غُربةُ الذِّكرياتِ في
فِضَّةِ الأكفانِ / وأشعةُ القَمَرِ تنهمرُ عَلى الحواجزِ العَسكريةِ / في شَوارعِ
الهَلَعِ التي أركضُ فِيها عَارِيًا / وأسألُ البَحْرَ المقتولَ / كَيْفَ
نُمَيِّزُ السَّجَّانَ مِنَ السَّجينِ ؟ /
وَجْهُكِ
أيَّتُها الغريبةُ يَتساقطُ على شَظايا زُجاجِ القِطَاراتِ / وَمِيضُ البَرْقِ
يُلَمِّعُ مَساميرَ نَعْشِي في لَيْلِ العُشَّاقِ القَتْلِى/ والزَّوابعُ الذهبيةُ
تُحْرِقُ الجُثَثَ بَعْدَ إعدامِ أصحابِهَا/ وَيَفُضُّ العَبيدُ أغشيةَ
البَكَارَةِ للأميراتِ تَحْتَ المَطَرِ /
أحْمِلُ جِيناتِ
الإعدامِ في قَلْبي / وَمِشْنَقتي مُعَدَّلَةٌ وِرَاثِيًّا / وَمِقْصَلتي بِطَعْمِ
الكَرَزِ / ضَاعَت الرسائلُ بَيْنَ أمواجِ البَحْرِ النُّحاسيةِ وثُقُوبِ جِلْدِي
البلاستيكيةِ / والحَمَامُ الزَّاجلُ يَبِيضُ على نافذةِ زِنزانتي الانفراديةِ /
ذَهَبَت النَّوَارِسُ إلى ضَوْءِ المَوْتِ / والبَحْرُ نَسِيَ ثِيابَ الحِدَادِ
على الشاطئِ /
يَشْرَبُ
حَفَّارُ القُبورِ القَهْوَةَ في استراحةِ المُحَارِبِ تَحْتَ أشجارِ المساءِ /
تَفَرَّقَ دَمُ النَّهْرِ بَيْنَ القبائلِ / وأسماءُ الضَّحايا ضَاعَتْ بَيْنَ
رَغْوَةِ الدَّمِ وَرَغْوَةِ القَهْوَةِ / وأجنحةُ الجَرَادِ تُزَيِّنُ أوعيتي
الدَّمويةَ / والنَّهْرُ الأعمى يَرعى قَطِيعًا مِنَ الحَيَوَانَاتِ المَنَوِيَّةِ
في مَمَالِكِ الاغتصابِ / وأشِعَّةُ القَمَرِ تَحْرُثُ قَاعَ المُسْتَنْقَعِ
بَحْثًا عَن جُثماني الغَامِضِ /
أنا القائدُ المُنْتَصِرُ بلا أقواسِ نَصْرٍ ولا
أكاليلِ غَار / انتصرتُ على السَّرابِ لأنَّني أنا الوَهْم / الجُثَثُ في الشوارعِ
القَذِرَةِ / والأوسمةُ العسكريةُ في حاوياتِ القُمامةِ / والفُقَرَاءُ
يَبْحَثُونَ عَن الخُبْزِ تَحْتَ أنقاضِ البُيُوتِ / والمطرُ يَنْهَمِرُ على
رُخامِ الأضرحةِ في ليالي الرَّصاصِ الحَيِّ /
تتساقطُ
أشلائي مِن ذَاكرةِ المساءِ على أزِقَّةِ الجِرذان / كَمَا يَتساقطُ كُحْلُ
بَنَاتِ حَفَّارِ القُبورِ على حَشَائِشِ المَدَافِنِ / فَيَا أيَّتُهَا اللبُؤَةُ
السابحةُ في الغُيومِ / إنَّ الرَّقَبَةَ الناعمةَ تَتَوَهَّجُ تَحْتَ نَصْلِ
المِقْصَلةِ/ كُلُّ حُلْمٍ سَيَخْتَارُ طَرِيقَهُ في السَّرابِ/ فَاصْعَدْ مِن
طَيْفِكَ الصَّحْرَاوِيِّ يَا سَجَّاني / لا تاريخٌ للقُصورِ الرَّمليةِ سِوى
الأمواجِ الذهبيةِ / ولا مُسْتَقْبَلٌ للسُّجَنَاءِ سِوَى الرِّمالِ الخَضْرَاءِ /