الإعْصَارُ يَجْمَعُ
شَظَايَا قَلْبي/ بَيْنَ رِعْشَةِ الحُبِّ الأوَّلِ وأنينِ الرَّصاصةِ الأُولَى /
لَيْتَني الْتَقَيْتُ بالشَّركسياتِ في الأندَلُسِ / كانتْ أوردتي أعشاشًا
للعَصافيرِ المُلَوَّنَةِ كَحِبَالِ المشانقِ / وكانتْ أظافري أرقامًا لِشَظايا
قَلبي المكسورِ / وأرشيفًا للانقلاباتِ العَسكريةِ في مَمالكِ السَّرابِ /
وَحِيدٌ أنا
/ لا امرأةٌ تَبْكِي عَلَيَّ بَعْدَ اغتيالي الرُّومانسِيِّ / وَلا عُشْبَةٌ تَنْمُو
عِندَ شَاهِدِ قَبْري المَطموسِ / صَوْتُ أُمِّي مِثْلُ صَفِيرِ القِطَاراتِ
المكسورِ / بَيْنَ مَدينةِ الخَدِيعةِ وَلَيْلِ الشِّتاءِ /
لماذا أركضُ
وَراءَ السَّرابِ؟/ أملاحُ دَمْعي هِيَ الصَّحراءُ/ وَكُرَيَاتُ دَمِي هِيَ
الرِّمَالُ المُتَحَرِّكَةُ/ كَيْفَ أهْرُبُ مِن مِشْنَقتي وجَسَدي هُوَ مِشْنَقتي
؟ / النَّهْرُ يَبكي فَوْقَ أنقاضِ مَنْزِلِهِ عَلى أطفالِهِ الذينَ دُفِنُوا
تَحْتَهُ / كَيْفَ أَفِرُّ مِن نِهَايتي وأنا أحْمِلُ بِذرَةَ نِهَايتي في قَلْبي
؟ /
دَخَلَت
الفَراشةُ في المَدَارِ كَي تَحْتَرِقَ وَحِيدَةً / بِلا عُشَّاقٍ ولا شُمُوعٍ /
فَاكْتُبْ قَصائدَ الرِّثاءِ يا حُزْنَ
اليَاسَمِينِ في طَرِيقِ الرُّفَاتِ / صَوْتُ المَطَرِ مَخْلُوطٌ بِرَائحةِ
البارُودِ / ومَاتت الأجسادُ / وَبَقِيَ
أرشيفُ الرَّصَاصِ الحَيِّ / نَسِيَتْ طُيورُ البَحْرِ ضَوْءَ المَنَارَةِ /
ونَسِيَ السَّجِينُ أن يَمْدَحَ سَجَّانَهُ في الطريقِ إلى خَشَبَةِ الإعدامِ /
وأعلامُ القَبائلِ المُنْقَرِضَةِ مُلَوَّنةٌ بِنَفْطِ الصَّحْرَاءِ وحَلِيبِ
الإمَاءِ /
حَاجِزٌ
عَسكريٌّ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتُها الأرملةُ الشَّابَّةُ / والجُنودُ هَرَبُوا
مِن مَعركةِ السَّرَابِ إلى سَرَابِ المعركةِ / تَقَاعَدَ حَفَّارُ القُبُورِ /
واستلمَ مُكافأةَ نِهايةِ الخِدمةِ / فَتَعَالَوْا نُهَنِّئ الأمواتَ / ونُعَانِق
أشجارَ المقبرةِ / أعيشُ وَحِيدًا / لأنني سَأمُوتُ وَحِيدًا / فَاعْشَقْ حُزْنَكَ
يا نَهْرَ الرُّفَاتِ / وَارْكُضْ إلى أشِعَّةِ القَمَرِ/ وَكُن عَاشِقًا لِدَمِي
الذي يَسِيلُ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ/ لا دَوْلَةٌ وَرائي/ ولا رَايَةٌ
أمَامِي/ كُلُّ الدُّوَلِ مُنْهَارَةٌ / وَكُلُّ الأعلامِ مُنَكَّسَةٌ / وانتهت
اللعبةُ / وهَدَمَ الأطفالُ القُصورَ الرَّمليةَ / انكَسَرَتْ خُدُودُ البَحْرِ /
وَحَانَ مَوْعِدُ الغَرَقِ / انكَسَرَتْ سَنَابِلُ الغُروبِ / وَحَانَ مَوْعِدُ
الحَصَادِ /