بَقِيَ جُثماني في
زُقَاقِ الفِئرانِ وَحِيدًا / لأنَّ حَفَّارَ القُبورِ أُحِيلَ عَلى التَّقَاعُدِ
/ والبَرِيقُ في عُيونِ الفَرَاشَاتِ هُوَ أرشيفٌ لِشَظايا قلبي
المكسورِ/لَيْتَنِي أَجِدُ امرأةً تَقْتَلِعُ حُبَّ الغَزَالَةِ الغَامِضَةِ مِن
قَلْبي/ لِتُرِيحَني مِنَ العَذَابِ في لَيْلِ الشِّتاءِ / وَتَحْرُسَ جِلْدِي مِن
مِلْحِ دُمُوعي الحَارِقِ /
السَّلامُ
عَلَيْكِ أيَّتُها اللبُؤَةُ أيْنَمَا كُنتِ / في أضرحةِ النَّعناعِ أوْ في
الغُيومِ الحمراءِ / في نَهْرِ الرُّفَاتِ أَوْ في بُحَيْرَةِ المساءِ / لَن أَهْرُبَ
مِن ذِكْرَياتي / أنا الرُّبَّانُ الذي سَيَغْرَقُ مَعَ السَّفينةِ التي أَحَبَّهَا
/ لَن أَهْرُبَ مِنَ المعركةِ/ إنَّ المُلوكَ المهزومِينَ يَقِيسُونَ نُهُودَ
السَّبايا بالأوسمةِ العَسكريةِ /
الخَنْجَرُ
المَسمومُ بَيْنَ نَهْدَيْكِ أيَّتُها الذُّبَابَةُ العَمْياءُ / وَسَرَطَانُ
الثَّدْيِ يَأكُلُ صَدْرَكِ / كَيْفَ تَهْرُبِينَ مِن رَصاصةِ القَنَّاصِ الذي
يَعْشَقُكِ ويَقْتُلُكِ ؟ / نامَ المُهَرِّجُ في الشَّارعِ بَعْدَ إغلاقِ
السِّيركِ بالشَّمْعِ الأحمرِ / وَذَهَبَت الرَّاهباتُ الغامضاتُ إلى ضَوْءِ الاحتضارِ
/ وَبَقِيَتْ حُبُوبُ مَنْعِ الحَمْلِ في مَزْهَرِيَّاتِ غُرفةِ الاعترافِ /
الدُّوَيْلاتُ البَدويةُ اللقيطةُ / وَجَيْشُ البَدْوِ الرُّحَّلِ
يَسْتَعِدُّ لِتَحريرِ فِلِسْطِين / وَدَمُ الحَيْضِ للجَوَاري يَطْفُو عَلى
سَطْحِ النِّفْطِ في تَوَابِيتِ الضَّحايا / مَا فَائدةُ إنجابِ الأبناءِ إذا
كَانَ مَصِيرُهُم القَتْلَ ؟ / مَا فَائدةُ شَواهدِ القُبورِ المُزَخْرَفَةِ إذا
كانت الجُثَثُ في الشَّوارعِ ؟/ مَا فَائدةُ الوَحْدَةِ الوَطنيةِ إذا كانَ
الضَّحايا في المَقابرِ الجَمَاعِيَّةِ ؟/مَا فَائدةُ الصَّابونِ إذا كان
السُّجَنَاءُ يَغْسِلُونَ بَلاطَ الزَّنازينِ بِدِمَائِهِم ؟/ مَا فَائدةُ
الحُبِّ الأوَّلِ إذا كَانتْ ذِكْرَيَاتُنا تُولَدُ في التَّطهيرِ العِرْقِيِّ ؟ /
أيَّتُها
العُصْفُورَةُ التي يَتساقطُ كُحْلُهَا كأوراقِ الخريفِ على أعصابِ الرِّياحِ في
المساءِ الحزينِ / عَلِّمِيني الرِّياضياتِ كَي أُفَرِّقَ بَيْنَ رَقْمِ جُثماني
وَرَقْمِ زِنزانتي / قَلبي يُطِلُّ عَلى ضَفائرِ البُحَيْرَةِ الشَّمْعِيَّةِ /
وَزِنزانتي تُطِلُّ عَلى البَحْرِ / وطَيْفُ الظِّبَاءِ في مَحطةِ القِطَاراتِ
يَخْلَعُ جِلْدي / ويُضِيءُ مِلْحَ دُمُوعي عَلى زُجاجِ القِطَاراتِ /
النِّسَاءُ
المُتَعَطِّرَاتُ بالْمُبيداتِ الحَشَرِيَّةِ يَمْشِينَ في الجِنازةِ العَسكريةِ/
وأنا المنبوذُ في شَراييني/ تَفَرَّقَ دَمِي بَيْنَ القَبَائِلِ المَهزومةِ /
وَأَصْنَعُ مِنَ الأسنانِ الذهبيةِ للجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ أوسمةً عَسكريةً /
للجُنودِ الهاربينَ مِن ذَاكِرَةِ المَعركةِ إلى مَعركةِ الذاكرةِ /