هَرَبَ الجُنديُّ مِنَ
المعركةِ / ونَسِيَ المُسَدَّسَ بَيْنَ ثَدْيَي أرْمَلَتِهِ / والأوسمةُ العسكريةُ
تُزَيِّنُ فُرُوجَ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ / يَا أيُّها النَّخَّاسُ الذي
يَجْمَعُ حَمَّالاتِ الصَّدْرِ للجَوَارِي مِثْلَ طَوَابِعِ البَرِيدِ النَّادِرَةِ
/ إنَّ مِلْحَ الدُّموعِ تَنَاثَرَ في أزِقَّةِ المَرَافئِ المَهجورةِ /
اعتزلَ
حَفَّارُ القُبُورِ العَمَلَ السِّيَاسِيَّ / فَتَعَالَوْا نُهَنِّئ الأمواتَ /
أركضُ في أزِقَّةِ المِيناءِ بَاحِثًا عَن أكْفَاني البلاستيكِيَّةِ / وَالحَمَامُ
الزَّاجِلُ يَبِيضُ على أعلامِ القَراصنةِ / وَرَسَائِلُ العُشَّاقِ غَرِقَتْ في
البَحْرِ كأحزانِ البَحَّارَةِ الفُقَرَاءِ / وَفِئرانُ السَّفينةِ أكَلَتْ
جُثمانَ الرُّبَّانِ /
انكَسَرَتْ
مَلامِحُ وُجُوهِنَا في أحزانِ الشِّتاءِ / وَمَاتتْ أسماؤُنا في أرشيفِ الضَّحايا
ودُستورِ الوَحْدَةِ الوَطنيةِ / وصارت الأرقامُ هُوِيَّةً لأشلائِنا ونُعُوشِنَا
/ نَسِيَ نَهْرُ الرَّمادِ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / فَكَيْفَ يَضَعُ الأرقامَ عَلى
الجُثَثِ المجهولةِ ؟ /
لماذا
تَلعبُ بأعصابي أيُّها البَحْرُ ؟ / أعْطِني بُوصلةً كَي أعْرِفَ قَبْرَ أبي في
رِمَالِ الشُّطآنِ / امْنَحْنِي ضَوْءَ المَنَارَةِ البَعِيدَ / كَي أتناولَ
العَشَاءَ عَلى ضَوْءِ الشُّمُوعِ مَعَ جُثماني /
أحِبِّيني
أَو اكْرَهِيني/ إنَّ قَلْبي مات/ وحَوَاسِّي مُعَلَّقَةٌ عَلى حَبْلِ
المِشْنَقَةِ/كَثِيَابِ الحِدَادِ المُعَلَّقَةِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / آثارُ
أقدامِ الغُزاةِ على أثداءِ السَّبايا / ولا تاريخَ لأشجارِ المقبرةِ سِوى أسماءِ
القَتْلَى وأرقامِ السُّجَناءِ/ لَن يَحْصُلَ الجُنودُ على أوسمةٍ بَعْدَ
مَوْتِهِم/ لَن تُوضَعَ صُوَرُهُم عَلى حِيطانِ المَتَاحِفِ/لَن يَتَذَكَّرَ
أسماءَهُم سِوَى أُمَّهَاتِهِم/كُلُّنَا مُرْتَزِقَةٌ في حَرْبِ السَّرابِ/بِلا
رِمَالٍ ولا صَحراء/
وَحْدِي في
قَلْبِ الليلِ / لا شَيْءَ يُضِيءُ الغُبارَ على شَاهِدِ قَبْري سِوَى لَمَعَانِ
أظَافِرِ قَاتِلَتِي / وَحَفَّارُ القُبورِ اكتشفَ مَعنى الحَضَارَةِ بَيْنَ
القَرَاصِنَةِ وَقُطَّاعِ الطُّرُقِ / ذَهَبَتْ عَازِفَةُ البيانو إلى المَوْتِ
تَحْتَ المطرِ / وَبَقِيَ طِلاءُ أظافِرِها عَلى البيانو / وَسَالَ عَرَقُهَا عَلى
رَائِحَةِ أشجارِ الكَرَزِ في خَرِيفِ الإعدامِ / ذَهَبَت الغريباتُ إلى صَفِيرِ
القِطَاراتِ البَعِيدِ / وَبَقِيَ دَمُ الحَيْضِ عَلى المَقَاعِدِ الخَشَبيةِ في
مَحَطةِ القِطَاراتِ الباردةِ /