زِنزانتي تُطِلُّ عَلى
البَحْرِ الأخيرِ / وَطُيُورُ البَحْرِ تُعَقِّمُ بَلاطَ الزِّنزانةِ بِمِلْحِ
الدُّموعِ / والطائراتُ قَصَفَتْ حِبَالَ الغسيلِ / فَسَقَطَتْ ثِيَابُ الحِدَادِ
عَلى سَطْحِ الوَدَاعِ أوْ سَطْحِ البَحْرِ / افْرَحُوا أيُّها الضَّحايا / يَنْتَظِرُكُم
مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ في المَقَابرِ الجَمَاعِيَّةِ / ولا دُسْتُورَ إلا
التَّطْهِيرُ العِرْقِيُّ /
ضَفائرُ
الرَّاهباتِ مَرْبُوطةٌ بِمَساميرِ الصُّلبانِ / وأجنحةُ الفَراشاتِ عَالِقةٌ
بالأسلاكِ الشَّائكةِ على أسوارِ المُعْتَقَلاتِ / انكَسَرَتْ أُنوثةُ أشجارِ
المقابرِ بَيْنَ الطَّاغِيَةِ المُقَدَّسِ وَبَرِيقِ المُسَدَّسِ /
أخَذَت
الشَّركسيةُ قلبي/ وَدَخَلَتْ في ذَاكرةِ الشَّفَقِ / وما زِلْتُ أنتظرُ
عَوْدَتَهَا / كما تنتظرُ الأراملُ عَوْدَةَ أبنائِهِنَّ القَتْلى مِنَ الحَرْبِ /
لَيْتَنِي سَألْتُكِ يَا سَجَّانتي قَبْلَ أن تَمُوتِي/ هَل تُحِبِّينَنِي ؟ /
بَعْدَ
الشَّركسياتِ/ صِرْتُ سَرَابًا يُظِّلَلُ الحَطَبَ الأخْضَرَ / وأنتظرُ طُيُورَ
البَحْرِ كَي تَدْفِنَنِي في ذَاكرةِ الشَّفَقِ / بَعْدَ الشَّركسياتِ / صِرْتُ
جُثةً هامدةً أنتظرُ رَصاصةَ الرَّحمةِ / كَي أموتَ مَرَّتَيْن /
إنَّ
حَيَاتي مَوْتٌ / وَمَوْتي مَوْتٌ / فَاكْتَشِفْ أُنوثةَ القصيدةِ في أبجديةِ
المَوْتِ / وَعِشْ حَيَاتَكَ وَمَوْتَكَ في قَلْبِ امرأةٍ لِتَظَلَّ طَيْفًا في
المساءِ الوَرْدِيِّ / عِندَما تَسْقُطُ الحضارةُ كَمَلاقِطِ الغسيلِ /
وَتَنْكَسِرُ الدُّوَلُ كَقِطَعِ الشُّوكولاتةِ /
كُوني
عَشيقةَ السَّرابِ أيَّتُها الصَّحراءُ / لا تاريخَ لِشُطآنِ الاحتضارِ سِوى
الرِّمالِ / والأيتامُ يَبْنُونَ القُصورَ الرَّمليةَ على جُثَثِ
أُمَّهَاتِهِم/والسَّلاحفُ تَضَعُ بُيُوضَهَا في حَناجرِ النِّساءِ البَاكِيَاتِ /
وَالمَوْجُ قَادِمٌ كَي يَهْدِمَ القُصورَ الرَّمليةَ وَذَاكرةَ الرَّحيلِ /
خُدودُ
النِّساءِ مِنَ الأسْمَنْتِ المُسَلَّحِ / لَكِنَّ قَلبي أعْزَلُ في مُوَاجَهَةِ
أحلامِ الطفولةِ والرُّومانسيةِ الضَّائعةِ / والأمواتُ الذينَ رَحَلُوا لَمْ
يَرْحَلُوا مِن قَلبي / أنا حَفَّارُ القُبورِ في المقابرِ الكريستاليةِ /
أُعْلِنُ انتصاري عَلى رُفَاتِ الأشجارِ المُضيئةِ / أنا حَارِسُ
المُسْتَنْقَعَاتِ في لَيالي الصَّيْفِ المُقْمِرَةِ / أُعْلِنُ انتصاري عَلى
طَحَالِبِ القُلوبِ المكسورةِ /