وُلِدَ الأديب الفرنسي كلود سيمون ( 1913_
2005) في أنتاناناريفو ( عاصمة مدغشقر ) لأب عسكري . وتُوُفِّيَ في باريس . كان
يهتمُّ كذلك بالرسم والتصوير الفوتوغرافي . حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1985.
يُعتبَر كلود سيمون من أبرز من أبرز كتاب الرواية
الجديدة الفرنسية .
تُوُفِّيَت والدته وهو في العاشرة مِنَ العُمر . وفي العام التالي فَقَدَ والدَه
على جبهة القتال ، فَرَبَّته جَدَّته في منطقة بيربينيان جنوب فرنسا ، ويُعتبَر
الى جانب كُتَّاب آخرين أمثال : ألان روب وناتالي ساروت ، مِن
مُؤسِّسي جماعة أدبية عُرفت باسم الرواية الجديدة .
في عام 1936، انضمَّ
إلى الجمهوريين في إسبانيا
. وانتسبَ إلى فِرقة الخيَّالة عام 1939 ، ووقع في الأسر خلال الحرب
العالمية الثانية . وفي عام 1940تَمَكَّن مِن الفرار
مِن مُعتقَل في ألمانيا، وعندما وصل إلى فرنسا الحرة تَحَوَّل إلى زراعة الكروم .
صَدرت روايته الأولى " المخادع "
بعد الحرب عام 1941 .تلتها ثلاث روايات أخرى قبل أن يُصبح معروفًا خارج فرنسا مَعَ
" طريق الفلاندر "( 1960)، ويُصيب الشُّهرة مع رواية " تاريخ
" ( 1967) ، حيث يتداخل الواقع مَعَ
الذاكرة والْحُلْم . وتُشكِّل الروايتان الأخيرتان مع رواية " القصر "
الصادرة عام 1962 ، والتي تدور وقائعها على خلفية الحرب
الأهلية الاسبانية ثلاثيةً بناها الكاتب على ذِكرياته .
وفي عام 1985 ، مُنح كلود سيمون جائزة نوبل
للآداب . يَعترف سيمون بأن كتاباته الأولى لَم تكن بالجودة المطلوبة . لكنَّ إحدى
مخطوطاته وصلت أواسط الخمسينيات إلى ألان روب الذي كان قد نشر روايتين انقسم
حولهما النقاد الفرنسيون . وكان ألان روب مُستشارًا أدبِيًّا لدى منشورات ( مينوي
) . وهكذا بَدأت أعمال كلود سيمون ترى النُّورَ ، لدى دار النشر هذه التي ظَلَّ
وَفِيًّا لها طوال حياته .
نالَ سيمون جائزة صحيفة " الإكسبرس
" عام 1960 ، عن روايته " طريق الفلاندر " ، ثُمَّ جائزة مديتشي
عام 1967 عن كتابه " حكاية " . ومع حُلول السبعينيات، لَم تَعُد جماعة
الرواية الجديدة تستثير النُّقادَ بكتاباتها المثيرة المستفزة ، وتَفَرَّقَ
شَمْلُها ، لكن كلود سيمون وألان روب وناتالي ساروت واصلوا نشر روايات خارجة عن المألوف .
ورغم توقُّف
الجماعة عمليًّا ، إلا أن العشرات من
الدراسات جَرَت حولها ، والكثير مِن الأُطروحات الجامعية ، داخل فرنسا وخارجها.
وكان سيمون في مركز تلك الدراسات.
وفي عام 1985 بعد أن نشر كتابه "
الجيورجيون "، حاز سيمون على جائزة نوبل للآداب عن مُجمَل أعماله. وقد أثار
إعلان الجائزة استغراب طائفة واسعة من مواطنيه الذين لَم يكونوا قَد سَمعوا باسمه
. بَل سَارَعَ صحفيون فرنسيون إلى طلب معلومات عنه مِن زملاء لهم في الولايات
المتحدة ، كَي يكتبوا عن الروائي الفرنسي الذي نال هذه الجائزة المرموقة .
يُعتبَر
سيمون أحد كبار كُتَّاب الذاكرة ، حيث اعتمدت أعمالُه الروائية على المزج بين ما
هو سردي وما هو تاريخي ، ونجدها تجمع بين العذوبة والفوضى ورَونق ذكريات الماضي .
حِينَ سُئل
سيمون عن مصطلح ( الرواية الجديدة ) والذي حسبه النقاد عليه ، لَم يكن
مُتَحَمِّسًا لِتَبَنِّي هذا المصطلح ، وقال إِنَّ ما أنجزه مِن إبداع روائي ،
إنما كان ترجمةً حرفية لرؤية مُغايِرة للواقع ، ولتداعيات الحدث اليومي . ولَم يكن
مُهْتَمًّا بنمط مُعيَّن للكتابة الروائية ،
بَل هو التطلع لإنتاج نص فيه مِن ثراء الخصوصية الفنية ، ما ينتمي إليه دُون سِواه
.
والمُتمعِّن في كتابات سيمون الروائية ، يجد
أن الحدث يَتَّسع ، ويتشابك ضِمن وَحدة درامية متكاملة .
والجديرُ بالذِّكر أن سيمون كانَ مِن
الْمُغرَمين جِدًّا بالرسم ، بَل إِن هَواه الأول في الفن كان مُتَّجِهًا إلى
الرسم ، وظلَّ يُمارس طوال حياته هواية التصوير الفوتوغرافي وفن الكولاج ، ولا
تخلو نصوص رواياته من كلام على رُسومات كبار الرَّسامين .