وُلد
الروائي الأمريكي جيمس فينيمور كوبر ( 1789 _ 1851 ) في برلنغتون بولاية نيوجيرسي ، لوالدين ينتميان إلى جماعة الصاحبيين (الكويكرز ) المناهضين للعنف والحرب
.
كان أبوه
قاضيًا ، وعضوًا في مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس)، وحصل على ثروة كبيرة بتطوير
واستصلاح مساحات من الأراضي في ولاية نيويورك، صارت لاحقًا قرية كوبرزتاون ،
فانتقلت العائلة إليها عندما كان كوبر طفلاً، وترعرع هناك في أحضان الطبيعة .
انتسب
إلى جامعة ييل ثُمَّ طُرِد منها قبل أن يستكمل دراسته بسبب سوء سلوكه ، حيث قام
بمزحة خطيرة بتفجير باب طالب آخر. فأُرسل إلى أوروبا ليتأهل لمهنة بحرية. وفي عام
1808 أصبح ضابطًا في الأسطول البحري الأمريكي ، ثم استقال واستقر في مزرعته في
كوبرزتاون .
كتب كوبر
روايته الأولى" التأنِّي" ( 1820 )، مُقَلِّدًا أسـلوب الكاتبة الإنجليزية
جين أوستن، الذي كان رائجًا آنذاك . وعلى الرغم من فشل الرواية ، فقد وجد كوبر
المهنة المناسبة، فكتب روايته الثانية " الجاسوس " ( 1821 ) التي أوجد
فيها شـخصية هارفي بيرش جاسوس الثوار الأمريكيين . زادت رواية " الرُّوَّاد" ( 1823 ) في شُهرته
، وعُدَّت بداية لسلسلة " الجوارب الجلدية " التي صارت من معالم أدب
المغامرات الأمريكي، وتحكي عن الأمريكي ساكن الغابات ناتي بمبو الذي كان بِحُكم
صداقته مع الهندي الأحمر تشينغا تشغوك الوسيطَ بين الغزاة المستوطنين البِيض
والهنود الحمر أصحاب البلاد الأصليين . كتب أيضًا" صَيَّاد الغزلان "(
1841) التي تصف شباب بمبو. وتُعتبَر" آخر رجال الموهيكان " ( 1826 ) ،
أفضل رواياته على الإطلاق ، وكثيرًا ما تُسمَّى رائعته .وتجري أحداثها في أثناء
الحروب بين فرنسا وبريطانيا من أجل السيطرة على أمريكا الشمالية . ويصف كوبر في "
البراري " ( 1827) أيام بمبو الأخيرة صَيَّادًا في سهول الغرب الأوسط
الأمريكي الشاسعة التي وَجد نفْسه فيها، بعد أن استهلك المستوطنون البيض الغابات
في الشرق الأمريكي. كتب كوبر نوعًا جديدًا من الروايات الرومانسية عن حياة
البَحَّارة ، مِنها " الرُّبَّان " ( 1824 ) و " القُرصان الأحمر
" ( 1827 ) . وقد كان كتاب " أفكار الأمريكيين " ( 1828 ) أول أعماله النقدية، أراد به دحض ما
عَدَّه قيم أمريكا الزائفة ، وقد تعرَّض بسببه إلى نقد شديد في أوروبا وأمريكا على
حد سواء . كتب أيضًا " رسالة إلى مواطنيه " ( 1834 ) ، و" تاريخ بحرية الولايات المتحدة
الأمريكية " ( 1839 ) .
كتب كوبر
قصته الرمزية السياسية " مونيكنز " ( 1835)، وعبَّر فيها عن نظرته إلى
الحكومة والمجتمع ، بالإضافة إلى روايتَيْه " نحو الوطن " ، و "
الوطن كما وجدتُه " ( 1838) ، اللتين عكستا خيبة أمله بأمريكا وقُوبلتا
بالنقد أيضًا .
ونتيجة
لذلك عاش بقية حياته يُعاني الإحباط والقلق، ومع ذلك استطاع أن يستعيد شيئًا من
شعبيته بما نشره لاحقًا، وخاصة" مُكتشف الطريق" ( 1840 ) التي تُعَد آخر
روايات " الجوارب الجلدية "، و " رأسًا على عَقِب " ( 1850 )،
وهي مسرحية سخر فيها من الأفكار الاشتراكية .
كان
لكوبر أسلوبه الطنَّان الذي سخر منه مارك توين في مقالته الشهيرة" أخطاء
فينيمور كوبر الأدبية " ( 1895 ) . وقد بدأ النقاد الحديثون اكتشاف التركيب الداخلي المعقَّد في أسلوبه الذي
جعل كُتَّابًا مِثل غوته وبَلزاك وكونراد ، يُعجَبون به . وأُعيد تقييمه ، وعُدَّ
فَنَّانًا جِدِّيًّا ومُبدعًا في مادة رواياته التي تُعبِّر عن فهم عميق للحالة
الإنسانية .
لقد صنعت روايات كوبر الرومانسية التاريخية عن الحياة الهندية في بداية التاريخ الأمريكي ، شكلاً مميَّزًا من الأدب الأمريكي ، وهذا هو السبب الرئيسي في شهرته وريادته الأدبية .