وُلد الروائي
البريطاني فيديادر نيبول ( 1932_ 2018 ) في شاغواناس ، قُرب مرفأ إسبانيا في ترينيداد . يُعرَف باسم ( ف. س.
نيبول ). ينتمي إلى أسرة هندوسية هاجرت مِن الهند . كان جَدُّه يعمل في قطع قصب
السُّكر . وكان والده يُزاوِل مهنة الصحافة والكتابة . حصل على جائزة نوبل للآداب
عام 2001 . في سن الثامنة عشرة غادر
نيبول إلى إنجلترا،حيث حصل على شهادة في الأدب عام 1953 مِن جامعة أكسفورد. وقد
أقام مُنذ تلك الفترة في إنجلترا ، لكنه خصَّص قِسطًا كبيرًا مِن وقته لرحلات إلى
آسيا وأفريقيا وأمريكا . كَرَّسَ حياته للكتابة الأدبية ، وعمل في منتصف
الخمسينيات صحفيًّا ، لصالح هيئة الإذاعة البريطانية ( بي .بي.سي ) .
في لقاء مع جريدة
"الموندو"الإسبانية واسعة الانتشار،شَنَّ نيبول هجومًا عنيفًا على
الإسلام والمسلمين دعا فيه إلى إجبار المملكة
العربية السعودية ودول
عربية وإسلامية ، كمصر والجزائر وباكستان _ على حَد قَوله _، على دفع تعويضات العمليات
التي وقعت في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001. وأنه يَتعيَّن
على المملكة
العربية السعودية دفع
التعويضات عن كل عملية "إرهابية" نَفَّذها متطرفون إسلاميون على حد قوله
. كما اتهم نيبول العرب بأنهم "يريدون أن يمدُّوا صمت الصحراء إلى كل مكان،
فهم أُمَّة جاهلة لا تقرأ، وهم يقفون ضدالحضارة ، وإن المسلمين بشكل عام شعوب
مليئة دائمًا بالحقد، ويعتقدون أنه لا سبيل إلى التعايش مع شعوب أخرى إلا بالقوة
" . وهاجم كذلك العمليات الاستشهادية التي يقوم بها فدائيون فلسطينيون ضد
الاحتلال الصهيويني لفلسطين قائلاً : (( إن الأمر يتعلق بمتطرفين يَحلمون بدخول
الجنة )) .
يرفض نيبول أن يكون مُتأثِّرًا بأي كاتب
آخَر ، ويقول إنه اعتمد على نفسه فقط في تكوينه الأدبي ، ولَم يأخذ مِن غَيره
شَيئًا ، وكُل ما قدَّمه كان جديدًا . أمَّا الكاتب الأثير لديه الآن فهو موباسان
، وقد اكتشفه مُتَأخِّرًا كما يقول . وفي عام 1955، حمل نيبول أولى رواياته
للناشر. وكان قد اشترى كتابًا لسومرست موم " لكي أعرف ماذا يمكن أن يُعلِّمني
أستاذ الرواية ، بحيث تكون لديَّ إمكانية أن أُعيد كتابة روايتي قبل تسليمها
للناشر ، ولكن لَم يحدث أي شيء " .
ويُؤكِّد نيبول على أنه " رَجل يَطفو
" ، والرَّجل الذي يطفو ، ينبغي أن يبحث لنفسه عن أرض ، وبما أن الكُتَّاب
الأوروبيين لديهم مادتهم الخاصة، فإنه يجب أن يَجعل السؤال الماثل أمامه دائمًا،
باعتباره مُهاجرًا طامحًا، مِن بلدة بعيدة ومختلفة : (( ما هي المادة الخاصة بي أنا
؟ )) .
خَصَّص نيبول أُولَى الدراسات الخمس التي
ضَمَّها كتابه الأخير " شعب
الكاتب "
لرفيقه الشاعر الكاريبي الشهير ديريك والكوت . وهذه هي
المرة الأولى التي يكتب فيها نيبول عن رفيقه والكوت. في دراسته يتحدث نيبول عن
ديوان يضم 25 قصيدة نشرها والكوت عام 1949 على نفقته الخاصة . يبدأ نيبول بتذكر
الحماس الذي يُثيره نشر كتاب من أديب محلي في جزر الهند الغربية. ووالكوت هو
النموذج الذي يُقدِّره نيبول أفضل تقدير في الأدب . يقول نيبول عن والكوت : (( لقد
تأثرتُ بشدة عندما قرأتُ مناظر طبيعية وصفها قلم موهوب موهبة كبيرة . إنني عندما
قرأتُ هذه القصائد أدركتُ لماذا كان بوشكين على هذا القَدْر من الأهمية بالنسبة
للروس )) .
إنَّ نيبول يعتبر هذا الديوان الصغير عزيزًا
على قلبه، لأنه يُمثِّل له ذكريات لا تُنسَى لفترة مِن فترات حياته . ولكن في
منتصف الدراسة يُقرِّر نيبول أن الشاب المتألق قد تَحوَّل إلى شيء أقل تألقًا مِن
وجهة نظره: " صوت أسود جديد جميل في الولايات المتحدة . نقلوه من الْجُزر لكي
يُدرِّس في الجامعات الأمريكية ". وبعد إعادة تحليل هذا العمل لوالكوت وصل
نيبول إلى نتيجة مُفادها أنه أصبح ينضم إلى تراث أدب الشكوى والغضب ضِد البِيض.
وهو التعبير المهذَّب عن عُقدة الاضطهاد التي يُتَّهم بها الكُتَّاب الذين لا
يَكُفُّون عن الشكوى مِن العنصرية . وفجأةً انضمَّ والكوت إلى جيش الكُتَّاب الذي
ينهلون مِن " الأفكار نفسها المتواترة عن السُّود، عن العذابات التي يغرقون فيها
دائمًا". وفي كتاب نيبول يَذكر عددًا كبيرًا مِن الكُتَّاب، مِن كامو إلى
كويتزي، والذين " وقعوا جميعًا في فخ القضايا العنصرية ، معَ ما يترتَّب على
ذلك من الميل إلى الظهور بالمظهر المثالي " .
لَم يسكت والكوت على هذا الهجوم، وردَّ
عليه، بِرِقَّة شاعر، وبضراوة مُلاكم، إذ إنه يُثني عليه ثناء كبيرًا، وعلى أسلوبه
الجميل في الرواية، ولكن والكوت انتفضَ فجأة لِيُسدِّد له لكمة انتقادية صميمة ،
فهو يَتَّهمه صراحة بالعنصرية ، ويُدين " خصومته للزُّنوج " .
في الأعوام الأخيرة ، كان نيبول مثار ضَجَّة
في الصُّحف العالمية ، بسبب هجومه على بعض الكُتَّاب . والسبب المتكرِّر لنقده
العنيف للأعمال الأدبية التي ظهرت مُؤخِّرًا لبعض كِبار الكُتَّاب، هو عجزهم عن
التجديد ، وانغلاقهم في أُطر جاهزة يسجنون فيها إبداعهم .