وُلد الفيلسوف الألماني رودلف أُوكن ( 1846_ 1926) في
مقاطعة أوريتش الألمانية ، وتُوُفِّيَ في يينا .
تُوُفِّيَ والده عندما كان طفلاً ، فقامت أُمُّه برعايته
والإشراف على تعليمه . درسَ في جامعة غوتنغن ( 1863_ 1866 ) . مِن أبرز أساتذته
الذين تلقَّى العِلْم على أيديهم : عالِم اللغويات والفيلسوف فِلهِلم رويتر ،
والأستاذ هيرمان وتز ، والأستاذ أدولف تراند الذي ساهمَ في تدعيم النظرة التاريخية
للفلسفة الأخلاقية .
حصل أُوكن على شهادة الدكتوراة في فقه اللغة الكلاسيكية
والتاريخ القديم من جامعة غوتنغن في عام 1866، واهتم بالجانب الفلسفي من اللاهوت.
وبعد عِدَّة سنوات أصبحَ مُحَاضِرًا في جامعة بازل .
بَقِيَ أُوكن في جامعة بازل حتى عام 1874 ، ثُمَّ عمل
مُحَاضِرًا في جامعة يينا . وهي إحدى أشهر الجامعات الألمانية وأكثرها عراقة، ومن أشهر خِرِّيجيها
الفيلسوف الألماني شوبنهاور ، والفيلسوف الألماني كارل ماركس، وعالِم الفيزياء
النمساوي شرودنغر .
بَقِيَ أُوكن
مُحَاضِرًا في جامعة يينا حتى تقاعده في عام 1920 .
وفي الفترة ( 1913_ 1914)، شغل منصب محاضر زائر في جامعة
نيويورك . وخلال الحرب العالمية الأُولى ، اتَّخذَ _ مِثْل الكثير من زملائه
الأكاديميين _ موقفًا قويًّا ضد الحرب .
وقد وقَّع في عام 1914 ( العام الذي اندلعت فيه الحرب العالمية
الأولى ) على بيان المثقفين الألمان . ورأى
أن الحرية تتحقق بالعِلم وبمجتمع السلام، فالعِلْم يُوفِّر سيطرة الإنسان على الطبيعة
بتعاون العلماء ، ومجتمع السلام يكون بتعاون البشر ووقف صراعهم .
تزوَّج أُوكن في عام 1882 ، وأنجبَ وَلَدَيْن وبِنتًا . وقد
أصبحَ ابنه والتر مفكرًا اقتصاديًّا شهيرًا . أمَّا ابنه الثاني أرنولد ، فقد
أصبحَ عالِمًا كيميائيًّا .
حصل أُوكن على جائزة نوبل للآداب عام 1908 ، بعد
أن كان قد تَمَّ ترشيحه مِن قَبْل عُضوًا في الأكاديمية السويدية. وقد بَيَّنت لجنة نوبل سبب منحه الجائزة: " تقديرًا
لبحثه الجاد عن الحقيقة ، وامتلاكه القدرة على اختراق الفكر، وأُفقه الواسع،
والدفء والقوة في عَرْض أفكاره، التي ساهمت في تكريس مثالية فلسفة الحياة".
إن فلسفة أُوكن فلسفة حياة . والحياةُ في نظره أنظمة
عضوية ومؤسساتية، ووظيفة الفلسفة شرح
أنظمة الحياة ، وإظهار معانيها ، ثم اختيار أفضلها . وبما أن الحياة عملية تطور ،
فلا يمكن حجزها في فلسفة أو نظام .
وعندما
تُحطِّم الحياةُ الحواجزَ الْمُنْشَأة ، تظهر الحاجة إلى فلسفة جديدة ، أو نظام
للحياة جديد أكثر شمولاً . والفلسفة الجديدة لا تولد إلا بالعملِ الحي الجاد ،
وبالتركيز على الحياة ومعرفة الخير والشر فيها .
والحياة
في الإنسان وعي ذاتي ، وهي تتجاوز حدود الفرد لتربط كل الكائنات الواعية . وبهذا
التجاوز ، تصبح حياة روحية مستقلة تصل الإنسان بالحقيقة المطْلقة ، والجمال والخير
المطْلقَيْن.
انتقدَ
أُوكن المذهب الطبيعي الذي يفرض حدودًا زائفة على روح الإنسان . ومعَ أن المذهب
الطبيعي هو نتيجة تأثير العِلْم في حياة الإنسان ، إلا أن هذا المذهب يصبح شديد
الخطورة إذا قيَّد طاقات الإنسان بالطبيعة وحدها . لذلك أكَّد أُوكن على الاستقلال
الروحي الذي يُعطي الأولوية للكُل ، الذي يُؤلِّف الفرد جزءًا منه مِن دُون ذوبان
فيه .
كما
انتقدَ أُوكن الاشتراكية مِن ستة وجوه : 1_ عجزها عن إضفاء وَحدة على حركة الحياة.
2_ عجزها عن إدراك حاجة الإنسان إلى حياة جوَّانية. 3_ حصرها اللحظة المهمة لحياة
الإنسان في الحاضر. 4_ اختزالها الإنسان في معادلة رياضية . 5_ حصرها الإيمان في
المذهب الطبيعي ، مِمَّا وَلَّدَ صراع الإنسان ضد أخيه الإنسان . 6_ إجهاض طبيعة
الإنسان الحقيقية بسبب تحديد الإنسان بالمصطلحات الاقتصادية .
يُعَدُّ
أُوكن من أعمدة " فلسفة الحياة " ، ويحتل مكانةً رفيعة في تاريخ الفلسفة ذات الطابع الروحي
الحياتي .
مِن أبرز مؤلفاته : وَحدة الحياة الروحية ( 1888) . النضال من أجل المحتوى الروحي من الحياة ( 1896) . توما الأكويني وكانت ( 1901) . فلسفة التاريخ ( 1907 ) ، مدخل إلى فلسفة حياة الروح ( 1909) .