وُلد الأديب الأرجنتيني خورخي
بورخيس ( 1899_ 1986) في بوينس آيرس. وتُوُفِّيَ في جنيف . يُعتبَر من أبرز كُتَّاب القرن
العشرين . وواحدًا من أعظم الذين كتبوا باللغة الإسبانية في تاريخها . وبالإضافة
إلى الكتابة ، كان شاعرًا وناقدًا ، وله عدة رسائل .
كان
والده مُحَامِيًا ، وأستاذًا لعلم النفس ، وكان مصدرًا للإلهام الأدبي لابنه .
أمَّا والدته ، فقد تعلَّمت الإنجليزية من زوجها ، وعملت مُترجمةً .
أُجْبِر
والده على التقاعد في سن مبكرة نتيجة
لتدهور بصره، وهي نفس الحالة التي أصابت ابنه فيما بعد، لتنتقل العائلة إلى جنيف لتلقي العلاج
مِن قِبَل أخصائي عيون هناك، بينما كان بورخيس وأخته نورا يدرسان في المدرسة . وفي
جنيف تعلَّمَ اللغة
الفرنسية حيث واجهته
بعض الصعوبات في البداية، كما تعلم بنفسه اللغة
الألمانية وتخرج في كلية
جنيف عام 1918 .
في عام
1921، عاد بورخيس مع عائلته إلى بوينس آيرس ، وبدأ مشواره
الأدبي ككاتب ، بنشر قصائد ومقالات في مجلات أدبية . كانت أولى مجموعات بورخيس
الشعرية تحت عنوان " حماس
بوينس آيرس "
( 1923) .
في عام
1933، عُيِّن بورخيس كَمُحرِّر في الملحَق الثقافي في جريدة "كريتيكا". وفي
السنوات اللاحقة عمل بورخيس كمستشار أدبي لإحدى دُور النشر ، وكتب عمودًا أسبوعيًّا
في صحيفة " إل
هوجار " التي
ظهرت في الفترة ( 1936_ 1939) .
تُوُفِّيَ
والد بورخيس في عام 1938، وكانت هذه صدمة عنيفة في حياته ، وجاءته الصدمة الثانية
في ليلة عيد الميلاد عام 1938، فقد أُصيب بورخيس بجرح بالغ في رأسه في حادث ، وكاد
أن يموت خلال علاجه بسبب تقيُّح الدم . وقد جاءت قصته القصيرة " الجنوب
"( 1944) بناءً على هذه الحادثة . وأثناء تعافيه من الإصابة بدأ الكتابة
بأسلوب أصبح مشهورًا به ، وظهرت أول مجموعة قصصية له " حدائق الممرات
المتشعبة " ( 1941) . وبالرغم مِن تقبُّلها
الحسن لدى الجمهور ، لَم تنجح هذه المجموعة القصصية في حصد الجوائر الأدبية التي
كان العديد يتوقعها لها .
فقد بورخيس عمله، وبدأ بصره يضعف
بالتدريج، فأصبح غير قادر على إعالة نفْسه ككاتب، فبدأ عملاً جديدًا كمُحاضِر عام . ورغم وجود بعض
الاضطهاد السياسي ، إلا أن بورخيس كان ناجحًا إلى حد معقول ، وأخذت شهرته تزداد
بين الناس حتى عُيِّنَ في منصب رئيس جمعية الكُتَّاب الأرجنتينيين عام 1950 ،
وكأستاذ للإنجليزية والأدب الأمريكي ( 1950_ 1955) في الجمعية الأرجنتينية للثقافة
الإنجليزية . في عام 1955، عُيِّن بورخيس مِن قِبَل الحكومة العسكرية كرئيس
للمكتبة العامة . وكان بورخيس عندها قد فقد بصره تمامًا . وفي العام التالي ، حصل
على الجائزة الوطنية للأدب ، وعلى أول دكتوراة فخرية له من جامعة كويو . وفي
الفترة ( 1956_ 1970) تقلَّد بورخيس منصب أستاذ للأدب في جامعة بوينس آيرس ،
والعديد من المناصب المؤقَّتة في جامعات أخرى . ومعَ
كَوْنه غير قادر على القراءة ولا الكتابة ، ( ولَم يتعلم القراءة بنظام بريل ) ، كان بورخيس يعتمد على والدته التي كان دائمًا على
علاقة قوية بها ، والتي بدأت العمل معه كمساعدته الشخصية . بدأت شُهرة بورخيس
العالمية في الستينيات. ففي عام 1961، حصل على جائزة "فورمنتر"
بالمشاركة مع صموئيل بيكيت. ولَمَّا كان هذا الأخير مشهورًا عند مُتكلمي
الإنجليزية ، في حين أن بورخيس غير معروف عندهم، أخذ الفضول يدور حول هذا الكاتب
المغمور الذي شارك الجائزة مع بيكيت.وقد قامت الحكومة الإيطالية بمنحه لقب "
قائد" تكريمًا له، كما عيَّنته جامعة تكساس لسنة واحدة . وقام بورخيس بجولة
لإعطاء المحاضرات في الولايات المتحدة . ثم ظهرت أول ترجمة لأعماله بالإنجليزية
عام 1962 . ومنحته الملكة إليزابيث الثانية وسام الإمبراطورية عام 1965. في عام
1967، أرادت أُمُّه التي كانت تُناهز التسعين عامًا آنذاك، أن تجد امرأةً ترعى
ابنها بعد وفاتها . لذلك فقد قامت والدته
وأُخته نورا بترتيب زواج بورخيس من امرأة ترمَّلت حديثًا، غير أن الزواج لَم يكن
كاملاً فلم يُجامعها ، وقد عبَّر عن رأيه ذاك بِقَوله : (( المرايا والجماع أمران
مقيتان ، لأنهما يُضاعفان عدد الرجال )) .