وُلدت الروائية البريطانية دوريس ليسينغ( 1919_ 2013) في
مدينة كرمانشاه في بلاد فارس ( إيران حاليًّا )،
حيث عمل أبوها هناك كموظف في البنك الفارسي الملكي .
انتقلت
العائلة بعد ذلك إلى مستعمرة بريطانية في روديشيا الجنوبية ( زيمبابوي حاليًّا )
عام 1925، حيث امتلكت مزرعة ، إلا أنها لَم تُدر أرباحًا بعكس توقعات العائلة .
ارتادت
ليسينغ مدرسة دومينيكان كوفينت الثانوية حتى بلغت الثالثة عشرة من العمر، حيث
أكملت تعليمها بنفسها بعد ذلك.ولَمَّا بلغت الخامسة عشرة من
عُمرها، استقلت عن مَنْزل أسرتها وعملت كممرضة . وبدأت من ذلك الوقت قراءاتها في
مجالَي السياسة وعلم الاجتماع،وكان ذلك أيضًا حين بدأت أُولى محاولاتها في الكتابة
.
لقد
أظهرت ليسينغ الطفلة تمرُّدها المبكِّر على القيود الاجتماعية ، فتركت دير
الراهبات حيث كانت تتلقى تعليمها والمدرسة نهائيًّا ، وأعلنت رفضها لأعراف المجتمع
البرجوازي الذي كانت تنتمي إليه . ودخلت بعد ذلك عالَم الطبقة الكادحة ، فعملت
مُربِّية أطفال ، وعاملة في مقسم هاتفي ثم سكرتيرة . وسُرعان ما تزوَّجت للمرة
الأولى ، وكان ذلك من فرانك وسدوم، الذي أنجبت منه طفلين، قبل أن تنتهيَ تلك
الزيجة عام 1943. انضمَّت ليسينغ بعد طلاقها إلى نادي كُتب اليسار، وهو أحد نوادي
الكُتب الشيوعية، والذي تعرَّفت فيه على جوتفريد ليسينغ، والذي سُرعان ما أصبح
زوجها الثاني بمجرد التحاقها بالمجموعة، وأنجبت منه طفلاً واحدًا قبل أن تنتهيَ
تلك الزيجة أيضًا ، وذلك في 1949 .واتجهت ليسينغ مِن فَورها إلى لندن، ساعية وراء
أحلامها الشيوعية ومشوارها الأدبي . وقد تركت طفليها الأوَّلَيْن من زواجها الأول
مع أبيهما في جنوب أفريقيا ، واصطحبت معها الابن الأصغر. وقد عَلَّقت ليسينغ على
ذلك فيما بعد بأن قالت إنها شعرت في ذلك الوقت أنه لا خيار أمامها ، كما قالت : ((
لطالما ظننتُ أن ما فعلتُه هو أمر في غاية الشجاعة. فلا شيء أكثر إملالاً لامرأة
مثقفة مِن أن تقضيَ وقتها بلا نهاية مع أطفال صغار . فلقد شعرتُ أني لستُ أصلح
الناس لتربيتهم ، وأني لو كنتُ قد استمررتُ، لانتهى بي الأمر كمدمنة للخمر أو
كإنسانة مُحبَطة مثلما حدث لأمي )) .
ظلَّت ليسينغ لمدة طويلة قريبة
جِدًّا من الفكر الشيوعي، وعُرفت بنشاطها في الحزب الشيوعي البريطاني ، إلى أن
هجرته عام 1956، بعد قمع الاتحاد السوفييتي لثورة بودابست بالمجر. نتيجة للتنوع الحضاري الذي تعرَّضت
له ليسينغ خلال حياتها، فقد تمكَّنت من استخدامه بفعالية في كتاباتها، والتي كانت
تتحدث في الغالب عن المشاكل والأحداث في تلك الفترة الزمنية .
حصلت
ليسينغ على جائزة نوبل للآداب عام 2007. وقد وصفتها لجنة التحكيم السويدية بأنها
" كاتبة أخضعت بشكوكها وحِسِّها المتَّقد
وقُدرتها على الابتكار حضارةً منقسمة للفحص والتمحيص". وتُعتبَر المرأة الحادية عشرة التي تحوز على الجائزة في
فئة الآداب ، وأكبر الفائزين عُمرًا في هذه الفئة .
تُعتبَر
روايتها " مذكرات من ذهب " ( 1962) أشهر رواياتها على الإطلاق . وقد
حازت على الجائزة الفرنسية للأدب عام 1976، وهي لا تُعتبَر رواية بالمعنى
الكلاسيكي. وليسينغ نفسها ترى أن الرواية يجب أن يكون لديها بُعد اجتماعي . "
فالقضية لا تقتصر على رواية قصة بل هي أيضاً نقل للخبرة " .
الرواية
تتناول قصة ( أنَّا وولف ) ، وهي كاتبة شيوعية تعيش مع ابنها في لندن إبَّان
الخمسينيات من القرن العشرين، يعرف كِتابها شهرةً كبيرة تجني من ورائها أموالاً
كثيرة، مِمَّا يُصيبها بِعُقدة ذَنب، فتصبح عاجزة عن الكتابة ، وتصبُّ كل اهتمامها
على مذكراتها اليومية التي تُسجِّل فيها كل خواطرها ومواقفها اليومية .
القصة
ترسم بصفة عامة معالم المجتمع البريطاني مع كل تناقضاته وتحولاته التي انعكست على
المرأة بصفة خاصة في هذه الحقبة من الزمن. كما تعالج الرواية أزمة منتصف العمر
التي تجعل الإنسان يتخلى يائسًا عن أوهام شبابه .
القارئ
يخرج مُرْهَقًا مِن قراءته لهذه القصة،لأن ليسينغ تبني أحداث الرواية بمجموعة
حكايات متفرقة وغامضة، مِمَّا يجعل القارئ يعجز في البداية عن الدخول في قلب القصة
. وهو في ذلك رهينة لكتابة تحليلية مُحيِّرة ، تدور في حلقة مفرغة حتى يكتشف
أخيرًا أنه ألَمَّ بكل أطراف القصة.
مِن
أبرز رواياتها:العُشب يُغنِّي (1950).زواج ملائم(1954).مَوجة مِن العاصفة( 1958) .
مُحاط بالأرض ( 1965) . مدينة بأربع بوَّابات ( 1969) .