عِندَما غَابتْ
وُجُوهُ الشَّركسياتِ في الغَيْمِ الوَرْدِيِّ / عِندَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في
البَحْرِ البَعِيدِ / غَابَ القَمَرُ في قَلْبي المكسورِ / وانطفأتُ مِثْلَ
الشُّموعِ في شَهَادَةِ وَفَاتي / أنا السَّجينُ في زِنزانةِ الذِّكرياتِ
المفتوحةِ أمامَ البَحْرِ/ المُغلَقَةِ أمامَ قَلْبي/وَعِندَما أنطِقُ اسْمَكِ يا
سَجَّانتي/ تَنتشِرُ رَائحةُ اليَاسَمِينِ في ثِيَابي / وَأُوَقِّعُ عَلى حُكْمِ
إعدامي / لا حِبْرٌ للوَصِيَّةِ / ولا قِنَاعٌ للضَّحِيَّةِ /
مِلْحُ
دُمُوعي هُوَ حَاجِزٌ عَسكريٌّ بَيْنَ صَوْتِ المَطَرِ الأُرْجُوَانِيِّ والجُثَثِ
المتروكةِ في الشَّوارعِ / بَكَيْتُ على صَدْرِ الرِّياحِ تَحْتَ المَطَرِ/ قلبي
لا يَزَالُ مُعَلَّقًا بأغصانِ الذِّكرياتِ/ والمُقَاتِلُونَ المُرْتَزِقَةُ
قَتَلَهُمُ النِّسْيَانُ / ولا يَزَالُونَ في ثَلَّاجَاتِ المَوْتَى / وأعلامُ
القَبائلِ المُنَكَّسَةُ بَيْنَ أفْخَاذِ النِّسَاءِ /
عِشْتُ كَي
أرى الحَضَارةَ تَنْكَسِرُ في خِيَامِ اللاجئين/ كَمَا تَنْكَسِرُ قِطَّعَةُ
السُّكَّرِ في قَهْوَةِ العُشَّاقِ الباردةِ / التي تَرَكُوها على طَاولاتِ
المَطاعمِ المُوحِشَةِ / وَذَهَبُوا إلى بَرِيقِ الاحتضارِ في غَاباتِ الخريفِ/
وَقْعُ أقدامِ النَّخَّاسِينَ عَلى نُهُودِ السَّبايا المقطوعةِ / كالحِبْرِ في
دُستورِ الوَحْدةِ الوَطنيةِ / والجُثَثُ المُتَفَحِّمَةُ ذَاتُ الأسنانِ الذهبيةِ
/ هِيَ لَوْحَاتٌ في مَتَاحِفِ التَّطْهِيرِ العِرْقِيِّ /
أيْنَ
سَتُدْفَنُ أيُّها الغريبُ في لَيْلِ الرُّعُودِ ؟/ قَلْبُ أُمِّكَ صَارَ قَبْرًا
لِطُيورِ البَحْرِ/ والزَّوابعُ لا تَزالُ تَبْحَثُ عَن جُثمانِ أبِيكَ / وأشجارُ
المقبرةِ مَاتتْ بَعْدَ جُرعةٍ زَائدةٍ مِنَ الذِّكرياتِ /
هَل
يَقْدِرُ الصَّليبُ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أن يَحْرُسَكِ مِن سَرَطَانِ الثَّدْيِ ؟ /
المساءُ غَامِضٌ كالجُثَثِ المجهولةِ / لا عَشَاءٌ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ
القِرْمِزِيَّةِ / ولا شُمُوعٌ في غَابَةِ المَطَرِ الأُرْجُوَانِيِّ / ذَهَبَ
العَاشِقُونَ إلى شُمُوعِ المَوْتِ / وَبَقِيَ مِلْحُ الدُّموعِ عَلى نَصْلِ
المِقْصَلةِ / يَشْعُرُ النَّهْرُ الباكي بالفراغِ العاطفيِّ في طَرِيقِهِ إلى
أضرحةِ الغُروبِ / وَتَرْكُضُ بَسَاتِينُ الكَرَزِ في هَيْكَلِي العَظْمِيِّ /
والأرملةُ الشَّابَّةُ نَسِيَتْ مَلاقِطَ الغسيلِ عَلى سُورِ المقبرةِ / وَذَهَبَتْ
إلى احتضاراتِ الشَّفَقِ /
أنا
نَوْرَسٌ غَامِضٌ / لَكِنَّ البَحْرَ يَطْعَنُنِي في الظَّهْرِ / أنا الطائرُ
الذبيحُ أُضِيءُ الليلَ بأحزاني / لَكِنِّي مَصْلُوبٌ عَلى أعمدةِ الكَهْرَباءِ /
أنا غُربةُ الفِضَّةِ في مُدُنِ الخِيانةِ الذهبيةِ / قَضَيْتُ حَيَاتي بَاحِثًا
عَن جُثماني/ لَكِنِّي وَجَدْتُ جُثمانَ أبي عِندَ الحاجِزِ العَسكريِّ/الذي
يَفْصِلُ بَيْنَ رَمْلِ الشَّاطِئِ ونَبَضَاتِ قَلْبي / والأطفالُ يَقْضُونَ
العُطلةَ الصَّيفيةَ في انتشالِ جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم مِن تَحْتِ الأنقاضِ /