لَمْ أتَطَهَّرْ مِن
ضَجِيجِ نَبَضَاتِ قَلْبي في لَيْلِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / تَبْني النُّسورُ
أعشاشَها في أنقاضِ قَلْبي / وَتَخُونُني جِيَفُ الخُيُولِ الخَشَبِيَّةِ عَلى
قَشِّ الإسْطَبْلاتِ/ وَدُمُوعُ اللبُؤَاتِ خَانَتْ مِلْحَ البَحْرِ/ لا مُسْتَقْبَلَ
للطحالبِ إلا المُسْتَنْقَع / نُهُودُ جَوَاري القُصُورِ مِنَ أسْمَنْتِ
الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / لَكِنَّ المَوْجَ هَدَمَ القُصورَ الرَّمليةَ / ومَاتَ
الأطفالُ على شُطآنِ الغُروبِ / بَرِيقُ نَصْلِ المِقْصَلَةِ في لَيالي الشِّتاءِ
/ وحَبْلُ المِشْنَقَةِ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتُهَا المَلِكَةُ البَاكِيَةُ
بَعْدَ الانقلابِ العَسكريِّ /
سَلامًا
أيَّتُها الذِّئبةُ الغريبةُ التي تَمُرُّ بِجَانِبِ تابوتي المَنْسِيِّ عَلى
الرَّصيفِ/ تَحْتَ أمطارِ الخريفِ الأُرْجُوَانِيَّةِ / أركضُ في أزِقَّةِ
المِيناءِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ الأخيرةِ / كَي أُصَفِّيَ حِسَابَاتي مَعَ
البَحْرِ والذِّكرياتِ ومَناديلِ الوَدَاعِ / والإعصارُ يَبْحَثُ في حُطَامِ
سَفِينتي عَنِ الفِئرانِ التي أَكَلَتْ خُدُودَ النِّسَاءِ / وتتناثرُ القلوبُ
المكسورةُ في الحِكَايَاتِ / كَمَا تتناثرُ حَبَّاتُ الرُّمَّانِ في الأمطارِ /
صَوْتُ
المطرِ يُحْرِقُ المِلْحَ في دُمُوعي / مَاتَ الرِّجالُ / زَرَعْنَاهُم في
المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ / وشَوارعُ الطاعونِ خاليةٌ إلا مِنَ الرِّياحِ/
والقَنَّاصُ يُطْلِقُ الرَّصاصَ على الحَشَرَاتِ بَعْدَ مَوْتِ البَشَرِ/ أنا
النَّاجي الوحيدُ مِنَ المَذبحةِ / نَجَوْتُ كَي أكتبَ قصائدَ الرِّثاءِ
للغُرَبَاءِ / وأخترعَ تاريخَ الضَّحايا المَنْسِيِّين / وَأَرْسُمَ جُغرافيا
أحْزَانِ الطُّفولةِ الضَّائعةِ/ وأحْصُلَ على الأوسمةِ الصَّدِئَةِ/ وأعيشَ
مُؤرِّخًا للأرضِ المَحروقةِ والجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ / أنا مُؤرِّخُ الخَرَابِ
/ مَهْزُومٌ أنا لَكِنِّي أمشي تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / لا نِسَاءٌ يُلْقِينَ
عَلَيَّ أكاليلَ الغَارِ / ولا رِجَالٌ يُؤَدُّونَ التَّحِيَّةَ العَسكريةَ
لِنَعْشِي /