رَنينُ أسوارِ المقابرِ مِثْلُ رَنِينِ
أساورِ الفَتَيَاتِ / الصَّدَأُ يأكلُ بَوَّابةَ المقبرةِ / والصَّدى يَلْتَهِمُ
قَفَصِي الصَّدْرِيَّ/ أنا صَدى مَناديلِ الوَدَاعِ/ التي تُلْقِيها النِّساءُ
عَلى جُثَثِ البَحَّارةِ / وَصَوْتُ المَوْتِ في أعماقي / لأنَّ البَحْرَ يُنادي
عَلَيَّ في المساءِ الدَّامي/ وَعُشْبُ الأضرحةِ يَنمو بَيْنَ الأسنانِ الذهبيةِ
للنِّساءِ المُغتَصَبَاتِ/ أنا الجائعُ/ أَكَلْتُ جُثمانَ الزَّوبعةِ/ أنا
العَطْشَانُ / شَرِبْتُ دَمَ الرِّياحِ /
الطريقُ إلى البَحْرِ مُغلَقٌ بالحواجزِ العسكريةِ
والتَّوابيتِ المُزَخْرَفَةِ / فَكُنْ شُطآنَ الرَّحيلِ في هَيْكلي العَظْمِيِّ /
أحلامُ الطُّفولةِ رِمَالٌ مَمْزُوجَةٌ بِدَمِي/والسَّلاحفُ نَسِيَتْ بُيُوضَها
في أوعيتي الدَّمويةِ / والأيتامُ يَبْنُونَ القُصورَ الرَّمليةَ بَيْنَ الأظافرِ
الفِضِّيةِ والأضرحةِ الرُّخاميةِ / ابتلعَ البَحْرُ الأيتامَ/ وَهَدَمَ المَوْجُ
القُصورَ الرَّمليةَ/ والضَّحِيَّةُ تَتَقَمَّصُ جَلَّادَهَا / والبُحَيرةُ
مُعْجَبَةٌ بالحُزْنِ الذي اغْتَصَبَهَا / وأنا البَحَّارُ المَنبوذُ / لا أخافُ
مِنَ العاصفةِ / أخافُ مِنَ الهُدُوءِ الذي يَسْبِقُ العاصفةَ /
أرى الجُنودَ وَهُم يَسْحَبُونَ الجُثَثَ
مِن تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ / أرى الجَرَادَ وَهُوَ يَسْحَبُ جُثماني مِن أحلامِ
الطُّفولةِ / أُمِّي تُطَارِدُ أحزانَهَا بَيْنَ أنقاضِ الحُلْمِ وأنقاضِ قَلْبي /
والعصافيرُ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ حِبَالِ المشانقِ وحِبَالِ الغسيلِ/والنَّهْرُ
غَسَلَ يَدَيْهِ مِنَ الظِّبَاءِ لِكَيْلا تَأتِيَهُ الطَّعْنَةُ في الظَّهْرِ/
يُهَاجِمُ طَيْفُ الشَّركسياتِ قَلبي المكسورَ بَيْنَ قَطَرَاتِ المَطَرِ وأوراقِ
الخريفِ / دَمِي حَرْفٌ مَجهولٌ في أبجديةِ الأنقاضِ / وأُنوثةُ حِبَالِ
المَشَانِقِ تَتَمَزَّقُ بَيْنَ أعْقَابِ البَنَادِقِ وأعْقَابِ السَّجَائِرِ
/ وَالرَّاعِي حَطَّمَ مِزْمَارَهُ /
وَقَادَ القَطِيعَ إلى الهاويةِ اللازَوَرْدِيَّةِ /
صَوْتُ المطرِ يُفَجِّرُ كُرَيَاتِ دَمِي /
وأشجارُ المقابرِ تَصْعَدُ مِن ثُقُوبِ جِلْدِي / صَوْتُ الرَّصاصِ لَمْ يَهْدَأ
في قَلْبِ الليلِ/ احترقَ قَمِيصُ النَّوْمِ بالدُّموعِ المالحةِ / وَصَارَ
الأرَقُ تاريخًا لِمَن لا تاريخَ لَهُ / وَبَرِيقُ المقاصلِ يَنْكَسِرُ بَيْنَ
أحلامِ الطُّفولةِ وأحلامِ اليَقَظَةِ /
الزَّوابعُ الفِضِّيةُ تَجْمَعُ عِظَامَ
الأمْوَاتِ كَطَوَابِعِ البَرِيدِ النَّادِرَةِ / وَشَوَاهِدُ القُبُورِ
البَازِلْتِيَّةُ صَارَتْ لَوْحَاتٍ زَيْتِيَّةً في مُتْحَفِ الحَرْبِ
الأهْلِيَّةِ / والتَّوابيتُ الشَّمعيةُ في مُدُنِ السَّرابِ / والجُثَثُ
المَعْدِنِيَّةُ مَصْفُوفةٌ على رَصيفِ المِيناءِ كَصَنَادِيقِ الخُضَارِ/
والإعصارُ فَتَحَ لِطُيُورِ البَحْرِ بَابَ قَفَصِي الصَّدْرِيِّ/