وُلد
الكاتب الألماني كارل ماي ( 1842_ 1912 ) في إرنستال ، في
مقاطعة سكسونيا
الألمانية لعائلة نسَّاج
كبيرة وفقيرة .
تمكَّنَ من الدراسة والحصول على رخصة للتعليم ، إلا أنه
ما لبث أن دخل السجن بتهمة السرقة فأُلْغِيَت رُخصته . قرأ في فترات سجنه المتقطعة
_ والطويلة أحيانًا _ كثيرًا من كتب الرحلات في الغرب الأمريكي ، ويبدو أنه تأثر
بما قرأه من كتابات جيمس فينيمور كوبر الذي كتب كثيرًا عن ذلك .
كتب ماي
لدى خروجه من السجن في عام 1874 قصصًا قصيرة مُسلسلة في الدوريات، وأخذت شُهرته
تتصاعد. وكان أول كتبه " في الغرب البعيد"(1880 ) حيث ظهرت شخصياته
الرئيسية التي تكرَّرت في عدد من الروايات، مِثل: وينيتو ، وشاترهاند العجوز ،
وهُما صديقان . وتتابعت مؤلفاته ، فظهرت روايات " عبر الصحراء " ( 1892
) ، و" مِن بغداد إلى إسطنبول "
( 1892 )،وأهمها" وينيتو"(1893) في ثلاثة مجلدات، ثُمَّ "
كنز البحيرة الفضية" ( 1894 ).
وبعد رحلات قام بها إلى أمريكا والشرق ، كتب
الحكاية الرمزية الخرافية " أرضتان وجنِّستان" (1909) حول التَّوق إلى
السلام والخلاص ثم كتب سيرته الذاتية في "حياتي وكفاحي"( 1910) التي
تُذكِّر بهتلر الذي كان من أكبر المعجبين بمؤلفاته ، إضافة إلى آخرين، مثل
آينشتاين وهِسِّه .
كتب ماي أغلب نتاجه _ الذي كان مسرحُه
عالَمًا بعيدًا غريبًا عنه _ من دون أن يغادر مسقط رأسه، لذا فهو ممتلئ بالمغالطات
، إلا أن ذلك لا يُقلِّل من قيمته. فمؤلفاته زهيدة الكلفة حافلة بالخيال
والرومانسية، وتستقطب القُرَّاء من بالغين ويافعين بهدف التسلية نظرًا لسهولة
قراءتها وشخصياتها البسيطة ، إذ ليس هناك سوى الخير والشر والأسود والأبيض ولا شيء
بينهما .
وتشدُّ موضوعاتها الغريبة القارئ، مثلما
شَدَّت_ في ذلك الوقت _ عروضُ بفالو بيل الجمهورَ
الأمريكي والأوروبي ،
وقدَّمت الهندي الأحمر وكأنه تحفة أثرية، ومِثل أفلام فالنتينو الصامتة التي
قدَّمت حياة الصحراء وشيوخ القبائل ومغامراتهم بطريقة رومانسية آسرة ، ولو كانت
غريبة .
كتب ماي أكثر من سبعين كتابًا ، وتُعَدُّ
مؤلفاته الأوسع انتشارًا لهذا النوع من الكتابة، فقد بيع منها ما يزيد على مئة
مليون نسخة، وجنى من وراء ذلك ثروة طائلة مكَّنته من شراء منزل كبير في مدينة
رادبويل ، أطلق عليه اسم " فيلا شاترهاند " ، حيث تُوُفِّيَ .
تُرْجِمت مؤلفات ماي إلى نحو ثلاثين لغة،
ونُقل كثير منها إلى شاشة السينما، وهناك متحف ودار نشر باسمه في مدينة بامبرغ ،
كما يُقام مهرجان كارل ماي سنويًّا في مسقط رأسه .
ويُعَدُّ
مِن أكثر كُتَّاب المغامرات غزارة في الإنتاج ، وقد ظل على مدى عقود من أكثر
الكُتَّاب شعبية. وقد اشْتُهِر من خلال قصص الرحلات التي غالبًا ما كانت في الشرق
والولايات المتحدة والمكسيك . وقد حُوِّلَ الكثير من أعماله إلى أفلام ، أو إلى
مسلسلات إذاعية أو كوميدية . وقد اعتبرته اليونيسكو واحدًا
من الكُتَّاب الألمان الأكثر ترجمة إلى لغات العالم .