / خَبَّأتُ جُثمانَ العاصفةِ في صُندوقِ البَريدِ الفارغِ / الذي سَيَأكُلُهُ الصَّدَأُ في أعيادِ السَّرابِ الوَهَّاجِ /

     لا تَفتخِري يا دُودةَ الذاكرةِ بِحَجْمِ ثَدْيَيْكِ / إنَّني أفتخِرُ بِحَجْمِ مِشْنَقتي / لا دُستورَ لِمَملكةِ الجِرذانِ سِوَى سَرَطَانِ الثَّدْيِ / لماذا تَرْكُضِينَ يا أشجارَ المقابرِ في لَمَعَانِ أظافري / لماذا تَنامِينَ يا شُطآنَ اليَاقُوتِ في شُقوقِ جِلْدي / لا أمْلِكُ إلا جِلْدي / والإعصارُ يَغتصِبُ أمواجَ البَحْرِ /

     أيَّتُها الغريبةُ في مَمَالِكِ السَّبايا / الحَلِيبُ الأسْوَدُ عَلى فُرشاةِ أسنانِكِ / والرَّسائلُ الغرامِيَّةُ عَلى مَساميرِ نَعْشِكِ/ والأقنعةُ هِيَ تاريخُ الكُوليرا في المُدُنِ المهجورةِ / والبَحْرُ يَكتبُ وَصِيَّتَهُ عَلى عِظَامِ الغَرْقَى/ وأنا المُهَاجِرُ مِن حَبْلِ الغسيلِ عَلى سَطْحِ بَيْتِنَا / إلى حَبْلِ مِشْنَقتي عَلى رَصِيفِ المِيناءِ/

     أُصَلِّي قِيَامَ الليلِ قَبْلَ إعْدَامي عِندَ الفَجْرِ / سَأبْنِي مَمْلَكتي بَيْنَ جَدائلِ أُمِّي وأجنحةِ الجَرَادِ / وأسألُ الرِّمَالَ المُتَحَرِّكَةَ / كَيْفَ أَهْرُبُ مِن جِلْدِي وَطَيْفُ الشَّركسياتِ في الشَّفَقِ يُحَاصِرُنِي ؟ /

     الشُّعُوبُ فِئرانُ تَجَارُب / وَفِئرانُ السَّفينةِ أكَلَتْ جُثَثَ البَحَّارَةِ / والرُّبَّانُ المشلولُ أَحْرَقَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ / والرَّاهبةُ العَمْياءُ نَسِيَتْ كَبْسُولةَ السِّيَانَيْدِ بَيْنَ حُبُوبِ مَنْعِ الحَمْلِ/ والنَّهْرُ يَشْرَبُ دَمْعَ المساءِ / ويأكلُ أعشابَ المقابرِ / ولا أحَدَ يَنْتَشِلُ الجُثَثَ في مَدينةِ الوَهْمِ .

22‏/12‏/2023

مستقبل مشرق بين الأكفان والجراد

 

مستقبل مشرق بين الأكفان والجراد

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

......................

     أيُّها الطِّفْلُ الجائعُ / سَتَأكُلُ جُثمانَ أُمِّكَ / أيُّها اليَتيمُ العَطْشَان / سَتَشْرَبُ حَليبَ البَنادقِ / البُحَيرةُ تُرْضِعُ ضَوْءَ القَمَرِ / فَابْحَثْ عَن سُنبلةٍ بَيْنَ شَوَاهِدِ القُبورِ كَي تُرْضِعَكَ / حَيَاتي رَقْمٌ عَلى بَابِ زِنزانتي / والعَاصِفَةُ تُطْلِقُ الرَّصاصَ عَلى النَّهْرِ الأعزلِ /

     كَسَرَ المساءُ قُلُوبَ النِّساءِ / والرِّمالُ الهَمَجِيَّةُ تُعَلِّمُ البَحْرَ الحضارةَ/ لا ضَفَائِرَ للرَّاهباتِ سِوى مَساميرِ الصُّلْبانِ/ وَلَمَعَانُ عُيونِ الشَّركسياتِ يُضِيءُ طَريقي إلى الكَرَزِ المنثورِ عَلى نَصْلِ مِقْصَلتي /

جُدرانُ بَيْتي مُزَيَّنةٌ بالنُّعوش الكريستالِيَّةِ / والأيتامُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الأثاثِ المُسْتَعْمَلِ وأخشابِ النُّعُوشِ / عِشْتُ حَيَاتي بَيْنَ الرُّومانسيةِ والذِّكرياتِ كَي أَصِيرَ طَعَامًا للدُّودِ /

     الأرنبُ المذبوحُ بَيْنَ أوراقِ الخريفِ / وَبَرِيقُ أظافري هُوَ بَرِيقُ الخناجِرِ في جِلْدِ الرِّياحِ / وَنُهُودُ النِّساءِ المقطوعةُ مُلْقَاةٌ في حَاوِيَاتِ القُمَامَةِ / الرَّصاصُ الحَيُّ بَيْنَ رَغْوَةِ الدَّمِ وَرَغْوَةِ القَهْوَةِ / وَصَاحِبَاتُ الدَّمِ الأزرقِ يَشْرَبْنَ الشَّايَ الأخضرَ / في مَقْهَى التَّوابيتِ الذي يُطِلُّ عَلى بَحْرِ الدُّموعِ/ تَتساقطُ دُموعُ البَنَاتِ في آبارِ النِّفْطِ أوْ آبارِ القُرى المَنْسِيَّةِ / ويَنكسِرُ الصَّليبُ بَيْنَ العَوَانِسِ والكَنَائِسِ / وأبراجُ الكَنائسِ هِيَ أبراجُ الحِرَاسَةِ في سُجُونِ الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ /

     كُنْ رُومَانسِيًّا أيُّهَا السَّرَابُ/ إنَّ المَطَرَ يَجْرَحُ خُدُودَ البُحَيْرَةِ / هَل أنا المُخَلِّصُ في مُسْتَنْقَعِ الزَّوجاتِ الخائناتِ ؟ / هَل أنا صَفِيرُ القِطَارِ بَيْنَ دُموعِ العُشَّاقِ وأمطارِ الذِّكرياتِ ؟/ أشِعَّةُ القَمَرِ تَخْلَعُ جِلْدِي / ولا أرى في مِرْآتِي إلا لَمَعَانَ المُسَدَّسَات / وكُلُّ شَيْءٍ مَات/

     أرى في الشَّفَقِ وُجُوهَ الشَّركسياتِ / فَكَيْفَ أُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى الذِّكرياتِ ؟ / أحزاني هِيَ صَفَّارةُ إنذارٍ بَيْنَ دَمِي والبَحْرِ / وعِظَامُ النَّوارِسِ القَتيلةِ هِيَ دُستورُ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ/ رُخَامٌ أسْوَدُ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / ولاعِبُ القِمَارِ قَلَبَ الطاولةَ عَلى المُقَامِرِين / خَسِرَ حَفَّارُ القُبورِ أشجارَ المقبرةِ في لُعْبَةِ قِمَارٍ / ولَيْسَ أمَامَهُ إلا المَوْت / وطُيُورُ البَحْرِ تُنَظِّفُ شَوَاهِدَ القُبورِ مِن الغُبارِ/ والمساءُ يَغْسِلُ أعشابَ المقابرِ بِدَمْعِ النِّسَاءِ / نُخَبِّئُ جَمَاجِمَ النُّسورِ العاجزةِ جِنسِيًّا في الحقائبِ المدرسِيَّةِ / والطِّفْلُ المشلولُ رَأى أبَاهُ يُجَامِعُ أُمَّهُ في لَيْلَةٍ خَريفِيَّةٍ بَاردةٍ /

     يَرْحَلُ الصَّيْفُ مِن خُدودِ الصَّبايا / ويَغتَصِبُ الشِّتاءُ عِظَامَهُنَّ في الليلِ الطويلِ / مَاتَ الرِّجالُ في أزِقَّةِ الجَرَادِ / وما زَالَت النِّساءُ يُجَهِّزْنَ قُمصانَ النَّوْمِ في لَيْلَةِ الدُّخلةِ / هَيَاكِلُنَا العَظْمِيَّةُ أرشيفٌ للأرقِ / وأشلاؤُنا سِفْرُ الخُرُوجِ مِن أمطارِ المساءِ / والأحزانُ في دَمِنَا لا تَنَامُ / والدَّمُ لا يَنَامُ .

21‏/12‏/2023

رائحة الجثث تحت أنقاض البيوت

 

رائحة الجثث تحت أنقاض البيوت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

........................

     لا رَاياتُ القَبائلِ تُظَلِّلُ هَيْكلي العَظْمِيَّ / ولا جَدَائِلُ أُمِّي تَحْرُسُ أوعيتي الدَّمويةَ/ سَيَدْفِنُنِي المساءُ في أوراقِ الخريفِ / ويَتَخَلَّصُ مِن جُثماني سَريعًا / ما فائدةُ رُومَانسِيَّةِ الشُّطآنِ إذا كانَ البَحْرُ عَاجِزًا جِنسِيًّا ؟ / ما فائدةُ ذَاكِرَةِ الوَدَاعِ إذا كانَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ ابتلعَ صَدْرَ البُحَيرةِ ؟ /

     أرصفةُ المُدُنِ البَعيدةِ لَهَا رَائحةٌ كَعَرَقِ النِّسَاءِ المَجروحاتِ عاطفيًّا / كَسَرَتْ لَيالي الخريفِ قَلْبَ الفَراشةِ / وشَظَايَا حُزني كَشَظَايا المزهرياتِ / التي حَطَّمَهَا صَوْتُ الرَّعْدِ / عِشْتُ حَيَاتي كَي أضَعَ الأرقامَ عَلى الجُثَثِ المجهولةِ / وأُنَظِّفَ شَوَاهِدَ القُبورِ مِنَ الغُبارِ والحِكَاياتِ / وأُؤرِّخَ لأحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / وأحْرُسَ أرشيفَ الأمواتِ مِنَ الأمواتِ / عِشْتُ حَيَاتي كَي أدْفِنَ الفَرَاشَاتِ في أجفانِ الرِّياحِ / وأنتظِرَ فَرَاشَةً تَدْفِنُنِي في السَّحَرِ / وكانَ قلبي مَقْعَدًا للانتظارِ في مَحطةِ القِطَاراتِ /

     كُونِي سَمِينةً أيَّتُها الذُّبَابَةُ / احْرِصِي عَلى حَجْمِ ثَدْيَيْكِ / إنَّ دُودَ المقابرِ ما زَالَ يَنتظِرُ / لا خارطةٌ للحَطَبِ سِوى مَوْقَدَةِ الشِّتَاءِ / ولا ذِكرياتٌ للجَرَادِ سِوى أرقامِ الزَّنازين /

     عِظَامُ المَوْتَى هِيَ الأُغْنِيَاتُ الوَطنيةُ في المَنَافي الجليدِيَّةِ / كَيْفَ أعْشَقُكِ وأجنحةُ الحَشَرَاتِ تَتَكَسَّرُ في لَمَعَانِ عَيْنَيْكِ ؟ / كَيْفَ أغْسِلُ بَلاطَ زِنزانتي بِمِلْحِ دُموعي وفِرَاشُ المَوْتِ مِن فَرْوِ الثعالبِ ؟ / كَيْفَ أمُوتُ وجَدَائِلُ النِّساءِ مَرْبُوطةٌ بِمَساميرِ نَعْشِي ؟/ مَشَيْنَا إلى حِصَارِ بَيْرُوتَ أوْ حِصَارِ ستالينغراد / وكانت الرَّاهباتُ يَبْكِينَ عِندَ غُروبِ الشَّمْسِ فَوْقَ جُثمانِ البَحْرِ /

     جُدْرَانُ بَيْتي مَطْلِيَّةٌ بأشلاءِ الضَّحايا / وهَيْكَلي العَظْمِيُّ مُزَيَّنٌ بِطَحَالبِ المُسْتَنْقَعَاتِ / التي اغْتَصَبَهَا ضَوْءُ القَمَرِ / وأخشابُ البيانو صَارَتْ حَطَبًا في مَوْقَدَةِ الشِّتاءِ الحزينِ / أنتظِرُ صُدورَ حُكْمِ إعدامي/ كما تَنتظِرُ ابنةُ السَّرابِ بُرُوزَ ثَدْيَيْهَا/ أزِقَّةُ السُّلِّ في المِيناءِ المهجورِ مُعَبَّدَةٌ بأغشية البَكَارَةِ / لا بَكَارَةٌ للسَّنَابلِ إلا المُسدَّسات/ ولا طَهَارةٌ للحُزْنِ إلا الذِّكريات /

     جَدائلُ النِّساءِ تَحْتَ بَساطيرِ العَسْكَرِ/ويَدْرُسُ العُشَّاقُ الرُّومانسيةَ في لَيْلَةِ الانقلابِ العَسكريِّ/ وأعيشُ مُرَاهَقَتِي المُتَأخِّرَةَ بَيْنَ عِظَامِ الضَّحايا ومَصابيحِ المَرْفَأ / أضاعَ البَحْرُ جُثَّةَ أُمِّهِ / وأضاعَ الغُروبُ جُثَثَ البَحَّارَةِ / ضَوْءُ القَمَرِ يَزْرَعُ طَحَالِبَ المُسْتَنْقَعَاتِ في صَناديقِ البَريدِ المهجورةِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ أضَاعَ رَسائلَ العُشَّاقِ / والعُشَّاقُ يَنتظِرونَ في مَحطةِ القِطَاراتِ / ويَمُوتُونَ على رَصيفِ المِيناءِ / أشْنُقُ ذِكْرَياتي بِضَفَائِرِ الفَتَيَاتِ / وأنشُرُ هَيْكَلي العَظْمِيَّ عَلى حَبْلِ الغسيلِ فَوْقَ سَطْحِ بَيْتِنَا المهجورِ / ولا تَزَالُ رَائحةُ الجُثَثِ في ثُقوبِ جِلْدِي .

20‏/12‏/2023

الشعوب الرخيصة والدويلات اللقيطة

 

الشعوب الرخيصة والدويلات اللقيطة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     دَمُ الحَيْضِ يَجْرَي عَلى مِكْيَاجِ الأقنعةِ كالنَّهْرِ الأعمى / لا تاريخٌ للرُّومانسيةِ سِوى الجثامين / ولا جُغرافيا لِرَبطةِ العُنُقِ سِوى حَبْلِ المِشنقةِ / سَقَطَتْ أشلاءُ العُشَّاقِ في عَصيرِ البُرتقالِ / والأكفانُ مُبْتَلَّةٌ بالمطرِ والشَّايِ الأخضرِ / والدَّمُ أخضرُ كَحُقُولِ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ / ذَهَبَ الرِّجالِ إلى المَوْتِ والذِّكرياتِ / وذَهَبَت النِّساءُ إلى الاحتضارِ والحِكاياتِ / كُلُّ شَيْءٍ مات /

     يُعَلِّقُ المساءُ التَّوابيتَ على أوعيتي الدَّمويةِ / كما يُعَلِّقُ الإعصارُ البَرَاوِيزَ عَلى حِيطانِ الذاكرةِ/ وتَركضُ أشجارُ المقبرةِ إلى البَحْرِ في الفَجْرِ الكَاذِبِ / الحَشَرَاتُ مُحَنَّطَةٌ في دُمُوعِ الفَتَيَاتِ النُّحَاسِيَّةِ/ ومَعْجُونُ الأسنانِ عِندَ جُثةٍ مَجهولةِ الهُوِيَّة/ لا مُسْتَقْبَلَ للنُّعوشِ سِوى المساميرِ/ أفتخِرُ بِمِقْصَلَتِي العَجُوزِ في هَيْكلي العَظْمِيِّ/ كَما تَفتخِرُ المرأةُ بِحَجْمِ ثَدْيَيْهَا/ والفِئرانُ تأكلُ جُثماني بَيْنَ حُطَامِ سَفينتي الغارقةِ وأنقاضِ قَلْبي المكسورِ / فلا تَكْرَهْني أيُّها القَمَرُ / ولا تَحْزَني عَلَيَّ أيَّتُها الشَّمْسُ/ أركضُ في شَوارعِ السُّلِّ/ مُحَاصَرًا بِرَاياتِ القَبائلِ / ومَحْصُورًا في أحلامِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ / لا جُغرافيا لِسُعالي سِوى الرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ / جُثماني أمامي يَلْمَعُ كَخَنْجَرِ الذِّكرياتِ / وجُثمانُ أبي وَرائي يَتَوَهَّجُ كأشجارِ الشَّفَقِ / والزَّوابعُ تَسْكُبُ دَمِي في حُفَرِ المَجَاري /

     شُعُوبٌ مِنَ الرَّمْلِ الأزرقِ / تَعيشُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والأعلامُ مُنَكَّسَةٌ في الصَّباحِ / ومَرْفُوعةٌ على أفخاذِ النِّساءِ في المساءِ / أَشُكُّ في كُرَيَاتِ دَمِي / لا يَقِينَ إلا حَبْلُ مِشْنَقتي / أخْلَعُ جِلْدي بأظافري البلاستيكيةِ / كَي أبْحَثَ عَن ابتساماتِ المُخْبِرِينَ في شَراييني / وأُفَتِّشَ عَن ضَحِكَاتِ الزَّوجاتِ الخائناتِ في عِظَامي/أنا بَرِيءٌ كَمِلْحِ البَحْرِ/ لَكِنَّ أزرارَ قَمِيصِ البَحْرِ مِن أسنانِ النِّساءِ المُغتَصَبَاتِ / أنا المطرودُ مِن دَمِي / التَّائِهُ في أزِقَّةِ شَراييني / أنا وقِطَطُ الشَّوارعِ وأشجارُ المقابرِ نَشْعُرُ بالفَراغِ العاطفيِّ/والرَّصَاصُ الحَيُّ يَملأ الفراغَ العاطفيَّ/ لِيَصِيرَ النَّزِيفُ رُومانسِيًّا كالسَّرابِ/الحواجزُ العَسكريةُ تتكاثرُ في الشَّوارعِ كَبُيُوضِ الحَشَرَاتِ/ والمَوْجُ يَكْسِرُ حَنجرةَ البَحْرِ/ والبَحَّارةُ الغَرْقَى لَن يَعُودُوا إلى الغِنَاءِ/والإعصارُ يَدْهَنُ نُهُودَ السَّبايا المقطوعةَ بالمُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ /

     تُفَّاحَةٌ حَجَرِيَّةٌ بَيْنَ مِلْحِ الدُّموعِ ومِلْحِ البَحْرِ / وشَظَايَا جَمَاجِمِ النِّساءِ تَتساقطُ في مِلْحِ الطعامِ/ والغريبُ يُلَمِّعُ غِمْدَ سَيْفِهِ بِمِلْحِ دُمُوعِهِ / لا دُسْتُورٌ لِمُدُنِ المِلْحِ إلا السَّراب / ولا تاريخٌ للأعلامِ المُنَكَّسَةِ إلا البُكاء / وأنا المَنبوذُ السَّمَاوِيُّ / أُولَدُ بَيْنَ حُطَامِ قَلبي وحُطَامِ سَفينتي / والنَّهْرُ طِفْلٌ يَجْمَعُ أشلاءَ أُمِّهِ في حَقِيبَتِهِ المدرسيةِ / والبُحَيْرَةُ المَشلولةُ وَاقِفَةٌ أمامَ جُثمانِ أبِيها .

19‏/12‏/2023

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

 

طابور السبايا أمام السوبر ماركت

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.........................

     سَرَطَانُ الثَّدْيِ مِثْلُ دُودِ المقابرِ / كِلاهُما يَلْتَهِمُ صُدُورَ النِّساءِ / والزَّوابعُ تَكتشفُ مقابرَ جماعِيَّةً في حَنجرةِ البَحْرِ / فَيَا قَلْبي المكسورَ / كُن عَنيفًا مِثْلَ ضَوْءِ القَمَرِ / حِينَ يَحْفِرُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ / ويُنَقِّبُ عَن عِظَامِ الضَّحايا / سَيُصْبِحُ المساءُ الحزينُ رُومانسِيًّا / حِينَ تَسْتَحِمُّ النِّساءُ بالمُبِيداتِ الحَشَرِيَّةِ / وتَضَعُ البُحَيرةُ اسْتِقَالَتَهَا عَلى مَكْتَبِ البَحْرِ /

     العاصفةُ تَقضي وَقْتَ فَرَاغِهَا في تَشريحِ جُثةِ النَّهْرِ / والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تَشريحِ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم / دَمِي طَلَّقَ البُحَيرةَ / لأنَّ القصيدةَ هِيَ زَوْجتي وعَشِيقتي / أبنائي قَتَلُوني / وكأنَّ بَنَاتِ أفكاري بَنَاتُ آوَى / التاريخُ مِثْلُ الجنينِ / كِلاهُمَا يأتي مَعَ الدَّمِ / والمرايا في غُرفةِ إعدامي خَانَتْ جُثماني / والبَاعَةُ المُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ الأزهارَ الصِّنَاعِيَّةَ أمامَ المحاكمِ العسكريةِ /

     لا مَقبرةٌ لِعِظَامِ الأسماكِ / ولا جِنْسِيَّةٌ لأشلاءِ الرُّبَّانِ / فَلْيَكُنْ حُزْنُ البَحْرِ نَهْرًا بِلا ضِفَافٍ / يُحَاوِلُ البَحَّارَةُ الهربَ مِنَ السَّفينةِ قَبْلَ غَرَقِهَا/ لَكِنَّ فِئرانَ السَّفينةِ تأكلُ جُثَثَ البَحَّارَةِ في السَّحَرِ /

يَشْعُرُ النَّهْرُ بِالفَرَاغِ العَاطِفِيِّ / وأزرعُ السَّنابلَ في فِرَاشِ المَوْتِ / لأنَّ احتضاري صُورةُ الشِّتاءِ عَلى مَزهرياتِ المساءِ / وبُكائي صُورةُ النَّوَارِسِ عَلى بَريقِ الخناجِرِ / كَسَرْتُ أجنحةَ الفَرَاشَةِ / وَبَحَثْتُ عَن الحُبِّ الأوَّلِ بَيْنَ أكوامِ الجُثَثِ / وبَحَثْتُ عَن أحلامِ الطفولةِ بَيْنَ أكْوَامِ البَعُوضِ /

     أيُّها الطِّفْلُ الذي يَضَعُ جُثمانَ أُمِّهِ في حَقِيبَتِهِ المدرسيةِ/ويَرْحَلُ إلى الغُروبِ/أيْنَ بَيْتُكَ المهجورُ؟/ الفَيَضَانُ يَكْسِرُ البَرَاوِيزَ عَلى الحِيطانِ / وَمَسَامِيرُ نَعْشِي هِيَ الأثاثُ المُسْتَعْمَلُ في بَيْتَ الجَرَادِ / والزَّوبعةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ تُفَتِّشُ عَن الحَشَرَاتِ في أنقاضِ قَلْبي/ ونَسِيَ المَوْجُ الفَيْرُوزِيُّ جُثَثَ الأطفالِ على الأراجيحِ الكريستالِيَّةِ / التي تَهْتَزُّ بَيْنَ أشِعَّةِ القَمَرِ وأجفانِ السَّبايا/ فَكُن وَاثِقًا بِضَوْءِ القَمَرِ/ حِينَ تَخُونُكَ قَطَرَاتُ النَّدى عَلى شَجَرِ المقابرِ/ كُن مُنْتَمِيًا إِلى جَدَائِلِ أُمِّكَ / حِينَ يُسْقِطُ المساءُ عَنْكَ جِنسِيَّةَ المَطَرِ /

     جُثماني حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ النَّهارِ والليلِ / وشَراييني صَفَّارةُ إنذارٍ بَيْنَ الصَّيفِ والشِّتاءِ / الأضرحةُ تَمْتَلِئُ بِرَائحةِ شَمْسِ الشِّتاءِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَكْسِرُ شَوَاهِدَ القُبورِ في الليلِ الطويلِ / فَاجْمَعْ خُيُوطَ أكفانِ الرِّيحِ في حَنْجَرتي/ وخَزِّنْ شَظَايا قَلبي الوحيدِ في مَنَادِيلِ الوَدَاعِ/ لا إسْطَبْلاتٌ للمُلوكِ المَخلوعين / ولا ذِكْرَياتٌ للمَلِكَاتِ السَّبايا / الأراملُ جَالِسَاتٌ عَلى شَاطِئِ الرَّحيلِ / يَنْتَظِرْنَ القَراصنةَ الرُّومانسِيِّين / وفِئرانُ المِيناءِ المهجورِ تَنتظِرُ جُثَثَ البَحَّارَةِ الغَرْقَى .

18‏/12‏/2023

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

 

امرأة متزوجة تعاني من الفراغ العاطفي

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.....................

     لا تَكْرَهي المرايا/ لا تَكْسِري المزهرِيَّات/ ضَوْءُ القُلوبِ مَات / سَقَطَتْ كَبْسُولةُ السِّيَانَيْدِ في قَارُورةِ العِطْرِ / والحَمَامُ الزَّاجِلُ أضاعَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في مُدُنِ الطاعون / أيْنَ سَيَذهَبُ الرَّمادُ بَعْدَ حَرْقَ جُثمانِ الفَراشةِ ؟ / السَّبايا مَصْلُوباتٌ على أعمدةِ الكَهْرباءِ في طُرُقاتِ السُّلِّ / والنَّهْرُ يُطَالِبُ بِدَمِ الأشجارِ / الذي تَسْكُبُهُ الرِّياحُ في حُفَرِ المَجَاري /

     هَرَبَتْ فِئرانُ السَّفينةِ إلى الدَّورةِ الدَّمويةِ للبَحْرِ / وجُثَثُ البَحَّارةِ تَتَعَفَّنُ في أزِقَّةِ المِيناءِ / وسَقَطَ حَليبُ المَلِكَاتِ في آبارِ النِّفْطِ/ والويسكي في نُهُودِ السَّبايا / والخُلَفَاءُ حَائِرُونَ بَيْنَ بَراميلِ النِّفْطِ وَبَرِيقِ المُسدَّساتِ / جَدَائِلُ البُحَيرةِ مَقْصُوصةٌ / والحَشَرَاتُ الذهبيةُ تَضَعُ البَيْضَ في قُمصانِ النَّوْمِ / ولَمْ تُفَرِّق السَّبايا بَيْنَ الدَّورةِ الدَّمويةِ والدَّورةِ الشَّهريةِ /

     لا تَكْرَهْنِي يا أبي / حِينَ تَخْرُجُ الفِئرانُ مِن ثُقوبِ جِلْدي/ يَنكَسِرُ لَمَعَانُ عُيُونِ النِّساءِ في مَرايا الخريفِ / والدُّموعُ تَحْفِرُ خَنَادِقَ الذِّكرياتِ في خُدودِ الأيتامِ / وأشجارُ المقبرةِ عَشيقتي الخائنةُ وسَجَّانتي المُخْلِصَةُ / وُجُوهُ الزَّوجاتِ الخائناتِ تُحَاصِرُ قَلْبَ البَحْرِ في الشِّتاءِ الدَّامي /

     أَزُورُ مُتْحَفَ الخريفِ عِندَ الغُروبِ/ كَي أرى جُثَّتي المُحَنَّطَةَ في مِلْحِ الدُّموعِ / وَضَعَ الأغرابُ الجثامينَ النُّحَاسِيَّةَ في الأكياسِ البلاستيكِيَّةِ / فما فائدةُ الأثاثِ الجديدِ في عِمَارَةٍ آيِلَةٍ للسُّقوطِ ؟/

     تَتفجَّرُ أُنوثةُ البُحَيراتِ بَيْنَ رَائحةِ البَصَلِ في مَطَابِخِ الوَأدِ / وبَيْنَ رَائحةِ العِطْرِ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / لكنَّ الخِيانةَ وَاحدةٌ / فيا أيُّها العاشقُ الغريبُ / سَوْفَ تَقْتُلُكَ المرأةُ الغامضةُ في لَيْلَةٍ خَريفيةٍ باردةٍ / وأنا المنبوذُ / دَخَلْتُ في عُزلةِ الرِّياحِ الشَّمْسِيَّةِ / قَمَرًا بِلا ذِكرياتٍ ولا عَشيقات / قَمَرًا مَات / فارْحَمِي المَوْجَ المذبوحَ تَحْتَ صَوْتِ الرَّعْدِ / أيَّتُها القاتلةُ المقتولةُ / إنَّ بَرِيقَ عَيْنَيْكِ يَتَفَجَّرُ في جِلْدِي/ ويَفْتَرِسُنِي في لَيالي الشِّتاءِ الطويلةِ/ ذَهَبَت الصَّبايا إلى شُموعِ الاحتضارِ / وتَرَكْنَ مَلاقِطَ الحواجبِ على حِبَالِ الغسيلِ / فلا تَحْزَنْ عَلَيَّ يا صَوْتَ الرَّصاصِ / إنَّ حَبْلَ الغسيلِ هُوَ حَبْلُ مِشْنَقتي /

     دَخَلَت الصَّحراءُ في السَّرابِ الأوَّلِ والرَّقصةِ الأخيرةِ / دُودُ المقابرِ يَأكلُ صُدورَ النِّساءِ كَسَرَطَانِ الثَّدْيِ / انكَسَرَت الخَلاخِيلُ بَيْنَ أجنحةِ الحَمَامِ الزَّاجِلِ / وَذَابَ الكُحْلُ في عَصيرِ الليمونِ الذي نَسِيَ العُشَّاقُ أن يَشْرَبُوهُ / وَطُبُولُ الحربِ على خَشَبَةِ المَسْرَحِ أوْ خَشَبَةِ الإعدامِ / لا مُسْتَقْبَلٌ للصَّحراءِ إلا السَّراب / ولا حُلْمٌ للرِّمالِ المُتَحَرِّكَةِ إلا الضَّباب .

17‏/12‏/2023

رحلة إلى مدينة الكوابيس

 

رحلة إلى مدينة الكوابيس

للشاعر / إبراهيم أبو عواد

........................

     أيَّتُها الرَّاقصةُ عَلى ثُلوجِ الدَّمِ / تَفْتَخِرِينَ بأدغالِ صَدْرِكِ المُتَوَحِّشِ / وأفتخِرُ بِغاباتِ مِشْنقتي المُوحِشَةِ / هل يَستطيعُ صَدْرُكِ أن يَهْرُبَ مِن سَرَطَانِ الثَّدْيِ ؟ / هَل يَستطيعُ جِلْدِي أن يَهْرُبَ مِن حَبْلِ الِمشنقةِ ؟ /

     سَلامًا أيُّهَا الذِّئبُ العَاجِزُ جِنسِيًّا / عِشْتَ تَحْتَ الأرضِ كَي تُؤرِّخَ للحُبِّ الضَّائِعِ / تَلْمَعُ أظافري في لَيْلِ الشِّتاءِ / كَما تَلْمَعُ السَّكاكينُ عَلى جَسَدِ البُحَيرةِ / والقُلوبُ المكسورةُ هِيَ بُوصلةُ الرُّبَّانِ الضَّائعةِ بَيْنَ أحزانِ المَوْجِ وفِئرانِ السَّفينةِ /

     أيُّها النَّهْرُ الأُمِّيُّ / لا تَقْرَأْ كِتابًا إلا دَمِي / ولا تَكْتُبْ اعترافًا إلا وَصِيَّتِي / تَجُرُّ القِطَطُ المنبوذةُ أمعائي في طُرُقَاتِ المِيناءِ المهجورِ / وقَفَصِي الصَّدْرِيُّ صَارَ زِنزانةً انفرادِيَّةً للعَصَافِيرِ والأراملِ /

     الرُّومانسِيَّةُ اختراقٌ أمْنِيٌّ / فَازْرَع الحواجزَ العَسكريةَ بَيْنَ شَراييني التي تَخُوضُ حَرْبًا أهلِيَّةً  /  إنَّ الإعصارَ يُعْلِنُ هُدنةً في أوْعِيتي الدَّمويةِ / وصَفَّاراتُ الإنذارِ تَفْصِلُ بَيْنَ مَساميرِ نَعْشِي وجَدائلِ أُمِّي / لا تاريخٌ في قَلبي سِوى وُجوهِ الضَّحايا / ولا جُغرافيا في حَنجرتي سِوى أشلاءِ النَّوارسِ /

     يَرْكُضُ الأيتامُ إلى شِتَاءٍ بِلا ذِكرياتٍ/ فيا أيُّها الطِّفلُ المنبوذُ تَحْتَ المطرِ الجارِحِ / سَيَأكُلُ الذُّبَابُ أكفانَكَ/ فَلْتَمُتْ عَارِيًا تَحْتَ الأعلامِ المُنَكَّسَةِ / أَكَلَ الصَّدَأُ الأوسمةَ العسكريةَ / وأَكَلَ الصَّدى وُجوهَ الأراملِ / والنَّهْرُ اليتيمُ هُوَ الآكِلُ المأكولُ/وقَلبي هُوَ الكاسِرُ المكسورُ/ نَسِيَ المطرُ جُثمانَ الفَراشةِ عَلى فُرشاةِ أسناني/ وذَهَبَ إلى احتضاراتِ المساءِ الوَهَّاجةِ / وجَاءَ مَوْعِدُ الحَصَادِ/ وَلَمْ أُجَهِّزْ فِرَاشَ المَوْتِ / غَسَلْتُ بَلاطَ زِنزانتي التي تُطِلُّ على البَحْرِ بالدَّمِ والدَّمْعِ والصَّابونِ / تتناثرُ أشلاءُ النِّساءِ في صُحونِ المطبخِ/والعاصفةُ تَزرعُ السَّنابلَ في جُمْجُمتي/ والشَّفَقُ يَبْحَثُ عَن مِنْجَلِ الوَدَاعِ كَي يَحْصُدَ / والسَّيْفُ عَلى رَقَبَةِ التُّفَّاحةِ / وجُثَثُ الأطفالِ عَلى أراجيحِ القَمَرِ /

     أيُّهَا النَّهْرُ المُشَرَّدُ في طُرُقَاتِ الدِّماءِ / أعْرِفُ أنَّ البَحْرَ حَرَمَكَ مِنَ المِيراثِ / فَلْيَكُنْ جُثماني مِيراثًا لَكَ وتُرَاثًا للسَّرابِ / تَغْرَقُ مَناديلُ الوَداعِ في مُسْتَنْقَعِ الذِّكرياتِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / وتَنمو الطحالبُ في حَنجرةِ المُغنِّي / والشَّجَرُ يُطْلِقُ الرَّصَاصَ الحَيَّ عَلى النَّهْرِ الأعزلِ /

     المَطَرُ عِندَ الفَجْرِ/ وتابوتي في حَديقةِ بَيْتِنا / وَصَوْتُ البيانو المكسورُ سَرَقَ ذِكرياتي في وَطَني المسروقِ/ لا مَعْنى للرُّومانسيةِ يا هَيْكَلي العَظْمِيَّ / سَتَمُوتُ الذِّكرياتُ في قلبي المكسورِ / ويأتي مَلَكُ المَوْتِ / وتَتَسَاقَطُ دُموعُ النِّساءِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ / ويَنتشرُ الصَّمْتُ في أسْمَنْتِ الحِيطان.

16‏/12‏/2023

الأنقاض الوهاجة

 

الأنقاض الوهاجة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.......................

     أمامَ البيانو جُثَّةُ امرأةٍ تَرْتَدِي تَنُّورَةً فَوْقَ الرُّكْبَةِ / نَسِيَت القَتيلاتُ مَلاقِطَ الحَوَاجِبِ على سُورِ المقبرةِ / ونَسِيَ السُّجَنَاءُ عُيُونَ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ بَيْنَ أشجارِ الوَدَاعِ/ نافذةُ بَيْتي تُطِلُّ على قَبْري / والأثاثُ المُسْتَعْمَلُ يَصِيرُ أخشابًا للتَّوابيتِ/ وأنا المنبوذُ في شَظايا قَلبي المكسورِ/ المَنْفِيُّ في شَراييني الزُّجاجيةِ التي يُحَطِّمُهَا الخريفُ /

     صَارَتْ مَلاقِطُ الغسيلِ أُغْنِيَةً وَطَنِيَّةً في مَوَاسِمِ ضَيَاعِ الوَطَنِ / وأنا المقتولُ تَحْتَ أغصانِ المساءِ / أركضُ في مَتَاهَةِ رِئتي/ وأعْرِفُ أنَّ لَمَعَانَ أظافري يَخُونُنِي / وأَشُكُّ في كُرَيَاتِ دَمي / لكنَّ حَبْلَ المِشنقةِ يَقِيني وقَرِيني / والنَّهْرُ يَنَامُ وَالمُسَدَّسُ تَحْتَ وِسَادَتِهِ / وحَفَّارُ القُبورِ يُعَلِّمُ أشجارَ المقبرةِ الكِفَاحَ المُسَلَّحَ بَيْنَ جَدائلِ اليَتيماتِ وأوراقِ الخريفِ /

     طَيْفُ المَرْأةِ الغامضةِ يَقْتُلِني في الخريفِ / ويُحْيِيني في الشِّتاءِ / وأنا الظِّلُّ الغامضُ بَيْنَ مَقَاصِلِ الوَدَاعِ وخَنَاجِرِ الذِّكرياتِ / دَفَنْتُ قلبي في دُموعِ الشَّركسياتِ/ وذَهَبْتُ إلى فِرَاشِ المَوْتِ / لِكَيْلا تَرى أُمِّي دُموعي /

     يا أشِعَّةَ القَمَرِ في الخريفِ البَعيدِ / ماذا تُريدِينَ مِن أُمِّي ؟ / أُمِّي مَاتتْ / تَابُوتُهَا مِن أخشابِ المطبخِ / وأكفانُها في الصُّحُونِ / والذِّكرياتُ تَكْسِرُ زُجَاجَ النَّوافذِ في الشِّتاءِ الغَامضِ / والعَنْكَبُوتُ العَجُوزُ تُضِيءُ قَبْرَ الفَراشةِ/ والليلُ هَجَمَ عَلَيَّ في مَحطةِ القِطاراتِ بَيْنَمَا كُنْتُ أَمُوتُ / فِرَاشُ المَوْتِ مُمَدَّدٌ على المقاعِدِ الخشبيةِ/ وصَفِيرُ القِطاراتِ يَخْلَعُ جِلْدي/ وأنا القَتيلُ الرُّومانسِيُّ/ أزْرَعُ عِظَامي بَيْنَ صَفَّاراتِ الإنذارِ والحواجِزِ العَسكريةِ / وَأبْنِي ذِكْرياتي بَيْنَ شَاهِدِ القَبْرِ ونَعناعِ الشَّاي/ والأطفالُ يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيْفِيَّةَ في البَحْثِ عَن رُفَاتِ الضَّحايا في المقابرِ الجماعِيَّةِ /

     خَلْفِي رَاياتُ القَبائلِ المُنَكَّسَةُ / وَأَمَامِي أعلامُ القَراصنةِ / وَدَمِي صَارَ النَّشيدَ الوطنيَّ للسُّفُنِ الغارقةِ / يَنْتَشِرُ القَنَّاصَةُ والكِلابُ البُوليسِيَّةُ بَيْنَ رَغْوَةِ الدَّمِ ورَغْوَةِ القَهْوَةِ/ خَبَّأْنَا جُثَثَ أُمَّهَاتِنا في خِزَاناتِ المطبخِ / وصَنَعْنَا نُعُوشَ آبائِنَا مِن أخشابِ السُّفُنِ الغارقةِ /

     أيُّها السَّجينُ في شَرايينِ الرِّياحِ / نافذةُ سِجْنِكَ تُطِلُّ على أوْرِدَتي النُّحَاسِيَّةِ / ذَهَبَ دَمُ البُحَيرةِ هَدَرًا / ولا أَحَدَ يُطَالِبُ بِدَمِ القِطَطِ المُشَرَّدَةِ / البَحْرُ مَقتولٌ في الذِّكرياتِ / والرَّمْلُ مَوْلُودٌ في المزهرِيَّاتِ / ولا مُسْتَقْبَلَ لَكَ سِوَى الأمواجِ الكريستالِيَّةِ / والإعصارُ يُلَمِّعُ مَساميرَ نَعْشِكَ بِمِلْحِ الطعامِ/الذي نَسِيَتْهُ أُمُّكَ على النَّارِ في الشِّتاءِ الحزينِ/وَذَهَبَتْ إلى لَمَعَانِ الاحتضارِ في آخِرِ الليلِ.